حاولنا أن تكون الأسئلة معبرة عن وجهة نظر أكبر شريحة من الناس، واخترنا أعضاء من المجلس، مختلفين بانتمائهم الحزبي، في محاولة لمعرفة ما تحقق على الأرض خلال السنوات الأربع الماضية.. ولكن لماذا آثرنا أن نتوجه لعضو مجلس شعب بسؤال الفاعلية، والحضور، والتحقق؟ أي لماذا علينا أن نعطي لهم الفرصة أن يثبتوا أنهم عملوا، أو يبرروا ما لم يستطيعوا عمله؟ ثم لماذا اخترنا هذه الأسماء؟

في الواقع لسنا بصدد الإجابة عن أي من هذه التساؤلات، بل سنقول أننا حاولنا فقط تسليط الضوء على عمل المجلس السابق من خلال التوجه لأسماء تمثل حزب البعث، والحزب الشيوعي، والحزب القومي السوري، ومستقلين.. وسؤالهم عما قدم المجلس للناس، وما تحقق من شعارات رفعها المرشحون أثناء حملتهم الانتخابية.. وكنا نود الخوض بتفاصيل أخرى لكننا آثرنا أن يسمعها أعضاء المجلس من الناس، وهو ما ننشره في نهاية هذا الملف كتتويج لصورة وواقع المجلس في دورته المنتهية.
أما لماذا فعلنا ذلك؟ فإن الإجابة ستحدد على الشكل التالي: السوريون الآن بصدد انتخاب ممثليهم لمجلس الشعب لدورة جديدة، والسوريون يجب أن يضعوا أيديهم على إنجازات مجلسهم المنتهي دوره، ويجب أن يعرفوا ماذا قدم وماذا سيقدم المجلس لهم، خاصة وأن أغلب السوريين يرون في الانتخابات مجرد عراضة ومضافة، ستنتهي عقب فوز هذا المرشح أو ذاك.. وإلى ذلك، فإن المجلة في هذا التحقيق تقدم القسم الأول من ملف سيغطي مساحة واسعة من أعمال مجلس شعب.. ونتمنى أن يكون في المستقبل مجلساً للشعب بحق..

وجاءت الأسئلة على الشكل التالي:

 كيف يمكن أن نحدد فاعلية تمثيلك لحزب ينتمي إلى الجبهة الوطنية التقدمية في مجلس الشعب؟

 هل ترى أنكم حققتم بعضاً من طروحاتكم أو شعاراتكم خلال دورة المجلس السابقة؟

 هل ساهم المجلس بشكل أو بآخر بتحقيق الفاعلية المرسومة له على صعيد محاربة الفساد، كشف الأخطاء الحكومية، مناقشة المراسيم والقوانين قبل إصدارها؟

 ماذا عن الملفات المؤجلة: الاستملاك، حق المرأة بتجنيس أولادها..؟

 ماذا عن التحالفات الانتخابية السابقة وماذا حققت على صعيد دفع العمل النيابي في سوريا؟

 هل مثلتم الشعب حقاً في مجلس الشعب خلال دورته الحالية؟

محمود الوهب: عضو مجلس الشعب- الحزب الشيوعي السوري

– إن صيغة السؤال تنطوي على نوع من التصور الملتبس لنشاط أحزاب الجبهة.. بالنسبة لي كشيوعي، حزبه عضو في الجبهة الوطنية التقدمية أرى أن الجبهة لا تشكل قيداً على نشاط الحزب وفعاليته.. والجبهة في أساس ميثاقها تلتقي في القضايا الرئيسة الكبرى.. كما أن قيادة حزب البعث للجبهة المنصوص عنها في الميثاق لا تلغي فاعلية الأحزاب الأخرى.. بل إن بعض القضايا السلبية المنصوص عنها فيه جاءت الحياة لتتجاوزها كقضية النشاط بين الطلاب مثلاً.

