لم ينتظر وزير الخارجية وليد المعلم الصحفيين لطرح أسئلتهم خلال المؤتمر الذي جمعه أمس الثلاثاء مع نظيره البلجيكي كاريل دو غوخت.

فما أن انتهى الأخير من إعلان جملة مواقف وجه من خلالها انتقادات للسياسة وبعض المسؤولين في سورية، حتى بادره الوزير المعلم بتفنيد معظم ما ذهب إليه، دون أن تخلو تعابير وجه المعلم من استياء بالغ لوصف دوغوخت ردَّ نائب الرئيس فاروق الشرع بشأن وجود قوات دولية على الحدود مع لبنان بأنه " كان سلبياً ".

وبدا الوزير المعلم خلال المؤتمر مستمعاً لبقاً ومصغياً بانتباه لما يقوله نظيره البلجيكي حتى أنه قام مرتين بتصحيح عبارات للمترجم الذي قام بمهمة الترجمة.

وانفردت (سورية الغد) يوم الاثنين بإعلان نبأ زيارة الوزير البلجيكي إلى دمشق، وهو التقى خلال زيارته التي استمرت ساعات الرئيس بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع والوزير المعلم، موضحاً " أجرينا مباحثات معمقة غطت الوضع في العراق والأراضي الفلسطيني ولبنان إضافة إلى موضوع اتفاقية الشراكة السورية الأوربية التي لم يتم توقيعها بعد ".

وقال الوزير دو غوخت إنه تمَّ نقاش " قضايا تتعلق بوجود قوات دولية لمراقبة الحدود بين سورية ولبنان، وناشدتُ نائب الرئيس على تحقيق ذلك "، قبل أن يصف ردَّ الشرع بـ" السلبي"، ما دعا الوزير المعلم لأن يرمق طويلاً نظيره البلجيكي بنظرة لم تخلو من استياء واستهجان لاستعماله هكذا تعبير.

ورد المعلم بالتوضيح أنه " قبل أن يقرَّ الأوربيون المشاركة في قوات اليونيفيل وقبل أن يتخذ قرار مجلس الأمن 1701 زرتُ فنلندا عندما كانت تترأس الاتحاد الأوربي آنذاك وسألتُ وزير خارجيتها: لماذا تريدون أن تكون سورية ولبنان في حالة حرب "، معتبراً أن " وجود الرقابة الدولية على حدود بلدين شقيقين وجارين يتطلعان إلى علاقات مميزة هي مؤشر على أن هناك توجه غربي لدفع سورية ولبنان ليكونا في حالة حرب ويحتاجان لمراقبين دوليين ".

وتابع المعلم سرد حديثه مع نظيره الفنلندي "من الأفضل منذ الآن أن أطلعكم بأنه في هذه الحالة ستغلق سورية حدودها مع لبنان ".

وقال الوزير دوغوخت إن " لبنان في حالة مأزق حالياً "، وأكد أنه "دون ضغوط من الخارج لن يتم التوصل إلى حكومة وحدة وطنية "، معرباً عن اعتقاده " أن لسورية مسؤولية خاصة في الحفاظ على السلام وألا يتدهور الوضع في لبنان ".

واعتبر وزير خارجية بلجيكا أن " وجود السلاح في لبنان يشكل مصدر قلق "، وذكَّر أن بلاده " تشارك في قوات حفظ السلام في لبنان/اليونيفيل/ وفي عمليات نزع الألغام وإدارة المشافي فإذاً نحن يهمنا أن يبقى السلام قائماً في لبنان ".

بدوره أكد وزير الخارجية وليد المعلم "أن كل ما يشاع عن تسريب أسلحة عبر الحدود السورية إلى لبنان غير صحيح "، وشدد على أن " نزع السلاح في لبنان شأن لبناني " محذراً من الضغط على لبنان في هذا التوجه " لئلا ينفجر الوضع هناك ".

ورفض الوزير دوغوخت أي تسييس للمحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، وأكد أن هذه المحكمة " يجب أن تكون مستندة إلى القانون الجنائي بحيث يتم الحكم على الأشخاص المتهمين بعد محاكمة عادلة (...) وأن أحد المبادئ الرئيسية للمحكمة هي المسوؤلية الشخصية لمن يُعتقد أنه ارتكب هذه الجريمة"، معرباً عن شعوره " ببعض خيبة الأمل عندما علمنا أن سورية لن تقوم بتسليم أي متهمين لهذه المحكمة بل ستتم محاكمة هؤلاء المتهمين في المحاكم السورية ".

ومع أنه أقرَّ أن هذا الموقف السوري " مسألة سيادة "، إلا أن دوغوخت رأى أنه يتعارض "مع مبادئ القانون الدولي "، قبل أن يقول: نحن لسنا بصدد توجيه اتهامات إلى اي أحد فهناك تحقيق جار ونتائج هذا التحقيق ستحول إلى المحكمة التي ستبت في أي اتهامات.

وأبدى الوزير المعلم استغرابه لأن نظيره البلجيكي " يستنتج ويقفز على الاستنتاج مسبقاً وما زال السيد براميريتس قيد إجراء تحقيقاته " في جريمة اغتيال الحريري، مشيراً إلى أن "سورية حددت موقفها سلفاً برسالة بعثت بها إلى مجلس الأمن أكدت فيها أنها لم تكن إطلاقاً في المداولات القانوينة التي جرت لوضع النظام الأساسي لهذه المحكمة لأن الأمم المتحدة اعتبرت هذا الموضوع يخص اللبنانيين أنفسهم ".

وأعلن المعلم أنه "إذا أرادت الأمم المتحدة شيئاً من سورية فيجب أن تدخل في محادثات معها وهذا لم يحدث "، قبل أن يؤكد: " كما بُني نظام المحكمة على القانون اللبناني يجب أن يُبنى على القانون السوري ".

ورداً على سؤال، أعرب الوزير البلجيكي عن اعتقاده بأن " سورية لديها مقاربة جيدة وهناك الكثير من العناصر الجيدة في السياسة السورية تتعلق بعملية السلام وبما يمكن أن تسهم فيه سورية في العراق "، لكنه اعتبر انه " فيما يتعلق بلبنان فهناك بعض الجمود في الموقف السوري ".

وهنا تدخل الوزير المعلم وأحال نظيره البلجيكي " إلى ما نبذله من جهود مع السيد أمين عام الجامعة (العربية عمرو موسى) خلال مهمته في لبنان "، منتقداً التعاطي الأوربي مع المسألة اللبنانية بقوله "هناك بالفعل فارق يبن الموقف الأوربي الذي يدعم طرفاً في لبنان، وبين الموقف السوري الذي يدعم الوفاق الوطني ".

وربط وزير خارجية بلجيكا المصادقة النهائية على اتفاقية الشراكة السورية الأوربية الموقعة بالأحرف الأولى " بتحقيق تقدم مُعتبر في مجال الحريات الأساسية في سورية، وفي إعطاء دور أكبر للمجتمع الأهلي ".

واعتبر الوزير دوغو خت أن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية "نقطة البداية فقط " وأعرب عن أمله في أن يؤدي تشكيلها " إلى إجراء محادثات مثمرة حول التطورات بين الفلسطينيين والإسرائيليين "، موضحاً أنه ناشد الرئيس الأسد " لبذل كل ما يمكن لإقناع كل الأطراف للدخول في مفاوضات جوهرية حول هذا الموضوع ".

مصادر
سورية الغد (دمشق)