هيلاري "ترفض" الاعتذار... وحماية حقوق "السجناء الأجانب" مهمة عاجلة للكونجرس

ما هي أصداء قرار لندن سحب بعض قواتها من العراق؟ وكيف ستتضرر "هيلاري" من رفضها الاعتذار عن تأييدها لقرار الحرب على العراق؟ وما هو دور الكونجرس في حماية حقوق المعتقلين الأجانب؟ وهل يفلت أمراء الحرب السابقون في أفغانستان من المحاسبة على جرائمهم السابقة؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن قراءة سريعة للصحافة الأميركية.

الوجود البريطاني في العراق:

حول هذا الموضوع، خصصت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، لتعلق على قرار بريطاني بسحب 1600 جندي من إجمالي قواتها في العراق البالغ عددها 7100 جندي. القرار ترى الصحيفة أنه خبر لن يلقى ترحيباً من الرئيس بوش سواء من الناحية العسكرية أو السياسية. هذه ليست المرة الأولى التي يخفض فيها البريطانيون قواتهم في العراق، التي كان عددها أثناء الغزو 40 ألف جندي، لكن قرار التخفيض يأتي هذه المرة في وقت يسود العنف فيه أرجاء العراق، وتتصاعد فيه حدة الانتقادات المناوئة لحرب بوش الكارثية على العراق. القرار يأتي في وقت يستعد فيه رئيس الوزراء البريطاني لترك منصبه، وهو يدرك جيداً مدى تأثر شعبيته وتركته السياسية برمتها من جراء المشاركة في هذه الحرب. وعلى صعيد آخر قررت الدانمرك التي لديها 460 جندياً في العراق يعملون تحت إمرة القوات البريطانية بأنها ستسحب قواتها من بلاد الرافدين بحلول أغسطس المقبل، في وقت تتعرض فيه "البنتاجون" لضغوطات شديدة سواء في إرسال قوات جديدة إلى بلاد الرافدين أو في التعجيل بسحب هذه القوات وإعادتها إلى الولايات المتحدة. وحسب الصحيفة، يبدو أن البيت الأبيض يريد أن يترجم قرار بلير بأنه يشي بـ"تحسن ما في البصرة"، ثاني أكبر المدن العراقية، والتي تقع، منذ الغزو، ضمن نطاق مسؤولية القوات البريطانية، وضمن هذا الإطار تأتي تصريحات لـ"ديك تشيني"، الرجل الذي تصفه الصحيفة بالابتعاد عن الواقع، مفادها أن سحب بعض من القوات البريطانية يعني أن الأمور في بعض أجزاء من العراق تسير على ما يرام. وحسب الصحيفة، بغض النظر عن عدد القوات البريطانية في البصرة، وبغض النظر عن عدد القوات الأميركية في بغداد، فإنه لا يوجد شيء في بلاد الرافدين يسير على ما يرام.

جرائم الساسة في أفغانستان:

سلطت "لوس أنجلوس تايمز" الضوء في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي، على تورط بعض البرلمانيين الأفغان في جرائم حرب، مشيرة إلى أن أفغانستان غير جاهزة الآن لمحاكمة هؤلاء الساسة. الصحيفة تساءلت: كيف يتسنى لحكومة مقاضاة أناس على جرائم ضد الإنسانية في حين أن بعض المشتبه في ضلوعهم في هذه الجرائم يسعون إلى أن يكونوا أعضاء في هذه الحكومة؟ هذا التساؤل يواجه أفغانستان الآن، لاسيما وأن بعض الرجال المشتبه في ضلوعهم في جرائم قتل واغتصاب يتمتعون الآن بعضوية البرلمان الأفغاني ويتبوءون مناصب رسمية عليا في الحكومة الأفغانية. المشكلة كيف يتم التعامل مع هؤلاء المشتبه فيهم، لاسيما وأن البرلمان الأفغاني بمجلسيه قد وافق على قرار يعفو عنهم، وهذا القرار سيصبح قانوناً إذا أقره الرئيس الأفغاني حامد قرضاي. تمرير هذا القرار في البرلمان الأفغاني لم يكن مفاجئاً لأن من قاموا بالتصويت عليه كانوا في السابق أمراء حرب.

