مثل البريق الذي نلمحه لكننا لا نستطيع تذكر من أين أتى، وربما كيف ذهب باتجاه آخر، فنعرف أن الحياة اقصر من التفاصيل، لكنها تجرحنا في لحظة الرحيل، فعندما نستطيع استعادة بعض الملامح فإننا نقف دونك... فهل يمكن أن نسترجع رحلة طويلة...

وماذا كتب "جوزيف سماحة" لنا... في سورية لا نستطيع القفز فوق "العقل" الذي رأيناه لحظة الأزمة.. ومن استطاع غيرك تجاوز "فورة الدم" عند اغتيال الرئيس رفيق الحريري.. من غيرك كنا نقرأه فنعرف أن الحياة تستمر وتعطينا لمحات للحلول الدائمة، أو لرؤية يمكن أن تصبح يوما قدرة في يد أي صحافي...

ربما لم يرحل جوزيف سماحة صدفة.. أو أنه ترك وراءه مساحة من الكلمات التي نستطيع ضمها كي نعرف أن الكلمة في النهاية هي الوميض الذي نسترجعه فنعرف أننا موجودون، ففي رحيلك لون يعذبنا لكنه في النهاية يحملنا إلى كل الاتجاهات، ويتركنا نرجع في الزمن ثم نصل إلى حافة الحياة، فيقرر البعض الرحيل أو يستمرون كما هم يتمسكون بالحروف التي تجرح، فلا يستريحون لكنهم يتركون دمهم على الطريق..

شكرا لك لأنك كتبتنا .. ونعجز اليوم عن كتابتك.. فأنت صورة واحد سواء عارضناك أو حاولنا استرجاع ما كنت تتركه لنا كل صباح في ذروة الأزمة.. في لحظات "الهيجان" التي جرفت الجميع، لكن بضع كلمات منك كانت كافية لنعرف أن "العقل" موجود، وأن الغضب لا يمكن أن يشكل قاعدة، وأننا أصبحنا خارج المألوف دونك..

رحيل جزيف سماحة لن يكون بالنسبة لنا إيقاعا للموت، فهو صورة فقط نحاول أن نضعها على شاكلة الضوء الذي رافقه.. دون اعتدال.. أو وسطية.. ودون "الغضب" الذي تفرضه السياسة، لكنه يترك لنفسه المساحة التي يفرضها القلم.. فكم من الأقلام نستطيع رؤيتها أو تذكرها، أو حتى الحنين إليها...

بيروت ودمشق.. وكل الثقافة التي جمعتنا، ثم لم يتركنا إلا على شاكلة الحنين لقدرة التواصل.. وبيروت ودمشق سيتذكران رغم مساحة التصريحات أن الكلمات يمكن أن تبقى غيمة تظلل الجميع.. ثم تذكر جوزيف سماحة بحنين للحظات القراءة الصعبة .. أو الوقوف خارج "الحشد" لنقرأ ثقافة تضعنا في الصحافة.. الإعلام.. أو "الأخبار" لحنا يعرفنا الجميع عند قراءته.. ونعرف أن مصير الكلمة معلق على رؤؤسنا..

ليس نعيا .. إنه زمن الذكريات الصعبة، منذ ان استقر البعض في بيروت، فكتبنا زمنا آخر فيه نزار قباني وأدونيس و.. جوزيف سماحة كخليط ثقافي ينتجنا.. جوزيف سماحة ماتزال في أقلامنا.. وسنبقى في قلمك رغم الرحيل.