اذا قررنا أو قدرنا ان الثقافة هي الاداء المعرفي للبشر في المجتمع، أي ان التصرف البشري محكوم تماما بثقافته، وأن الفروقات الثقافية هي الصانع للتمايزات المجتمعية بصفاتها المعلنة، والناتجة عن البيئة والتضاريس والحاجات ودرجة الولوج الى وفي المعاصرة، فإننا نستطيع إعادة طرح بعض الأسئلة حول "دمشق عاصمة للثقافة العربية".

ربما كانت فكرة توحيد او تجميع أو تأطير الثقافات بصفة واحدة ، كأن نقول ثقافة عربية ، او ثقافة امريكية لا تينية، (طبعا التين ليس له علاقة) أو ثقافة متوسطية، تدعونا للبحث عن قاسم مشترك يربطها وألأهم هو البحث عن الاسباب ومدى جديتها ، والاهم مدى فائدتها لهذا التجميع والتوحيد، على الرغم ان انفتاح الثقافات على بعضها هو شأن ايجابي بالمطلق شرط أن يكون مفيدا، وليس تمييزيا أو توفيقيا يلوي عنق الحقائق.

من هنا يبدو السؤال مشروعا لأن الاجابة تقتضي الانضواء في صيغة توحيدية عليها استحقاقات جمة في مواجهة العصر والمصير ، والسؤال هو هل حقا هناك ثقافة عربية؟ وهل هي ثقافة عربية واحدة على الرغم من تنوعها المسبب ، ؟، وهل تكفي اللغة (بغض النظر عن كمية وكيفية استعمالها) لأنتاج ثقافة مترابطة الى حدود هذا الانضواء ؟ والسؤال مكرر على التاريخ ايضا اذا قررنا ان الثقافة هي نتاج تراكم تاريخي (ما) ؟ ليبدو عنوان الاحتفالية (عاصمة للثقافة العربية) مشروطا بأن يكون هناك ثقافة عربية ! وأن تكون ثقافة دمشق هي ثقافة عربية فقط ! وهما شرطان يجب قرائتهما بحياد وايجابية وبعيدا عن السياسة والايديولوجيا.

من المريح ان يكون هناك اجابة على هكذا اسئلة ، لأن المسلمات ليست بالضرورة صحيحة، ونتائجها قد لا تكون اقل من خطيرة .