يستحق المواطن البسيط، لو سمعناه، أن يكون معالجاً استراتيجياً لكافة مشكلاتنا المحلية المزمنة، فالمواطن غالباً ما يكون جزءاً من المشكلة، سبباً لها أو ضحيتها، وهو بكل الأحوال الأكثر تعايشاً معها بوصفها مشكلة تخصه أولاً.

وفق هذه الرؤية نستطيع أن نفهم سر مراوحة كثير من مشكلاتنا المحلية في مكانها، فالحل دائماً يبدأ من المواطن لينتهي عنده، في حين أننا نصر على حل المشكلة انطلاقاً من رؤية نظرية تصاغ في الغرف خلف المكاتب، لتنتهي إلى اللاشيء حين تخرج إلى أرض الواقع، وبين الرؤية النظرية وبؤس تطبيقها عملياً سيقف المواطن حائراً بريئاً من كل شيء سوى من الآثار السلبية للمشكلة ذاتها.

المشكلة ستبدو أشد وقعاً على هذا المواطن، حين تبدأ بالاقتراب من حاجياته اليومية الأساسية.. وحينها ربما يكون غلاء الأسعار التموينية أشهرها، وتوهان الراتب في الأسواق أمرها، وارتفاع أسعار العقارات أصعبها، والتلوث أضرها، والازدحام اليومي أكثرها إزعاجاً.. إلا أن سبل معالجتها والتحدث عنها وتوصيفها تبقى كالفالج.. الذي لا ينفع معه سوى الابتسام لدرء الموت قهراً..

هل نتكلم هنا بالتعميم..؟ ربما ولكن بوسع أي منا أن يورد الكثير من الأمثلة الحياتية على هذه المشكلات.. وأكثر من حبال الغسيل في حارتنا (مافي).