النهار

خصصت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها امس للقمة الثلاثية التي عقدتها وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس مع رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورأت فيها رغم كل الانتقادات فرصة للرئيسين الفلسطيني والاسرائيلي لتسوية مشكلاتهما الداخلية قبل البدء الفعلي بالبحث في عملية السلام.
وكتبت: "ان كل من يدعم الحوار المباشر بين الزعماء الفلسطينيين والاسرائيليين والذين يقدرون المساعي الأميركية لحل النزاع الاسرائيلي - العربي لا يمكن الا أن يثنوا على اصرار وزيرة الخارجية الاميركية على عقد القمة الثلاثية في القدس. لقد اقترح رئيس الحكومة أولمرت تأجيل القمة رداً على توقيع اتفاق مكة والتعاون السياسي بين فتح وحماس. لكن رايس أصرت على المجيء الى المنطقة والجمع في حضورها بين أولمرت وبين محمود عباس.
لقد فشلت الخطة الاصلية لرايس في ان تؤدي القمة الى احياء عملية السلام بزعامة الولايات المتحدة في اعقاب اتفاق مكة، ورفض حماس الموافقة على مبادئ اللجنة الرباعية وفي مقدمها الاعتراف باسرائيل. وبدلاً من تخصيص القمة لمناقشة أسس صورة الدولة الفلسطينية المستقبلية من اجل وضع مسار "الأفق السياسي" الذي يعزز القوى المعتدلة والمؤيدين للتسوية في الجانب الفلسطيني، تمحورت على تبادل الاتهامات بين اولمرت وعباس. وعرض رئيس الحكومة سلسلة من الاختبارت اللفظية والعملية للحكومة الفلسطينية الجديدة شرطا لأي تقدم سياسي، ورداً على ذلك اتهمه رئيس السلطة بخرق تعهداته، وشرح السبب الذي جعله يمضي في الاتفاق المختلف عليه مع حماس وطلب الانتظار لرؤية كيف ستتجاوب الحكومة الجديدة في السلطة مع المطالب الدولية.
وحتى لو كان من الصعب رؤية انجازات ديبلوماسية او منعطف في القمة الثلاثية، تبقى لها بضعة نتائج مهمة. اولاً: أظهرت رايس انها تلتزم كلمتها ومستعدة لتوظيف الوقت والجهد من اجل الدفع في اتجاه الحل القائم على الدولتين، وحتى عندما يبدو ان احتمالات التقدم ضئيلة وأنها قد تتعرض لانتقادات من واشنطن لمجرد مجيئها الى الشرق الاوسط. ثانياً: الزيارات المتلاحقة لوزيرة الخارجية الاميركية الى القدس تسمح لأولمرت المحافظة على وقف النار في غزة وتساعده في جبه الضغوط والدعوات في الجيش والحكومة لشن عملية عسكرية واسعة في القطاع. ثالثاً، وجود رايس في الغرفة يفرض على اولمرت وعباس تجديد التزامهما "خريطة الطريق" ويجبر اسرائيل على التخفيف من ضائقة الفلسطينيين الاقتصادية ولو ببطء.
لقد منحت القمة أولمرت وعباس مهلة لبضعة أسابيع لمعالجة مشكلاتهما الداخلية قبل ان يتفرغا مجدداً لدفع العملية السياسية. وهما يعلمان ان رايس ستتابع تصرفاتهما وستعود قريباً الى جولة محادثات جديدة في المنطقة. بالنسبة الى رايس زيارة القدس هي مناسبة جيدة للتعرف الى الازمات السياسية من قرب في كل من اسرائيل والسلطة الفلسطينية وللحصول على معلومات من منبعها الاول، وليس من تقارير. من المهم دعم اللحظة الديبلوماسية والمحافظة عليها حتى عندما تكون الظروف صعبة ولا تسمح بتقدم حقيقي".