الخليج

"5+1" تبدأ مناقشة قرار عقوبات جديد ضد إيران

أعلن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي أمس أن القوى الست الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين) باشرت خلال اجتماعها الأخير في لندن العمل على قرار جديد لمجلس الأمن ضد إيران، متوقعاً أن يتم الاتفاق بشأن مثل هذا القرار “بسرعة”.

واعتبر دوست بلازي أنه “ينبغي إصدار قرار ثان ضد إيران”، وقال “اجتمع مدراؤنا السياسيون (الاثنين) في لندن، وهناك فرصة كبيرة لأن نتوصل جميعاً.. بسرعة إلى اتفاق على قرار ثان ينص على عقوبات اقتصادية”.

وكان القرار الأول رقم 1737 لمجلس الأمن قد فرض عقوبات محدودة على البرنامج النووي الإيراني، ولكن الولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى تسعى الآن إلى فرض عقوبات أوسع نطاقاً.

وقد اعتبر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس أن إيران “تسيء حساباتها كثيراً” برفضها تعليق تخصيب اليورانيوم.

وجاء تصريح بلير رداً على وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي يوم الاثنين عندما أكد أن بلاده ترفض وقف التخصيب كشرط للعودة إلى المفاوضات.

وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية مساء الاثنين أن المديرين السياسيين للقوى الست الكبرى الذين اجتمعوا في لندن الاثنين “سيجتمعون مرة أخرى عبر الهاتف يوم الخميس حيث يأملون في التوصل إلى اتفاق بشأن البنود التي سيتضمنها قرار يصدره مجلس الأمن بشأن عقوبات”.

وأضافت الوزارة “بعد انتهاء الاجتماع (في لندن) اتفق المسؤولون على المضي قدماً في قرار جديد من الأمم المتحدة بشأن عقوبات” على إيران.

واللافت للنظر أن السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون سعى هو أيضاً لزيادة الضغط على إيران لمحاولة حملها على الاستجابة للمطالب الغربية، حيث اعتبر أنه بات على إيران أن تتحرك باتجاه المجتمع الدولي بدلاً من فرض شروط جديدة، مشيراً إلى أنه ما تزال أمام طهران فرصة لاستغلال الوقت الضائع.

ونقلت مجلة “دير شبيغل” الألمانية الاثنين عن بان قوله “في الوقت الحالي، إنه دور إيران للقيام بتحرك بدلاً من فرض شروطها الجديدة”.

وأضاف بان في المقابلة أنه “ماتزال هناك فسحة من حرية العمل السياسي لاستغلال الوقت الضائع من أجل حل النزاع من خلال المفاوضات. ولهذا لا يجب أن تفقد المحادثات زخمها. والاتحاد الأوروبي، بقيادة ألمانيا، يلعب دوراً مهماً في هذا المجال. ورغم أن المباحثات وصلت حالياً إلى طريق مسدود، فأنا على ثقة بأن القيادة الإيرانية ستستغل الوقت الضائع المتبقي”.

ولكن إيران لا تزال تصر على موقفها، وقد اعتبر وزير خارجيتها متقي في بيان جديد أمس أن “طلب وقف التخصيب الإيراني مطلب غير قانوني وغير شرعي يقوم على استراتيجية خاطئة”.

وفي كلمة أمام الملتقى الدولي الأول لأمريكا اللاتينية الذي عقد في طهران أمس أكد متقي “ان إيران لن تتنازل عن حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية”، معلناً في الوقت ذاته استعداد بلاده “لإجراء محادثات بشأن عدم انحراف برنامج إيران النووي عن مساره الصحيح واعطاء ضمانات بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية”.

وأكد متقي مرة أخرى “ان نشاطات إيران النووية السلمية شفافة جداً”، وأن إيران “تدعم بناء الثقة المتبادلة”، مشيراً إلى أن نشاطات إيران النووية تتم تحت إشراف مفتشي وكاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وهنا أكد متقي أن إيران مستعدة لمفاوضات “من دون شروط مسبقة” بشأن برنامجها النووي”، قائلاً إن “المطالب بأن توقف إيران التخصيب غير قانونية وغير شرعية وقائمة على استراتيجية خاطئة، وهذا (تعليق التخصيب) لن يتحقق مطلقاً”.

