سأحاول الاختصار.. لأن "تبرئة" المغتصبين ليست حكرا على بيان رسمي يصدر عن الحكومة العراقية، فهذه "التبرئة" سمة اجتماعية تغار من ألوان الطيف فتحاول الابتعاد عنها ثم رميها بقذائف حارقة.. فما فعله المالكي لا يتعلق بصحة "الاتهام" أو عدمه، لأن عمليات الاغتصاب لا تجري على مساحة سيدة عراقية اتهمت قوات الأمن باغتصابها، فهو حالة دائمة تقوم على "التجريم" ثم الهروب... وعلى كتابة العلاقات السياسية و.. الإنسانية على خلفية "البراءة"...

العراقيات ليسوا استثناء فالقاعدة أن "البراءة" شهادة يرفعها الجميع في العلاقات الإنسانية، ثم يلوحون بانهم أكثر من "أطفال" .. لكن سمة "العلاقات" معرفة.. والإناث ليسوا "ذكورا" مخصيين، بل هم تفاصيل في الخارطة البشرية التي تظهر العراق واحدة منها...

وسأحاول الاختصار.. لأن المسألة لا تتعلق بشرف مهدور... والاغتصاب يتم على مساحة التعامل اليومي بين البشر .. ذكورا وإناثا.. دولا "مارقة" وأخرى "مهادنة".. ولكنني استطيع رؤية الجميع كما يرونني فاتعرف على حضارة أخرى داخل عيونهم بدلا من اغتصاب سماتهم وأفكارهم.

في العراق لا يوجد نموذج لـ"نفسي".. فالأنوثة لا تدخل نزعة إلى عقلي، لكنها إحساس بأنني أحاصر شخصيتي أحيانا، ويحاصرني الآخرون أيضا في علاقة لا يوجود فيها غالب أو مغلوب، بل قوة في قدرتنا على تجاوز "الاغتصاب"..

ما يوحيه المالكي مساحة صفراء لعدم قدرته على فهم "الحدث" الذي تناقلته وسائل الإعلام.. لأننا انتقلنا سريعا إلى أحداث مذهبية.. بينما "الاغتصاب" لا يدرك مذهبا أو جنسا، أو في انتهاء العقل إلى مساحات رد الفعل ...

اعتذر من كل الإناث والذكور.. نيابة عن "المالكي.. لأنه اختصر الحياة بصك براءة، وأعاد العلاقات بعنفها وطراوتها إلى أشكال لا يمكن أن تصبح صورة للمستقبل الذي أحلم به.. يحلمن به، أو يحلم به كل ذكور العالم. ففي دفاعي عن الأنوثة أكسر "النزعة" الأنثوية لأنني أدافع عن الرجال ضد الاغتصاب.. وضد انتهاء الصور إلى اعتقال للرغبات والفكر... فألوان العلاقات تنتقل من العراق إلى دمشق ومن البشر إلى السياسة.. ومن قدرة المالكي على منح صك البراءة إلى قدرتنا على تحمل الموت والاغتصاب لأننا نعرف أن الحياة أوسع من حادثة واحدة غرست في صدورنا ألما لا يحتمل!!!!