الاتحاد

لا مناص من "الحوار مع الأعداء"... ولا جديد في انتقادات بوتين

ما هو الدرس الذي يمكن لبوش استيعابه من الاتفاق النووي مع كوريا الشمالية؟ وهل من جديد في انتقادات بوتين للولايات المتحدة؟ وماذا عن تقليص برامج "صوت أميركا" الموجهة لبعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق؟ وكيف يمكن التفاؤل باتفاق مكة؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة أسبوعية سريعة على الصحافة الأميركية.

"درس من كوريا الشمالية":

تحت هذا العنوان، وفي افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي،رحبت "نيويورك تايمز" بالأخبار التي أشارت إلى موافقة كوريا الشمالية على التحرك في اتجاه تفكيك برنامجها النووي مقابل الحصول على الوقود و"القبول الدولي"، خاصة من الولايات المتحدة. وفي حال نجح هذا الاتفاق، فإن العالم سيكون أكثر أمناً. لكن ثمة تساؤلاً يطرح نفسه: هل يتعلم الرئيس بوش من هذا النجاح المتأخر في التعامل مع كوريا الشمالية؟ وهل سيسمح بوش لدبلوماسييه بالدخول في مفاوضات مع دول أخرى أو حكومات أخرى خطيرة؟ الصحيفة أشارت إلى أن الرئيس بوش كان بمقدوره إنجاز اتفاق مع بيونج يانج قبل عدة سنوات، لكنه أصر على عدم الدخول في حوار مع من لا يحب. ما يبعث على السخرية من إدارة الرئيس بوش، أنها طالما غضت الطرف عن مصطلح "متعدد الأطراف"، في حين أنها أصرت يوم الثلاثاء الماضي على أنها لم تقدم تنازلات في أزمة بيونج يانج النووية، لأن الصينيين واليابانيين والروس والكوريين الجنوبيين معنيون بالأزمة. لا يزال هناك كثير من الفاعلين الدوليين السيئين الذي يرفض بوش الحوار معهم، كإيران مثلاً؛ فبمقدور الرئيس بوش اختبار الموقف الإيراني من خلال عقد مؤتمر إقليمي، تشارك فيه طهران لوضع حد للفوضى في العراق، مما سيقود إلى إجراء نقاش حول البرنامج النووي الإيراني، وذلك في حال تخلت واشنطن عن خططها لتغيير النظام الإيراني، واتجهت نحو التطبيع مع طهران، إذا تحكمت الأخيرة في شهيتها النووية. ويمكن للولايات المتحدة استخدام حوافز جيدة لتغيير مواقف كل من سوريا وكوبا. في المحصلة الأخيرة تأمل الصحيفة أن يستوعب الرئيس بوش درس الاتفاق مع كوريا الشمالية وهو أنه "أحياناً تكون مضطراً للحوار مع أعدائك، حتى ولو اضطرك ذلك للكز على أسنانك".

"هجوم بوتين":

بهذه العبارة، عنونت "واشنطن تايمز" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، لتعلق على الانتقادات التي وجهها الرئيس الروسي للولايات المتحدة قبل أيام في ميونخ. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن فلاديمير بوتين، ركز على الهيمنة الأميركية وتوسيع "الناتو". بوتين قال "إن الوقت قد حان للتفكير بجدية في الأمن العالمي" وتشكيل عالم متعدد الأقطاب، لكن هل يطبق الرئيس الروسي المنطق القائم على "أن شرعية اللجوء للقوة لابد وأن تكون مشروطة بموافقة الأمم المتحدة" في سياساته تجاه الشيشان؟ ويبدو أن بوتين المستاء من انهيار الاتحاد السوفييتي، يؤكد رغبته في عودة روسيا قوة عظمى على الساحة الدولية. توسيع "الناتو" يثير قلق بوتين، خاصة وأن الحلف بصدد ضم أوكرانيا وجورجيا إلى عضويته، في وقت لا يزال الكريملن ينظر فيه إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق كمنطقة نفوذ خاص له. ناهيك عن خطط أميركية رامية لنشر قوات في بلغاريا ورومانيا، فهذه الخطط يراها بوتين محاولة لنشر قوات "الناتو" على الحدود الروسية، وهو ما تراه الصحيفة مبالغة واضحة، لأنه لا رومانيا ولا بلغاريا لديها حدود مع روسيا الاتحادية. اللافت أنه لا جديد في كون أميركا تهيمن على العالم أو أن "الناتو" يتوسع شرقاً، فهذان الأمران يتواصلان منذ انهيار الاتحاد السوفييتي قبل 15 عاماً.

