انطلق مثقفون ونواب ومسؤولون سابقون سوريون من «خيمة التحالف» السوري - الايراني، ليفاجئوا مسؤولاً - باحثاً ايرانياً بجملة من «الهواجس الجريئة»، مطالبين بموقف علني من القيادة الايرانية في شأن قضايا تدور في الشارع، بدءاً من حملات تشييع في العالم العربي ومروراً بموضوع الجزر الاماراتية الثلاث وانتهاء بأسباب عدم اصدار المرجع الشيعي علي السيستاني فتوى لمقاومة الاميركيين.

جاء ذلك في جلسات حوارية جرت قبل يومين بين نائب وزير الخارجية الايراني منوشهر محمدي وباحثين ومسؤولين سوريين، بينها واحدة نظمها «المركز العربي للدراسات الاستراتيجية».

وقال النائب محمد حبش: «نعلم ان ايران ضرورية لسورية كما ان سورية ضرورية لايران. فإن قيادتينا انجزتا اتفاقات طليعية ذات تأثير كبير وهي موجعة للأميركيين. ونحن كباحثين، إضافة الى تقديم المشورة، نتعاطى مع شارعنا لشرح أهمية المحور السوري - الايراني»، مشيراً الى وجود «اتهامات بأن ايران معنية بنشر المذهب الشيعي في سورية»، مع ملاحظته ان اميركا «تريد مباشرة اشعال الفتنة الطائفية» وان التجاهل الرسمي الايراني لهذا الموضوع ليس مفيداً لأن «المطلوب من ايران موقف يقول انها مهتمة بالشأن السياسي وليس بالخلاف المذهبي».

لكن محمدي، دعا حبش والباحثين الآخرين الى ضرورة «التوحد» لأن هدف الأطراف المعادية بث الفرقة وفق مبدأ «فرق تسد»، قبل ان يقول: «لا نسعى لأن نجعل من السني شيعياً. ولا نعرف ان هناك حركة كهذه. في الحقيقة، نحن لا ننظر الى الخلاف على انه خلاف في العقيدة، بل انه اختلاف في وجهة النظر السياسية».

وهنا تدخل مدير المركز وزير الصناعة السابق عصام الزعيم، ليقول ان جوهر الاختلاف بدأ بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث «ظهر شقاق ليس خافياً علينا»، قبل ان يرى ان «إفشال محاولات التفتيت يكمن في توحيد النضال ضد الاحتلال الاميركي في العراق وتجاوز أي نزاع طائفي». وزاد: «من المهم ان يجري التركيز على تحالف وطني بين السنة والشيعة لإنهاء الاحتلال الاميركي».

وكان وزير سوري سابق آخر طالب محمدي بأن تلعب بلاده دوراً لدى المرجع الشيعي علي السيستاني كي يصدر فتوى تحض الشيعة على مقاومة الاحتلال الاميركي للعراق باعتبار ان ذلك «يدرأ الفتنة الطائفية».

وكي يدلل على عمق هواجس الناس في الشأن المذهبي، قال وزير النفط السابق مطانيوس حبيب: «انا لست مسلماً. انا عربي مسيحي واتهمت بأنني شيعي لأنني دافعت عن موقف ايران»، كي يصل الى استنتاج مفاده ضرورة «أخذ هموم السنة في سورية في الحسبان، لأنها لا تعبر عن موقف المثقفين بل رأي الشعب، ما يتطلب موقفاً واضحاً لقطع دابر الفتنة».

في المقابل، تقصدت باحثة أخرى «تجاهل قضية السنة والشيعة» لتفتح موضوع الجزر الاماراتية الثلاث، مطالبة بموقف لأن «الصمت نقطة قاتلة واستعدائية تجاه ايران، وتعيد للذهن العربي ان ايران تريد استعادة أمجاد فارس والحضارة الساسانية، ونحن نحترم الحضارة الساسانية».

لكن محمدي، اقترح ايضاً العودة الى الجذور وهو أن «نعرف جبهة العدو وجبهة الصديق. نحن نعرف العدو من الصديق. جبهة العدو هي الاستكبار»، قبل ان يقول ان الغرب أعطى الجزر الى ايران زمن الشاه وأن إعادة طرحها تستهدف «بث الفرقة». وزاد ان أي تغيير في وضعها في ضوء وجود قواعد اميركية سيكون في خدمة اميركا. ويبدو ان حبيب لم يقتنع كثيراً بالاجابة، فانطلق من المثل القائل «صديقك من صدقك وليس من صدّقك»، ليقول: «أتمنى ان لا يتم التركيز على أن الثورة الايرانية تريد الحفاظ على الوضع السائد لأنه ليس في مصلحة العرب ولا بمصلحة ايران ولا التقارب الاسلامي بمجمله».

وبعدما قالت الدكتورة في جامعة دمشق انتصار حمد ان الحاضرين «ليسوا بحاجة للتأكيد على اننا في خندق واحد»، عادت الى التمييز بين موقف الشيعة في العراق والشيعة في لبنان لتقول: «صحيح ان هناك تيارات مقاومة (في العراق) لكن الساحة الأكبر للتيارات الداعمة للاحتلال أو المتعاونة معه. وتوجه اليهم تهم تقوم على تهجير السنة وتفتيت العراق، ودعوات (رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية) عبدالعزيز الحكيم معروفة لإقامة اقليم شيعي في الجنوب. هذه الدعوات تثير هواجس لدى العرب من ان هناك طرفاً ايرانياً يقف وراء ذلك».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)