"مهمة تشريعية":

هكذا عنونت "واشنطن بوست" افتتاحيتها يوم أمس الجمعة، لتصل إلى استنتاج مفاده أن على مشرعي الولايات المتحدة في الكونجرس ألا يتوقعوا من المحاكم تصحيح الخطأ المتمثل في حرمان المعتقلين الأجانب من حقوقهم القانونية الأساسية. الصحيفة أشارت إلى أنه خلال اليوم الأول من انعقاد الكونجرس، أعلن عضوان من مجلس "الشيوخ" أنهما بصدد إعادة النظر في القرار الذي اتخذه الكونجرس السابق -ذو الأغلبية "الجمهورية"- وبمقتضاه تم حرمان السجناء الأجانب القابعين في معتقل جوانتانامو من حقهم في المثول أمام القضاء للطعن في اعتقالهم. أحد الأعضاء هو السيناتور "أرلين سبكتر" وهو "جمهوري" من ولاية بنسلفانيا، تنبأ بأن المحاكم ستقر بعدم دستورية اللجان العسكرية التي تحرم المعتقلين من حقوق التقاضي. بينما يتبنى السيناتور "باتريك ليثي" وهو "ديمقراطي" ويترأس لجنة الشؤون القضائية بمجلس الشيوخ، مشروع قانون يسمح للمعتقلين بالحق في الطعن في قرار اعتقالهم. الآن أصبح تنبؤ "أرلين سبكتر" في غير محله، لأن (محكمة الاستئناف الأميركية– فرع واشنطن) العاصمة -أقرت الأسبوع الماضي دستورية قرار الكونجرس الخاص بتشكيل لجان عسكرية لمحاكمة معتقلي جوانتانامو، ومن ثم لم تُحِلْ المحكمة عشرات القضايا الخاصة بهؤلاء المعتقلين إلى المحاكم الفيدرالية. قرار محكمة الاستئناف الأميركية ستتم مراجعته في وقت لاحق بمحكمة الاستئناف العليا، لكن على الكونجرس ألا ينتظر حتى تصدر المحكمة العليا قرارها، بل عليه التحرك بسرعة لإصدار قرار يمكِّن المعتقلين من حق الطعن في قرارات اعتقالهم، وبدلاً من الانتظار، على الكونجرس تصحيح الخطأ الذي ارتكبه، عندما صوت 51 عضواً ضد مشروع قرار تقدم به "ألان سبكتر" يقضي بمنح السجناء الأجانب حق الطعن في قرارات اعتقالهم لفترات غير محدودة، ودون أي محاكمة. ففي هذا لتحرك ما يضمن مصالح الكونجرس الأخلاقية المتمثلة في ضمان مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان.

هيلاري ورفض الاعتذار:

ضمن عموده الأسبوعي المنشور يوم أمس الجمعة في "كريستيان ساينس مونيتور"، وتحت عنوان "هل سيتقبل الناخبون رفض هيلاري الاعتذار؟"، لفت "دانيل شور" الانتباه إلى أن تصويت السيناتور هيلاري كلينتون التي تتأهب لخوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب"الديمقراطي" لصالح منح الرئيس بوش تفويضاً باستخدام القوة ضد العراق، ربما يكون سبباً في خسارتها السباق الرئاسي. الكاتب، يرى أن بعض مؤيدي "هيلاري" حذروها من أنها ستتضرر، وربما لن تكون في صدارة هذا السباق، إذا رفضت تقديم اعتذار صريح ومباشر، عن تصويتها في مجلس الشيوخ لصالح استخدام الرئيس بوش القوة ضد العراق. مواقف هيلاري من قرار بوش استخدام القوة ضد العراق كان كالتالي: في 2002 أيدت القرار وصوتت لصالحه، وفي 2003 أكدت دعمها للقرار، وفي 2004 قالت إنها "لن تتأسف على منح الرئيس صلاحية شن الحرب لأن الأمر وقتها كان يتعلق بأسلحة دمار شامل...". وفي 2005، قالت "لو تم سؤال الكونجرس، في ظل المعلومات التي بتنا نعرفها الآن، لما كان بمقدورنا التصويت لصالح قرار الحرب". وفي فبراير 2007 صرحت هيلاري أثناء وجودها في "نيوهامبشاير" بأنها "لن تصوت بهذه الطريقة ثانياً..". ورغم هذا التصريح الأخير بدا واضحاً أن هيلاري لا تنوي الاعتذار عن تأييدها لقرار الحرب، ومن ثم على مؤيديها انتظار عواقب ما قد يسفر عنه رفض هيلاري إبداء الندم أو عدم التلفظ بعبارة "إني آسفة".

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)