إذاً، ثمة خطوط عامة وثمة تفاصيل.. فالحزب الشيوعي السوري مثلاً يقدم الوطني والطبقي على القومي.. وقد تميل أحزاب أخرى لتقديم القومي على الطبقي. الحزب الشيوعي السوري هاجسه معيشة الناس وهمومهم.. وربط ذلك بالسياسات الاقتصادية.. وهو حذر أبداً في تعامله مع الخارج الرأسمالي. ويرى الحزب الشيوعي السوري في تعزيز الهامش الديمقراطي في الحياة الحزبية السورية والإعلامية وكذلك في مؤسسات المجتمع الأهلي تعزيزاً لدور سوريا الوطني والعربي والإقليمي، وكل تلك السياسات عكسها النواب الشيوعيون في المجلس. ففي مجلس الشعب لا أحد يفرض على أحد أن افعل كذا أو لا تفعل كذا.. ونحن نناقش القوانين ونحاكم نتاج المسؤولين وفق السياسة المشار إليها.. وعلى ذلك فإنني أقول بأن ممثلي حزبنا في المجلس استطاعوا أن يوظفوا فعالية المجلس بما يخدم سياسة حزبهم التي هي في المحصلة سياسة وطنية ذات محتوى اجتماعي، فثمة جدل وتكامل بين ما هو اجتماعي وبين ما هو وطني. وهذه السياسة وجدت صدى جيداً لدى معظم أعضاء مجلس الشعب لدى مناقشة قانون العاملين الموحد وقانون العلاقات الزراعية وقوانين أخرى كثيرة لها علاقة بحياة الناس.. وهذا ينقلني للإجابة على السؤال الثاني.. نعم حققنا (بعض ذلك) وخصوصاً في نهجنا لمحاربة الفساد ولتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.. وأعطي مثالاً في نقاشنا لقانون العاملين الموحد.. رأينا أن يكون الحد الأدنى للأجر هو ثمانية آلاف ليرة آخذين بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي علماً بأن الحد الأدنى يجب ألا يقل عن عشرة آلاف ليرة سورية ولكن الذي جرى (دون الطموح كثيراً). إذ صار 3810 بعد أن كان نحو 1600 أو 2100.. يعني استطعنا رفعه.. وكذلك الحال بالنسبة لقانون العلاقات الزراعية الذي أراد ملاك الأراضي الذين أيدهم بعض ممن ينتمون لأحزاب الجبهة تحت ذرائع قانونية شكلانية أن تكون حصة الفلاح 25% لكننا حافظنا على اقتراح الحكومة وهو 40% وكنا نود لو كان 50% على أقل تقدير أو بقاء الفلاح في أرضه.. على كل (استطعنا إفشال سياسة الذين يريدون تشريد الفلاحين).

من جهة أخرى أستطيع القول بأن للمجلس مساهماته الكبرى في كشف بعض مواطن الفساد وقدمت ملفات كثيرة وطرحت تحت القبة قضايا أكبر وتقدمت العديد من اللجان بتقاريرها في هذا المجال.. ولكنك تعلم أن المجلس سلطة تشريعية ومراقبية والقرار في النهاية يعود للسلطة التنفيذية.. ورغم كل ذلك فإنني أقول إن دور المجلس (كان ضعيفاً في هذا الشأن) وكان لدى المجلس إمكانات ومرتكزات دستورية (لم يستخدمها على النحو الأمثل).. وهذا من وجهة نظري مرده إلى البنية التي ترتكز عليه السلطتان التشريعية والتنفيذية في سوريا.

وبالتاكيد ثمة ملفات مؤجلة وهي مهمة جداً كملف الاستملاك الذي ينطوي على نواقص كبيرة تفتح أبواباً واسعة للفساد.. أعطيك مثالاً: أحدهم لديه أرض في إحدى المدن السورية، استملكت. جاء أحدهم بعرض خدماته لإلغاء إشارة الاستملاك مقابل التنازل عن نصفها، إذ يقدّر سعر الأرض بمئة مليون، لأنه يظل رابحاً.. (فلو كانت الحكومة أكثر إنصافاً لأغلقت مثل هذه الأبواب الفاسدة). بينما لن تعطي الدولة للمالك في أحسن الأحوال أكثر من خمسة ملايين ليرة سورية، وعلى ذلك فقد تنازل المالك، في الاستملاك شكل المجلس لجنة.. وحملت اللجنة تقريرها إلى المجلس الأعلى ووافق المجلس عليه (ولا نعرف ما حل به بعد).. فثمة (مماطلة في هذا المجال من جانب الحكومة) تحت حجة التريث للدراسة واستكمال النواقص. وكذلك حال مشروع قانون إعطاء الأم السورية الجنسية لأولادها. وثمة عشرات القوانين من هذا النوع وقد أثرت هذه المسألة في الجلسة قبل الأخيرة إذ قلت بقدر ما كان المجلس كريماً ومعطاء في دراسته لمشاريع القوانين التي تأتي من الحكومة، (كانت الحكومة شحيحة وخصوصاً في مجال التشريع) إذ (لم تُعدْ إلى المجلس أي من مشروعات القوانين التي اقترحها) ولا أعرف لماذا (تنازل المجلس عن حقه الدستوري) في هذا المجال.

