الوطن القطرية / هانز بليكس

هل ستستخدم الولايات المتحدة القوة المسلحة ضد ايران؟ ليس هناك الآن قضية في الشؤون الخارجية الدولية اشد سخونة من هذه القضية.

تشير تقارير الى ان طائرات اميركية تقوم بتنظيم دوريات جوية على الحدود بين العراق وايران كما خولت القوات الاميركية بقتل اي عملاء ايرانيين يتم العثور عليهم في العراق.

وهناك حاملتا طائرات اميركيتان تمخران عباب الخليج وتم تركيب نظام للدفاع الصاروخي في بعض دول الخليج عملية الحشد العسكري هذه يقصد منها اما اخافة ايران اوالاستعداد لشن هجمات اميركية على ايران.

الكثيرون يتذكرون بدء الحشد العسكري الاميركي في خريف عام 2002 وخلال الاشهر الاولى من عام 2003 هاجمت الولايات المتحدة العراق وتحديدا في مارس فهل سيتكرر نفس السيناريو تقريبا؟

معظم المعلقين يقرون ان غالبية الرأي العام الاميركي لا توافق على ارتكاب المزيد من المغامرات العسكرية ويتخوف الكثيرون من ان تتخذ الادارة الاميركية انشطة ايران الحالية كذريعة لضرب ايران على اعتبار انها المتسبب الاول في بث الفوضى في العراق والعمل بالتالي على لفت الانظار بعيدا عن العراق بفتح جبهة اخرى عبر قصف ايران.

الكثير من الحكومات في العالم تشاطر ادارة بوش اعتقادها ان البرنامج النووي الايراني ليس سلميا وانما يهدف تمكين ايران من انتاج اسلحة نووية خلال السنوات القليلة القادمة هذه الدول تدعم طلب مجلس الامن من ايران بالتوقف عن عمليات تخصيب اليورانيوم واذا لم تتوقف فان فرض عقوبات اقتصادية وحظر وصول بعض المعدات والمواد الى ايران قد يكون له تأثير عليها وعلى مواقفها وسياساتها.

وليس هناك ادنى شك في ان الجميع متفقون على ان نتائج اي هجوم عسكري ستكون كارثية.

اي هجوم عسكري قد يؤخر برنامج تخصيب اليورانيوم الايراني لسنوات قليلة ولكنه سيؤدي في نفس الوقت الى دفع جميع فئات المجتمع الايراني للوقوف خلف البرنامج النووي وربما يدفع ايران لزيادة دعمها للارهاب وربما التسبب أيضا بخلق ازمة في امدادات النفط.

رد ايران على مجلس الامن تمثل في تقليل وصول مفتشي الامم المتحدة للمواقع النووية الايرانية وفي نفس الوقت تعلن ايران باستمرار عن استعدادها لاجراء مفاوضات مع اشتراط إسقاط الشرط المتعلقة بوقف تخصيب اليورانيوم قبل بدء أي مفاوضات.

ايران تسير بالتالي على خط المواجهة مع القرار الذي صدر عن الامم المتحدة.

في اوروبا وفي اماكن اخرى من العالم تتخوف الشعوب من ان يؤدي حدوث اي نزاع مسلح الى انسحاب الايرانيين من معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية او رفض قيام وكالة الطاقة الذرية الدولية بعمليات تفتيش على اراضيها.

وعليه ما العمل؟

في حالة كوريا الشمالية اظهرت الولايات المتحدة الرغبة والارادة في الجلوس والتحدث دون وضع شروط مسبقة مثل التوقف عن انتاج البلاتينيوم ويمكن للاتفاق الذي تم التوصل اليه ان يكون بداية لاقامة علاقات دبلوماسية وتقديم ضمانات بعدم شن اي هجمات عسكرية على كوريا الشمالية في المستقبل.

من الصعب في حالة ايران فهم السبب الذي يدعو اميركا لوضع شروط مسبقة تتمثل بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم اولا قبل اجراء اي محادثات منذ وقت قصير أي منذ عدة اشهر ذكرت لجنة بيكر- هاملتون انه من الضروري ان تعمل الولايات المتحدة على الانخراط في محادثات مع ايران وسوريا.

وبالرغم من الاوضاع الصعبة التي تعيشها ادارة بوش في العراق فان هذه الادارة تفضل التخاطب مع ايران وسوريا عبر البيانات العامة والتهديدات العسكرية.

علينا ان نعمل على أن نأخذ بمفهوم جديد اكثر فاعلية وقد سبق الاخذ بهذا المفهوم واثبت جدواه في حالة كوريا الشمالية فلماذا لا نجرب ذلك مع ايران ايضا؟

هل الاوروبيون حقيقة معنيون بمنع حدوث حرب بين الولايات المتحدة او اسرائيل مع ايران؟ واذا ما خير الاوروبيون بين تقليل التجارة مع الجمهورية الاسلامية او رؤية اميركا او اسرائيل وهي تضرب المنشآت النووية الايرانية فما الذي ستفضله لندن وباريس وبرلين؟

هذه الاسئلة مهمة وهي واقعية فلقد سبق للاوروبيين «مجموعة الثلاث» ان بدأوا باجراء مفاوضات مع النظام الحاكم في طهران في عام 2004 ويمتلك الاوروبيون بالتأكيد قدرا من النفوذ والتأثير على طهران.

منذ عام 2002 بدأ يظهر للجميع ان ايران تمتلك نظاما سريا للابحاث النووية مما دفع الاوروبيين للتحرك دبلوماسيا من اجل منع الولايات المتحدة واسرائيل من التحرك عسكريا لاجبار ايران على عدم المضي قدما في تحقيق طموحاتها النووية.

ومن الواضح لدى اغلب المحللين ان واشنطن واسرائيل لا ترغبان في مهاجمة ايران ولكن علينا ان نعي انه كلما نشطنا دبلوماسيا كلما حلنا دون اللجوء للخيار العسكري. النخبة السياسية الاوروبية تتفق في معظمها على ما ذكره الرئيس شيراك عندما قال انه ليس هناك مشكلة اذا امتلكت ايران قنبلة او قنبلتين نوويتين.

هاتان القنبلتان ستعطيان ايران الردع الذي تريده لمنع الولايات المتحدة او اسرائيل من مهاجمتها.

ولكن ماذا لو كانت اميركا واسرائيل لا تنظران الى هذا الامر من هذه الزاوية؟ الرئيس بوش والكثير من الاميركيين يرون ان قضية الردع في حالة ايران شيء لا اخلاقي واسلوب غير فعال كون ايران «دولة راعية للارهاب».

ان ما يخيف الولايات المتحدة واسرائيل ليس وجود ايران النووية بل الخوف كل الخوف من ان تندفع دول عربية للحصول على السلاح النووي مما قد يهدد امن اسرائيل.

في عام 2003 وعندما خشي الاوروبيون من قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة لايران دخل الاوروبيون في مفاوضات جادة مع طهران واستخدام سلاح الجزرة والتلويح بالعصا لاقناع ايران بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم ان المضي قدما باستخدام عقوبات اشد لا يزال يشكل فرصة حقيقية وذلك بالتعاون عبر الاطلسي والفشل في فعل ذلك يعني ان الانقسام الاميركي- الاوروبي لا يزال قائما.