"صمت أميركا":

في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة، وتحت عنوان "صمت أميركا" رصدت "واشنطن بوست" افتتاحية انتقدت خلالها ميزانية الرئيس بوش لعام 2008 خاصة وأنها تقلص ميزانية البرامج التي تبثها إذاعة "صوت أميركا" في بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، من أجل تمويل برامج موجهة لمناطق أخرى من العالم. الميزانية تقترح تخفيض برامج "صوت أميركا" الناطقة باللغة الأوكرانية، وإعادة ترتيب أولويات التمويل لبرامج المحطة الموجهة إلى أوزبكستان وكازاخستان، علماً بأن البرامج التي تبثها المحطة في أوزبكستان مثلاً تمثل الطريقة الوحيدة التي يتواصل من خلالها الأوزبك مع الولايات المتحدة. ومن ثم على الرئيس بوش أن يشجع قوى الديمقراطية في أوكرانيا وكازاخستان وأوزبكستان، لا أن يقلص من مصادر هذه القوى للحصول على معلومات عن الولايات المتحدة.

"السلام الإسرائيلي الفلسطيني... البطيء":

هكذا عنونت "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، مشيرة إلى أن كلمة "اليأس" عادة ما تأتي مقترنة بـ"الشرق الأوسط" هذه الأيام، فالأميركيون يريدون الخروج من العراق، والإيرانيون يريدون التحول إلى قوة نووية، واللبنانيون يتظاهرون في الشوارع، والصراع العربي- الإسرائيلي، مرشح للاستمرار لمدة 60 عاماً أخرى. وحسب الصحيفة، فإن اتفاق مكة الذي أقرت خلاله "حماس" و"فتح" ترتيبات لاقتسام السلطة، وشمل التزاماً من "حماس" للمرة الأولى، باحترام الاتفاقات التي أبرمتها السلطة الفلسطينية سابقاً مع إسرائيل، يعد تطوراً إيجابياً، يستوجب ردود فعل إيجابية أيضاً من الأميركيين والإسرائيليين، تتوقع الصحيفة أن تكون الفرصة سانحة لها يوم الاثنين المقبل، أثناء القمة الثلاثية المرتقبة التي ستعقدها وزيرة الخارجية الأميركية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت. في الحقيقة -تقول الصحيفة- إن التدخل السعودي أوضح كيف أن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، لا يزال محوراً رئيساً يحدد مستقبل الشرق الأوسط ويؤثر في الوقت ذاته على الحملة الأميركية ضد "الإرهاب الإسلامي"، وأن على الحكومات العربية السُّنية التحرك بطريقة أكثر إيجابية من أجل تدشين الدولة الفلسطينية والحيلولة دون تمديد إيران لنفوذها الإقليمي في المنطقة، لاسيما وأن طهران تمول "حماس". الصحيفة تأمل في أن ترتب حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية إجراءات تسليم الأسير الإسرائيلي "جلعاد شاليت". أما إسرائيل فهي في حاجة إلى تقديم تنازلات خاصة في مستوطنات الضفة الغربية وفي الحواجز العسكرية، كي تقوي موقف الفلسطينيين المعتدلين المؤمنين بنجاعة الحلول السلمية للصراع، وأن هذه الحلول لا الهجمات على المدنيين الإسرائيليين، ستقود الفلسطينيين نحو بناء دولة ذات سيادة، خاصة وأن الشرق الأوسط سيصبح مكاناً أكثر أمناً بالنسبة للإسرائيليين، في حال التوصل بسلاسة إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويبدو أن "حماس" في حاجة إلى سماع أصوات المعتدلين الفلسطينيين إذا كانت لديها رغبة في الفوز بأية انتخابات فلسطينية مقبلة. الصحيفة تفاءلت باتفاق مكة كونه سيشجع المجتمع الدولي على تقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين، مما يعزز موقف الرئيس محمود عباس عند الدخول في مفاوضات مع إسرائيل. من الواضح أن الأمل في تغيير "حماس" لموقفها تجاه إسرائيل، يتطلب تقديم حوافز في غاية الدقة، وإذا كان السعوديون قد قدموا المساعدة، فإن على الولايات المتحدة والدولة العبرية التحرك في الاتجاه ذاته.