– نعم. ووفق الإمكانات المتاحة. ولكن ليس ثمة عمل كامل لا يأتيه الباطل، والعمل في المجلس ليس عملاً فردياً بل هو عمل يحتاج إلى جهود مشتركة.. وفي أحيان كثيرة لا تستطيع إقناع النسبة المطلوبة وحين تقنعها يجري الصراع مع السلطة التنفيذية ونعود إلى الدائرة نفسها وإلى بنية تكوين المجلس المشار إليها.

محمد حبش عضو مجلس – مستقل

في الواقع هذا السؤال هو ما يشغل بال النائب دائماً وخاصة مع اقتراب الاستحقاق التشريعي، وقد قمت بالإجابة عليه للناخب الكريم في مئتي صفحة جمعتها في كتاب سميته (ألف يوم في مجلس الشعب)، تحدثت فيه عن الوعود التي أطلقتها وعن الأشياء التي تمكنت من تحقيقها، في الواقع أشعر بأنني حاولت إنجاز ما وعدت لكن لم أتمكن بالطبع من تحقيق كل الآمال ووجدت نفسي أتمثل بقول حافظ إبراهيم (لا تلم كفي إذا السيف نبا صح مني العزم والدهر أبى) فما يعنيني من ذلك أنني اجتهدت أن أحقق الآمال هناك أهداف تمكنت من تحقيقها جزئياً، وهي بشكل خاص (تحسين أوضاع أرباب الشعائر الدينية) ومواجهة شبكات (الفحشاء والدعارة)، وإجراء بعض التعديلات الموافقة للشريعة في قانون الأحوال الشخصية، ولكن لايزال لدي آمال كثيرة لم أتمكن من تحقيقها، وعلى الصعيد الشخصي أشعر أن مجلس الشعب قدم لي منبراً مهماً لخدمة رسالتي في الدفاع عن بلدي عبر المحطات الفضائية ووسائل الإعلام وكذلك في إطار (التعريف بالإسلام والحضارة العربية)، لقد قدت حملتي الانتخابية تحت عنوان (من أجل شام شريف) وأعتقد أنني قمت ببعض الواجب من أجل هذا الهدف وربما يكمل من يأتي بعدي رسالة الحفاظ على هوية سوريا كمنطلق للقيم الروحية في العالم.

في الواقع مجلس الشعب مكلف دستورياً بالقيام بثلاث مسؤوليات: التشريع والمراقبة والمحاسبة، وخلال تجربتنا في الدور الثامن فإن المجلس يقوم بدوره في التشريع على الأقل في إطار مناقشة ما تقترحه الحكومة من قوانين، وعدل كثيراً من القوانين ورد بعضها، في حين أن النظام الداخلي يمنح أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين لكن للأسف فإن ذلك ظل (في أضيق نطاق)، أما على صعيد المراقبة فإن مجلس الشعب قام بدوره بشكل جيد وتولى أعضاء مجلس الشعب الإشارة تحت القبة إلى أماكن الخلل والفساد في الدولة وظهرت استجابة جيدة من الحكومة لما قدمه الأعضاء في إطار المراقبة، أما المحاسبة (فلم تقم بهذا الدور بما يقنع إذ منح الدستور أعضاء المجلس حق استجواب الوزراء وسحب الثقة منهم ولكن ذلك لم يحصل)، إضافة إلى أننا لازلنا نطالب بأن يكون لمجلس الشعب جهاز للمحاسبة وهو ما يمكن أن يتحقق في ضم الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش إلى مسؤوليات مجلس الشعب وليس إلى الحكومة ولكن ذلك بالتالي لم يحصل أيضاً، وعلى العموم أنا أعترف بأن البرلمانات في البلاد العربية لاتزال مؤسسات نامية لا يمكن مقارنتها بما تقوم به البرلمانات العريقة في الدول الديمقراطية، ومع ذلك فقد قمنا بمبادرة خارج البرلمان لتشكيل (جمعية شعبية لمكافحة الفساد)، ولكن (لم نتمكن من الحصول على الترخيص) رغم استيفاء المطالب القانونية، وهذا يعكس تردد الحكومة في اقتحام الشعب لمنصة مكافحة الفساد.

في إطار الاستملاك لا أعتقد أن أعضاء المجلس تحمسوا لقانون كقانون رفع الاستملاكات الظالمة، وقد شكلت لجنة في البرلمان استمرت ستة أشهر وكانت مهمتها تحقيق العدالة فيما يتصل بالاستملاكات السابقة والحالية واللاحقة، وبكل مرارة لم نتمكن من إلزام الحكومة بتعديل القانون حين احتجت بأن تكاليف تعديل هذا القانون باهظة ولا تستطيع الدولة أن تتحملها، وأعتقد أن هذا المجلس (سيكون آثماً إن عجزنا عن رفع الظلم عن أصحاب العقارات المستملكة) خاصة أولئك الذين لم ينالوا ما يكفي من تعويضات.

