لا حاجة لصياغة تعاريف، لن الجديد لا يعرف بضده، إنما بالصورة التي يتركها على مساحات حياتنا... وربما ننتظر الأعوام ونحن نشاهد قدرة على الآخرين على رسم مساحة المواطن على شاكلتهم، فيكتبون "الإصلاح" و "الصلاح" وفق اللون الذي اختاروه، منذ أن اصبح اقتناص الفرص واقعا في تفاصيل الحياة...

وأول اغتيال للجديد، أو "الإصلاح" كمات ظهر قبل ست سنوات، كان بمنحه مساحة "الفردوس" المفقود، فأصبحت متابعة هذا الحلم غاية نحاول استنطاقها من المسؤولين الرسميين، او حتى بالتعامل مع الإحياء الذي يعطيه أي تصريح أو حديث أو لقاء تلفزيوني... لكن المسألة باتت اعقد بكثير من اللحظات التي تم فيها إطلاق المصطلحات، لأننا اكتشفنا أن ما نريده لا يمكن أن يصبح تمنيا مجردا، فانهالت علينا الندوات والمشاريع والاقتراحات...

ما حدث خلال السنوات الست الماضية كان بالفعل يدعو للذهول والتوقف والقراءة، لأنه تعدى مساحات المصطلح الذي تم إطلاقه، ليصبح أشبه بحياة داخل الثقافة الاجتماعية التي نعيشها، فالمواطن لم يعد فقط قادرا على "التحليل السياسي" بل أيضا على "التحليل الإصلاحي"..

المواطن في تحليلاته "الإصلاحية" لم يحاول كسر الحيادية أو حتى فهم أن هناك دور يمكن أن يقوم به إذا قرر بالفعل أن يتعرف على مساحاته، دون ان يترك للمواقف المسبقة مكانا خاصا في توجيهه، فالأمور "لا تسير" على إيقاع نمطي، فهي "حدث" يمكن ان يقرره الجميع، أو يترك بشكل اغعتيادي ليصبح تكرارا مملا.

حساب السنوات الماضية ليست استفتاء أو انتخابات تشريعية وبلدية.. هي في الواقع صورة للمجتمع ولما يمكن أن يظهر فيه مع ارتداد الأحداث أحيانا او مع ظهور قوانين ومراسيم، أو حتى مع الإحساس بأن الواقع يمكن أن يصبح ظلالا بدلا من أن تضح معالمه.

عندما نرى "استحقاقا" سوريا فإننا نراه في "التواصل" بين أي مواطن وما يراه أمامه، فالبرامج والخطط السياسية عندما تدفع الناس إلى "التحليل الإصلاحي" فإنها تنتهي عند حدود التحليل... لكنها إذا استطاعت تشكيل ملامح لـ"الثقة" فإنها تتعدى مسألة "البرامج" أو الكلام داخل الفضائيات، فيقرر المجتمع رسم الرؤية من جديد.. فالمسألة ليست في "العناوين" التي يضعها النخب مهما كان موقعهم، إنما في قرار المواطن بانه سيكسر الحيادية، والدخول في سباق الزمن بدلا من إدمان التحليل...

مصادر
سورية الغد (دمشق)