لم يكن عليه أن يتذكر ... فيلقى أوامره بـ"فتح تحقيق"!! فـ"نوري المالكي" لا يملك ذاكرة خاصة، وهو معفي من الصور التي تعيد تكوين العراق... والمسألة لم تعد تحقيقا يغير صورة "الاغتصاب الجماعي"... ربما أشعر بالإذالال والقهر، ولكن الأقسى أنني لا املك سوى أدوات محدودة لتفجير الغضب أو لرسم علائم من الأسى على عراقنا الحزين، فبعد "أول" اغتصاب ينتهي الشعور بأن غرباء ينتهكون كياني، وتصبح "الحفلة" مزاجا يغتال الوطن أو يغتالني...

لست قلقة .. أو مرتبكة، فظهوري على شاشات التلفزة صورة فاقعة للزمن الجديد، عندما نعود إلى "مجسمات" تيمورلنك وهولاكو، لكن بزي مبرقش أحيانا أو يحمل ملامح القرن الواحد والعشرين.. فحفلات الاغتصاب ربما تنهمر علينا أكثر من الخطط الأمنية التي تسبق الجميع لتعيد كتابة عالمنا المعاصر بألوان صفراء، فأنا والذكور في حلبة صراع لا تنتهي.. لكنني أقف فجأة واكتشف أن عدسات المصورين تنتظر "فضيحة" من نوع آخر.. فبعد استباحة الوطن كل شيء جائز...

أتلهى بالصور التي تشطب زمنا واحدا، لأنني لا أريد تذكر "وجوه الاغتصاب"، بل حفرها على ذاكرة الوطن لتصبح نصبا ربما يضاهي بأهميته "قصر نمرود"... فهل سيأخذني "المتحف البريطاني" ويعرضني في ردهاته كما فعل بمعظم الآثار العراقية...

أنا بالفعل "أثر"... صورة لا تزول من على وجه الرافدين ... فما بين الاغتصاب والحياة تنتهي الأنوثة وربما يصبح الحب فعلا نمنحه للمرتزقة الجوالين ما بين الأنبار والموصل، أو المنتشرين في الأحياء ينتظرون لحظة اغتصاب جديدة..
وأنا "أثر" لأنني كل ما تبقى من صرخات الإناث وهم يودعون أحبائهم بعد تفجير حاقد أو غزوة يقوم بها الجنود الأمريكيون متمثلين نفس الصورة التي تنقلها "القاعدة" أو غيرها من الملامح التراثية في عصر العولمة...

وأنا "أثر" أيضا لأنني أبكي أحيانا فتبقى دموعي شعارا لمراحل "الاستقلال" و "الديكتاتوريات" وأخيرا "الديمقراطية" الملطخة بدم عذريتي.. لكنني بالفعل لم أكن أهوى هذه العذرية التي يتلقفها الرجال وكأنها عنوان المرحلة الجديدة من حفلات اغتصاب الأوطان والحريات والإناث..

لم أكن أعرف أن "الجنود" لا يختلفون مهما كانت جنسياتهم... فعندما تصبح الاستباحة ملامح "العراق الجديد"... أو "مخاض الشرق الأوسط الجديد" ... فإننا نقف في عصر انتهاء التمايز لأن الاستباحة تصبح جائحة تجتاح الجميع.