وقد تم عرض قانون الاستملاك للمناقشة، ولكن مع ذلك لم ننجح في الحصول على الأغلبية، وموقف الحكومة كان واضحاً لأننا لا نملك تكاليف هذا القانون رغم عدالته الأمر الذي حال دون تحقيق الأغلبية البرلمانية نظراً لأن الأغلبية في البرلمان هي التي تشكل الحكومة.

فيما يتصل بحق المرأة بتجنيس أولادها فإن المحاولات لم تتوقف، لمنح المرأة هذا الحق الطبيعي والذي تم حجبه عنها، بأعذار مختلفة، أغربها أنه (يعارض الشريعة) وقد تحدثت مراراً في البرلمان بأن الشريعة لم تقل شيئاً بحق التجنيس وما قالته بحق النسب لا علاقة له بموضوع التجنيس، وفي الواقع كانت آخر عقبة وضعت في طريقنا هي أن منح المرأة هذا الحق يعارض قراراً اتخذته القمة العربية في السبعينيات (يمنع التجنيس للفلسطينيين) ومع ذلك فقد تقدمنا بدراسة موثقة معززة برأي المجلس الوطني الفلسطيني الذي لم ير أن منح الفلسطيني الجنسية السورية إذا كانت أمه سورية يتعارض مع حقه في العودة. ومع ذلك فلايزال الفيتو السياسي الذي يحكم الأغلبية يحول دون التقدم في منح المرأة هذا الحق.

من الواضح أن هناك تحالفاً بين حزب البعث وأحزاب الجبهة وهو تحالف سياسي حقيقي وهم يشكلون 65% من أعضاء المجلس أما فيما يتصل بالمستقلين الذين يشكلون 35% تقريباً فلا يوجد في الحقيقة تحالفات سياسية وإنما هناك تحالفات انتخابية، للتعاون في الوصول إلى البرلمان ولكن التجارب السابقة لم يتمكن فيها المستقلون من تشكيل قوى سياسية ذات خلفية إيديولوجية الأمر الذي حد من تأثيرهم مع ذلك فهناك توجهات عادة ما يتعاون فيها النواب المستقلون، دون أن تؤطرهم في كتل نيابية.

باصيل دحدوح – سوري قومي
بكل صدق لا أعتقد أنني راض عما حققناه من طروحاتنا في هذا الدور التشريعي كنا نأمل الكثير وتراجعنا إلى الطموح للقليل، ولكن وبكل أسف بالنسبة لي شخصياً وصلت إلى شعور بعدم الرضا.

بتقديري كان من الممكن أن نكون أكثر فعالية ودور المجلس يجب أن يكون أكبر بكثير مما بدا في الدور الأخير، لم نكن على ما أعتقد عند حسن ظن المواطن ورغباته كان من المفروض أن نكون أكثر فعالية لقد حقق المجلس بعض الشيء من ناحية إصدار القوانين التي كانت كثيرة وعديدة، ولكن كنا (مقصرين جداً في مواضيع محاربة الفساد وكشف الأخطاء الحكومية)، لأنه كان كثيراً مما يجري في المجلس ينطلق من فكرة خاطئة بمفهومي ووجهة نظري وهو ما يكثرون من تسميته (حوار محبب) بين المجلس والحكومة، والمقولة الأخرى (أننا والحكومة في خندق واحد) والحقيقة وإن كانت هذه المقولة صحيحة في الشأن القومي وفي القضايا المصيرية للأمة حيث إننا فعلاً مع الحكومة وكل أبناء الوطن خلف السيد الرئيس في التصدي لأي عدوان أو هجوم أو تطاول على حقوق أمتنا وسيادة وطننا، لكن من وجهة النظر التشريعية ومراقبة الحكومة ومحاربة الفساد والنقد للخطوات الخاطئة للحكومة كان من الواجب أن نكون أكثر فعالية وأن يأخذ المجلس دوره كهيئة مراقبة ومحاسبة ولا أن يكتفي بالمحاباة وحتى في مناقشة القوانين كان من الواجب أن نكون أكثر إلحاحاً وأن ننطلق من فكر نقدي بناء لتصحيح بعض ما يرد في هذه القوانين وتفسيرها بشكل لا يقبل الالتباس، بحيث إننا في المجلس سلطة إشراف ومحاسبة ولا يجب أن نكون سلطة تابعة للسلطة التنفيذية تساير في كل شيء ما تقوله السلطة التنفيذية حيث إن الكثير من الأشياء تكون موضوعة من خبراء في وزارة ما من الوزارات ولكن هذا لا يعني أنها كاملة.