وهذا الدفاع الإيراني الصلب عن شرعية البرنامج النووي أخذ يلقى تجاوباً على المستوى العالمي، ولو أنه خارج المستوى الرسمي الحكومي في الغرب.

ظهر ذلك واضحاً خلال مؤتمر حول انتشار الأسلحة النووية عقد في نيويورك الاثنين، واعتبر خلاله عدة متحدثين أن اشتراط تعليق تخصيب اليورانيوم قبل التفاوض إنما يعيق بلا داع تحقيق تقدم دبلوماسي.

وكان بين هؤلاء المتحدثين ريتشارد هاس، المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش الأب، والذي يرأس حالياً مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث بارز في الولايات المتحدة.

وقد انتقد هاس إيران لعدم استجابتها لمطالب مجلس الأمن، ولكنه اعتبر أيضاً أن شرط وقف التخصيب قبل التفاوض إنما يعيق الوصول إلى حل دبلوماسي.

وقال هاس “أعتقد أن هذه الدعوة لوقف كل أنشطة التخصيب كشرط مسبق لا بد وأن تنسف الدبلوماسية”.

وأمام مؤتمر نيويورك ذاته، تحدث هانز بليكس، كبير المفتشين الدوليين السابق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمعارض الشديد للغزو الأمريكي للعراق.

وحذر بليكس من أن “إهانة” إيران بشأن برنامجها النووي يمكن أن يدفعها إلى التصلب، مشيراً إلى ان هذه هي الملاحظة نفسها التي أبديتها في السابق بشأن العراق.

وتساءل بليكس “لماذا تصرف العراقيون بالطريقة التي تصرفوا بها في التسعينات وطردوا مفتشي انسكوم”، اللجنة الدولية الخاصة التي كانت مكلفة بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق بعد حرب الخليج عام 1991.

واعتبر ان أحد أسباب ذلك القرار العراقي، هو اجراء “لم يكن عقلانياً وتبين انه يضر للمصالح العراقية”، كان “الاهانة” التي شعر بها عندما أعربت اللجنة عن رغبتها في تفتيش قصور صدام حسين.

وأضاف بليكس انه يوجد الآن “بعض التشابه” بين العراق وإيران، وقال ان مطالبة إيران بتعليق التخصيب قبل أي تفاوض هو “كما لو كنت تقول لطفل (اجلس أولاً وتأدب، وبعد ذلك سنعطيك مكافأة) واعتقد ان ذلك مهين”.

وفي واشنطن، وجه مسؤولون أمريكيون عن مختلف الطوائف المسيحية لدى عودتهم من زيارة نادرة إلى إيران، دعوة (الاثنين) إلى الحوار بين البلدين فيما تزداد حدة التوتر بين واشنطن وطهران، وقد أمضى الوفد المؤلف من اثني عشر مسؤولاً عن الكنائس الانجليكانية والكاثوليكية والمعمدانية والانجيلية والميتودية، خمس أيام في إيران، والتقوا مسؤولين مسلمين ومسيحيين والرئيس محمود أحمدي نجاد.

وهذا اللقاء الذي تحدث عنه التلفزيون الإيراني هو الأول في إيران بين وفد أمريكي ورئيس إيراني منذ ثورة ،1979 كما قال المسؤولون الدينيون في مؤتمر صحافي عقدوه في واشنطن. وقال الوفد انه “تشجع بالاعلان الواضح” للرئيس محمود أحمدي نجاد ان إيران “لا تنوي أبداً الحصول على الأسلحة النووية أو استخدامها” ومن تأكيده ان النزاع “الإسرائيلي” الفلسطيني “لا يمكن حله إلا بالعمل السياسي وليس العسكري”.

وأوضح الوفد في بيان “نعتقد ان حواراً معمقاً أمر ممكن”، داعياً البلدين إلى بدء مفاوضات مباشرة فوراً والكف عن وصف بعضهما البعض ب”الأعداء” وتشجيع الاتصالات بين مجتمعيهما المدنيين.

وخلص الوفد إلى القول ان “الحكومة الإيرانية قامت حتى الآن بخطوة في اتجاه الشعب الأمريكي من خلال دعوة وفدنا إلى زيارة إيران. ونطلب من الحكومة الأمريكية استضافة وفد مماثل من مسؤولين دينيين إيرانيين”.

