عندما تتخذ سوريا مقعدا بجانب الولايات المتحدة في اجتماع لبحث أمور تتعلق بالعراق الاسبوع الجاري سيكون لديها ما تقدمه من اجل وقف الفوضى لكن دمشق حددت ثمنا لتعاونها في هذا الصدد.

تريد دمشق من واشنطن حليف اسرائيل مساعدتها في استعادة مرتفعات الجولان التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وتسوية أزمة تتعلق بمحكمة تدعمها الامم المتحدة وتحقيق تضمن اسماء مسؤولين سوريين في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.

واضطرت سوريا عقب الاغتيال إلى سحب قواتها من لبنان بعد عقدين من الوجود العسكري هناك وتجنبت معظم الدول الغربية دمشق وتعاملت معها كدولة منبوذة.

وقال مسؤول سوري "الامريكيون يريدون مساعدتنا في العراق لكنهم مازالوا يحاولون احراجنا في كل اتجاه..قائلين أن سوريا تعرف ما يستلزم عمله بينما لايعرضون علينا شيئا في المقابل."

واضاف "كل ما فعلته امريكا حتى الان هو تعزيز مصلحة اسرائيل والتوتر الطائفي بالمنطقة."

ومن المتوقع ان يرأس نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وفد سوريا في مؤتمر بغداد الذي يعقد في العاشر من مارس اذار في بغداد. وستشارك ايضا ايران والاعضاء الدائمون بمجلس الامن الدولي على الرغم من مزاعم امريكية بأن دمشق وحليفتها طهران تدعمان التمرد بالعراق.

وسيكون اول اجتماع رفيع المستوى يحضره مسؤولون سوريون وامريكيون منذ مطلع عام 2005 عندما زار مسؤول امريكي دمشق لحثها على منع تسلل المقاتلين عبر حدودها إلى العراق.

وأوضحت سوريا انها قبل ان تنظر في مساعدة واشنطن وبريطانيا يتعين التطرق إلى مصالحها الخاصة.

ورغم تجنب واشنطن لها لسنوات بقيت دمشق واثقة من ان الولايات المتحدة ستسعى في نهاية المطاف إلى مساعدتها في علاج الفوضى التي اندلعت عقب غزوها للعراق عام 2003.

ونزح مليون لاجيء عراقي إلى سوريا منذ ذلك الحين.

ويقول مسؤولون سوريون ان وضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية سيساعد على اقناع المسلحين بوقف الهجمات ويزيد تأثير سوريا عليهم. ورفضت واشنطن وضع جدول زمني.

وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم لموقع وورلد نيوز على الانترنت "لا أحد يفكر في فرض هزيمة على القوات الامريكية.على العكس.. نحاول العثور على انسحاب مشرف لهم."

ويسعى المعلم إلى تبني لهجة تتسم بقدر اكبر من المودة إزاء حكومة بغداد لكن المسؤولين الذين يتبعون نهجا يتسم بالتشدد لهم تأثيرهم ايضا على السياسة السورية.

وصدر بيان مشترك في يناير كانون الثاني أدان هجمات المتمردين على الجيش العراقي المدعوم من جانب الولايات المتحدة وقوات الامن.

ومنذ الغزو الامريكي للعراق يقول مسؤولون عراقيون ان سوريا تستضيف اعدادا كبيرة من عملاء المخابرات السابقين ومن ضباط من الجيش العراقي السابق الذي تم حله.

وسمحت في يناير كانون الثاني بعقد اجتماع لاعضاء كبار من حزب البعث العراقي الذي حكم العراق على مدى 35 عاما كما اجرت محادثات في الآونة الاخيرة مع زعماء عشائر سنيين من الرمادي لاستطلاع آفاق البدء في مصالحة وطنية.

كما تشمل سوريا برعايتها الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين وهو زعيم سني ديني مؤثر يعارض الوجود الامريكي بالعراق.

كما لا يشك احد في ان ضباطا سابقين من عهد صدام موجودين في سوريا تربطهم صلات بالمتمردين.

وقال النائب البرلماني العراقي مشعان الجبوري الذي يتخذ دمشق مقرا له لرويترز "سوريا قاعدة خلفية للضباط السابقين."

واضاف الجبوري الذي وقع في خلاف مع حكومة بغداد التي يتزعمها الشيعة وهو مطلوب في العراق لتهم تتعلق بالفساد الامر الذي ينفيه "حتى اذا طلب الضاري من المقاومة ان توقف عملياتها فلن يستمعوا اليه بدون وعد بالانسحاب الامريكي واصلاح النظام السياسي الذي تشكل تحت الاحتلال."

وقال ساسة عراقيون زاروا سوريا في الآونة الأخيرة ان سوريا وايران معا يمكنهما لعب دور اساسي في وقف العنف بممارسة الضغط على الجماعات التي لديهما نفوذ مؤثر عليها وفي حالة سوريا سيعني ذلك المتمردين السنة بالاساس وفي حالة ايران المقاتلين الشيعة الموالين للزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وعلى الرغم من عدم وجود طرف بمفرده يحكم قبضته على كل الجماعات التي تقف خلف الهجمات على القوات الامريكية والعنف الطائفي يقول دبلوماسيون غربيون ان قدرات جمع المعلومات المخابراتية لدى سوريا وصلاتها بجماعات عراقية متنوعة ومتاخمتها لحدود العراق تؤكد ان بمقدورها مساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا على الارض اذا ما اختارت ذلك.

كما يقولون انه من الممكن ظهور اتفاق على المدى الطويل بين سوريا وامريكا حيث ان الحكومة العلمانية في دمشق بدأ ينتابها القلق بشأن انتشار المتعاطفين مع تنظيم القاعدة.

وقال دبلوماسي غربي "وضع الشروط لن يفضي إلى شيء."

وتابع "سوريا يمكن ان تغير نهجها بمساعدة كل الاطراف في العراق والتوقف عن اثارة حنق امريكا وبذل مزيد من الجهد لضمان الحدود وبعدها تذهب إلى واشنطن وتقول انظري ما الذي فعلناه."

مصادر
رويترز (المملكة المتحدة)