في الحقيقة ما من شك أن هناك كثيراً من الملفات التي أصبحت دائمة الحضور خلال الأدوار التشريعية الأربعة الأخيرة على الأقل حيث إنني عاصرتها منذ الدور الخامس ومنها على الخصوص قانون الاستملاك الذي يتشكل في كل دور لجان لتبحث فيه وتصل إلى توصيات ولكن ينتهي الدور قبل أن تأخذ هذه التوصيات طريقها إلى التنفيذ. وبالنسبة لحقوق المرأة فهذا الموضوع أيضاً هو من المواضيع الدائمة الطرح في المجلس والتي كان بالإمكان من خلال مناخ التطوير والتحديث أن نكون أكثر فعالية فيه وأن نكون طليعيين، وفي كثير من الملفات الأخرى بكل صدق إنني غير راض عما تم تحقيقه وليس من شك أن إغفال بعض آليات العمل الأساسية في مجلس الشعب كان له في الدور الأخير تأثير سلبي على هذه الملفات والمواضيع والتساؤلات المعلقة فعلى سبيل المثال وآلية العمل في المجلس وفي بدء كل جلسة أن يطرح عدد من أسئلة السادة الأعضاء الخطية وهذه الأسئلة تشمل كثيراً من المواضيع الحساسة والأساسية للمواطنين وكان من الواجب أن تأتي أجوبة السلطة التنفيذية إلى المجلس وأن تناقش هذه الأجوبة في جلسة عامة، وهذا ما كان يجري في كل الأدوار السابقة، وكنا نصل إلى توضيح بعض المواضيع المهمة وتحقيق بعض الخطوات الكبيرة التي يسعى خلفها المواطنون، ولكن للأسف لم يتم خلال الأربع سنوات الأخيرة مناقشة أي من هذه الأجوبة في الجلسات العامة كان يكتفى بإبلاغ عضو المجلس خطياً عن جواب السلطة التنفيذية دون طرح الموضوع في الجلسة العامة، مما جعل الموضوع وكأنه شبيه ببرامج شكاوى المواطنين والتي يتم الرد عليها ويكتفى بما بررته الحكومة (دون شفافية) لأن هذا الجواب إذا عرض أمام المجلس فسيصبح مطروحاً للتداول العام، وتصبح الحكومة ملزمة بما يجب أن يكون الحل الذي يقترحه المجلس بعد مناقشة الموضوع لكن للأسف أن هذه الآلية في عمل المجلس وهي آلية أساسية فيه قد (غيبت لأربع سنوات أي الدور الثامن بكامله).

جورج جبور- حزب البعث
 تحديد هذه الفاعلية لا يعود لي فقط إنما يعود إلى المراجع الحزبية التي اختارتني لأمثل الحزب في الانتخابات، والحزب بالنسبة لي هو حزب البعث العربي الاشتراكي والقيادة القطرية هي التي اختارتني وهي التي تقيم أدائي، أما شخصياً فقد قمت بكل ما أستطيع القيام به (ولست راضياً عن النتائج بالشكل الذي كنت أوده بمعنى أن الإنجازات كانت أقل من التوقعات).

 كان لدي طموح منذ اللحظة الأولى التي أقسمت بها اليمن إنشاء لجنة جديدة دائمة في مجلس الشعب تحمل اسم الفصل الرابع من الباب الأول من الدستور وعنوان الفصل الرابع هو (الحريات والحقوق والواجبات العامة). المواد 25 إلى 50 مواد هامة يتألف منها هذا الفصل وهي أشبه ما تكون بإعلان لحقوق الإنسان، وكنت آمل إضافة هذه اللجنة إلى اللجان الدائمة وهي 12 منذ البداية وقد لقيت تجاوباً من الجميع إلا أننا (لم نخط شيئاً على الورق)، وفي 28/2/2005 (قرر حزبيو المجلس رفع الأمر للقيادة القطرية والأمر لدى القيادة القطرية).