ومثل مبادرات حسن النية هذه تصطدم حالياً بتكرر الحديث عن احتفاظ الولايات المتحدة ب”جميع الاحتمالات مطروحة” حسب تعبير نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، الذي أراد من ذلك تحذير إيران من أن الخيار العسكري الأمريكي يبقى قائماً.

ولا تزال الولايات المتحدة تؤكد رسمياً انها لا تفكر حالياً على الأقل بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران.

ولكن تعبير روسيا (الاثنين) عن قلقها من الحديث عن خيار عسكري كان أحدث تحذير دولي من ان عملاً عسكرياً ضد إيران ربما يكون خياراً واقعياً.

كما أن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن بن حمد العطية أكد ان دول المجلس لن تكون جزءاً من أي عمل عسكري ضد إيران التي “ننظر إليها باعتبارها دولة شقيقة وجارة”.

ووصف العطية في تصريح نشرته صحيفة “الراية” القطرية أمس ما ذكرته مصادر “إسرائيلية” حول سماح بعض دول مجلس التعاون الخليجي لطائراتها بالمرور في أجوائها الاقليمية لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية بأنها “مزاعم وأكاذيب اعتادت “إسرائيل” بتكوينها العدواني على ترويجها بين وقت وآخر”.

وقال إن الدورة العادية للمجلس الوزاري الخليجي التي تعقد يوم السبت المقبل بالعاصمة السعودية الرياض بمشاركة وزراء خارجية دول مجلس التعاون تكتسب أهمية استثنائية خاصة أنها ستبحث عدداً من القضايا السياسية المهمة من بينها أزمة الملف النووي الإيراني ومستجدات الوضع على المسار الفلسطيني في ضوء اتفاق مكة الأخير وكذلك التطورات على الساحة العراقية.

وفي طهران حذّر الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني من موقف الولايات المتحدة التي شبهها ب”النمر الجريح”، من أجل تفادي مواجهة عسكرية، وفق تصريحات نقلتها الصحف الإيرانية أمس.

وقال رفسنجاني الذي يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام، هيئة التحكيم السياسي العليا للنظام الإيراني، “علينا أن نكون أكثر حذراً، فإنهم (الأمريكيون) مثل نمر جريح ويجب عدم الاستهانة بهم”. وأضاف ان “الجمهورية الإسلامية هي العقبة الرئيسية في وجه الولايات المتحدة في المنطقة. فهم يواجهون أينما ذهبوا جداراً كبيراً مرتبطاً بشكل ما بإيران”.

وقال “لسنا موجودين في العراق لكن العراقيين يؤيدوننا وهذا يثير مشاكل للولايات المتحدة، كل ما تمكنوا من القيام به في العراق وأفغانستان، هو ازالة أعداء إيران، صدام وطالبان. لقد استفادت إيران من ذلك وهذا ما يثير غضبهم”.

ودعا رفسنجاني إلى العمل لتعبر “سفينة الثورة” فترة التوتر الناتجة عن البرنامج النووي.

وهذا التحذير موجه بصورة واضحة إلى الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي لا يتوقف عن الادلاء بتصريحات معادية للولايات المتحدة.

وفي موسكو، حذّر السفير الإيراني غلام رضا انصاري أمس من أنه في حال تعرض إيران لهجوم عسكري أمريكي، فإنها سترد على الفور وردها يمكن أن يحدث في أي مكان.

ونقلت وكالة “انترفاكس” الروسية عن أنصاري قوله في مؤتمر صحافي “إذا حدث وارتكبت الولايات المتحدة خطأ مهاجمة إيران، فأنا متأكد ان الشعب الإيراني سيلقنهم درساً جيداً”.

وأضاف “نحن لا نحدد أية حدود بشأن أين سنضرب، يمكن أن نرد في أي مكان”.

وكرر السفير موقف بلاده القائل إنها “مستعدة للحرب إذا تعرضت لهجوم، ولكنها مستعدة لاجراء محادثات مع الولايات المتحدة على أساس المساواة” إذا كان الأمريكيون مستعدين لتقديم مثل هذا العرض.