ويطيب لي هنا أن أستشهد بكلام السيد الرئيس بشار الأسد في مقابلة أجراها مع صحيفة الأسبوع المصرية الصادرة في 19/1/2006 وقد أخذتها عنها المناضل في عددها الصادر في كانون الثاني 2006 ويدل كلام سيادته على أهمية الموضوع الذي اخترت أن ينصب عليه جهدي في المجلس عليه وكان سؤال سيادة الرئيس عما إذا كانت هناك نية لإنشاء وزارة حقوق إنسان وكان السؤال بالطبع قبل إعادة تشكيل الوزارة الحالية وكان جواب سيادته بأننا نناقش هذا الموضوع وثمة عدة آليات في هذا الاتجاه وقد تكون من داخل الحكومة أم من داخل مجلس الشعب وقد تكون جمعيات أهلية، إذا محاولتي كانت تدخل ضمن إطار تفكير الرئيس بشار الأسد في أن لمجلس الشعب دور في موضوع حقوق الإنسان.

هذا المشروع إنشاء لجنة جديدة لم يكلل بالنجاح لكنه أيضاً لم يقابل بالرفض فإذا أخذنا بعين الاعتبار الظروف التي مرت بها سوريا في السنوات الماضية فلا ريب أننا سنوافق الرئيس الأسد حين قال في آب 2006 (بأن ما تعرضنا له أخر الكثير من القضايا الداخلية التي كنا نقوم بها على المستوى الاقتصادي والمستوى السياسي وعلى المستويات المختلفة).
وما آمله وقد انقشعت الغيوم من سماء سوريا وانتصرت وجهة نظرها على وجهة نظر كانت تحاول عزلها، آمل أن يكون حظ اللجنة المقترحة حسناً في الدور التشريعي التاسع.

ثم إني أيضاً حاولت أن اقنع المجلس والحكومة بتعديل قانون الإيجار لجهة ضرورة أن تخلي الدولة العقار الذي تستأجره في حال ما إذا كان المؤجر لا يرغب باستمرار عقد الإيجار، وبدا لي أن الحكومة ينبغي أن تقتدي بالمواطن العادي الذي أصبح من الممكن إخلاؤه شرط دفع مبلغ معين له، إلا أن الحكومة (بقيت بموجب القوانين السارية عصية على الإخلاء، وأنا أرى هذا الأمر مخالفا للدستور الذي يصون حرية التصرف في الملك الخاص).

والدولة حين تتمسك بأنه لا يمكن إخلاؤها من قبل مالك لا يود استمرار عقد الإيجار (فهي بذلك تخرق الدستور) وفي القانون ثمة شرعية لعدم الإخلاء ناتجة عن ضرورة منع التشرد وحين كان القانون بأن إخلاء المستأجر ممنوع إنما كان يقصد المستأجر الضعيف من التشرد والدولة قوية ولا تتشرد.

 هذه الفكرة ناقشتها ملياً مع السيد رئيس مجلس الوزراء وناقشتها مع السيد وزير العدل وأثرتها في مداخلات مجلس الشعب وكانت هناك وعود لكنها لم تتبلور في مشروع قانون، وما يزال هذا الأمر على جدول أعمال الحكومة وما أزال (آمل أن تتم معالجته بوحي الدستور وليس على أساس قانون ظالم).

 نقطتان فشلت في أن أصل بهما إلى النتيجة المرجوة لكن كان هناك نجاح في مواضيع أخرى منها موضوع، وهو القانون الخاص بأوضاع ضباط الصف الفلسطينيين الذين انتهت خدماتهم قبل مدة، ولم يصرف لهم تعويض نهاية خدمة، ولم يتح لهم حظ الاستفادة من معاش تقاعدي، وأحب أن أذكر هنا أن كثيراً من أعضاء مجلس الشعب تحالفوا فأنجزوا هذا الموضوع وفي الطليعة منهم الأستاذ الزميل علي عرفات، وقد ساعد على الوصول إلى العدل في هذا الأمر تعاطف واضح أبداه السيد العماد حسن تركماني وزير الدفاع، وفي الواقع أحب أن أقول إنني ماأزال مستغرباً بل ومستنكراً أسباب سكوت مجالس الشعب السابقة لمجلسنا عن هذا الظلم الذي كان واقعاً بضباط الصف الفلسطينيين الذين عملوا في الجيش العربي السوري والحمد لله فقد كنا من أهل حلف الفضول وأقمنا العدل.

وأحب أن أتوجه بالتحية إلى هؤلاء الأصدقاء ضباط الصف الفلسطيني الذين علموني كيف أكون ممثلاً للشعب باتصالاتهم المستمرة ليلاً نهاراً وبإلحاحهم الحق على أن من حقهم أن يطالبوا ممثلي الشعب بحقوقهم وأنه ليس من حق ممثل الشعب أن ينزعج من هذه المطالبة مهما كانت ملحة.

مجلس الشعب يمكن أن تنظر إليه على انه أشبه بصمام الأمان حين يجأر الشارع بالشكوى من الغلاء والبطالة يجد فيما يقوله ممثلوه في مجلس نوعاً من المتنفس له، متنفسا قد لا يكون شافياً لكنه يعبر عن درجة من الغضب لا بد إلا أن تأخذ بعين الاعتبار من قبل المسؤولين الاقتصاديين ولا يمكن للحكومة أن تتجاهل بالكلية صرخات أعضاء المجلس وهم يطالبون بضبط الغلاء، ولكن كما نعلم ليس كل الأمر بيد الحكومة فثمة ظروف اقتصادية لا يمكن تحديدها.

أما الفساد فقد حاول مجلس الشعب أن يقوم بدور، ولكنه لم يقف ليقيم مدى نجاعة هذا الدور، فقد طلب إلينا رئيس المجلس أن من عنده وثائق في كل قضية فساد ونعرفها، وليس بين يدي بيان من رئاسة المجلس توضح كيف جرى تنفيذ هذا الطلب، فكأننا لم نراجع أنفسنا في هذا الموضوع ثم أنه كان لي موقف أتشارك فيه مع بعض الأعضاء في ضرورة إحياء ديوان المحاسبات وتتبيعه لمجلس الشعب فديوان المحاسبات هو المحاسب المدقق يومياً من طرف السلطة التشريعية على الإنفاق الذي تقوم به السلطة التنفيذية في تطبيق قانون الموازنة، والآن يتبع الجهاز المركزي للرقابة المالية وهو الاسم المستحدث لديوان المحاسبات للسلطة التنفيذية فكأنها تراقب نفسها وتعطي نتائج المراقبة لمجلس الشعب جاهزة وخالصة وكأن مجلس الشعب تنازل عن حقه في مراقبة السلطة التنفيذية لأن العدة التي ينبغي أن تتابع مراقبة التنفيذ ليست عدته ولا تتبع له، تلك النقطة هامة لكن الوصول بهذه النقطة إلى نتيجة منطقية أي تتبيع الجهاز المركزي لمجلس الشعب وآمل أن يتم، ومن الطريف في تاريخ المجلس أن هذا المطلب قديم، وأن مجالس سابقة قد تقدم هذا المطلب فيها إلى حد أنه أصبح اقتراحاً بقانون كتب على ورق ونجح في الحصول على تواقيع ثم لم يحصل شيء. ومجلسنا لم يبلغ ذلك الشأو، وفي هذا الشأن نأمل من المجلس الجديد أن يتابع بل لعله الأفضل أن يتم الأمر بمرسوم تشريعي بعد أن انتهت فترة المجلس الحالي وقبل أن يبدأ المجلس الجديد.

 الاستملاك موضوع مؤجل وقد أثرته مرة قبل أيام قليلة وموضوع حق المرأة في إعطاء جنسيتها لأبنائها موضوع غاب بالكلية عن مذكرات المجلس إذ لم يوضع على جدول الأعمال ومكتب المجلس هو الذي يحدد جدول الأعمال.

 حاولت بكل صدق أن أفعل ذلك والحكم على النجاح أو عدمه يقرره الشعب بنفسه فيما إذا سأل رأيه، وأما تمثيلي الحزبي فيعود الحكم فيه إلى القيادات الحزبية، وبالمناسبة كنت أتكلم مع زميل كريم في جلسة الثلاثاء 6/3/2007 وكان يمارس التدريس في جامعة جورج واشنطن في أمريكا فأعاد إلى الذهن أمراً كنا نمارسه أثناء الدراسة الجامعية في أمريكا، وهذا الأمر هو أن الطلاب يتم سؤالهم في نهاية كل فصل دراسي عن درجة ترحيبه في الأساتذة ثم تنشر نتائج الاستبيان على العلن فمن حق الأستاذ المحبوب من الطلاب أني يعرف ذلك ومن الواجب إعلام الأستاذ الذي لا يحبه الطلاب أنه كذلك، فلو أن مجلة أبيض وأسود تنزل إلى الشارع وتختار عينة عشوائية وتسألها عن رأيها في أعضاء مجلس الشعب الذين عملوا فيه خلال السنوات الأربع الماضية أو عملوا فيه أكثر من ذلك، وقد يكون في ذلك نوع من الفائدة فكثير من وسائل الإعلام في العالم تلجأ إلى هذا الأسلوب. ويكون رأي الشعب على حق.

.. وبعد، قد تكون الإجابات متشابهة نوعاً ما، إلا أننا في النهاية نضع حرية الخيار للسوري- الناخب بأن يقيم ما بين السطور، عسى أن تبدأ دورة تشريعية جديدة في حياة سوريا، دورة لا تهتم فقط بالشعار بقدر ما تسعى إلى تحقيقه.

خالد نجاتي – حزب البعث

قدمت خدمات طويلة في المؤسسات التربوية والمنظمات الشعبية ومؤسسات الدولة بشكل عام ومن خلال برامجها استطاعت أن تعطيني القدرة على ممارسة المسؤولية وتحملها كنائب عن دائرة دمشق.

أنا راض وتشرفت بأن أمثل حزب البعث في دمشق بالإضافة لزملائي، وأعتقد أنني عكست تجربتي غير القليلة كما أعتقد من خلال وجودي في المجلس، حيث انتُخبت مقرراً في لجنة التوجيه والإرشاد وهي من اللجان المهمة في مجلس الشعب وتتعامل مع 6 وزارات خدمية، وهذه اللجنة كما قال رئيس المجلس هي من اللجان الأكثر التزاماً واعتناءً بمشاريع القوانين والمراسيم الرئاسية المتعلقة بها، وقد كنت عضواً في كثير من اللجان لتقديم تقارير لمجلس الشعب حول قضايا مختلفة منها ما يتعلق بدمشق القديمة والسياحة وموضوع الاستملاك... كما أنني شاركت في إعداد تقرير للحكومة وهو مشروع قانون الاستملاك، علماً أن هذا المشروع قد وصل إلى المجلس في الفترة الأخيرة ونوقش في اللجان المختصة وطلبته الحكومة من خلال القنوات الناظمة ولم يعد بعد.

أيضاً تشرفت أن أمثل مجلس الشعب في أكثر من مناسبة إقليمية وكان آخرها في رابطة برلمانات الدول الآسيوية في الفيلبين وقبلها في مؤتمر برلماني خاص بقضايا السكان في القاهرة، كما قدمت عشرات التساؤلات الخطية والمداخلات ونقلت لمرات عديدة في كل المناسبات هموم المواطنين وخاصة قضايا التربية والخدمات، وأقول إن لكل عمل أبيض وأسود.
صعب أن أقول إن العمل كامل دون أي تقصير رغم أنه كان هناك الكثير من المحاولات الجادة والكبيرة وكان رئيس المجلس يدعو الأعضاء لمتابعة الفساد وتقديم ملف بهذا المعنى للمتابعة الشخصية، ولا أجد القدرة الكاملة في متابعة هؤلاء المفسدين، وأعتقد أن السلطة التنفيذية أقدر على التعاون، وقد ساعدت في بعض الحالات.

من ناحية أخرى أعتقد أن الكشف عن أخطاء الحكومة حيث كان، في كل جلسة هناك كثير من التساؤلات مني ومن باقي الأعضاء حول أداء الحكومة، وأقول إن الإعلام لم يكن في المستوى المطلوب لنقله وقائع جلسات المجلس، عمليات المونتاج التي لا أتمناها دائماً لها دور في نقل الحقيقة بشكل غير كامل، وربما يعود السبب إلى المجلس، وأقصد هنا رئيس المجلس، في عدم نقله على الهواء، وربما هو معذور، لذلك أقول إنه أحياناً ينتهي الدور التشريعي والكثير من المواطنين لا يعرفون مرشحيهم، وهناك أسباب مختلفة لهذه الحالة.

ومن الملاحظ أنه في الفترة التي كانت فيها القناة الثانية تنقل وقائع جلسات المجلس أدت إلى التزام الأعضاء أكثر في الحضور والمداخلات والمتابعة والتواصل الحقيقي مع المواطن.

أما من ناحية استجواب الحكومة، وهو حق للأعضاء، حيث كان هناك طلب من أحد أعضاء المجلس، وقد قام السيد رئيس المجلس بأخذ كل الترتيبات التشريعية لاستجواب بعض الوزراء، ولكن بالنهاية انسحب العضو ذاته الذي تقدم بطلب الاستجواب، ولم تجر خلال الدورة الماضية عملية حجب الثقة أو المساءلة، وأعتقد أنه كان هناك بيئة مناسبة تجمع ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ولوحظ أنه تم إعادة تشكيل الحكومة عدة مرات.

أما قضية منح المرأة السورية جنسيتها لأطفالها، قدم بعض الأعضاء مشروع قانون للسيد رئيس المجلس وبدوره يتابع السلطة التنفيذية، وهذا القانون ينتظره الكثيرون ومنهم نحن أعضاء المجلس، ولا يوجد أي خلاف دستوري أو ديني مع حق المرأة في إعطاء جنسيتها لأبنائها، إذ يعتبر حقاً مدنياً مرتبطاً بالدولة.