يطير صواب التراثيون عندما سماع ( فقط سماع ) كلمة عالمانية ، والعكس صحيح ايضا ، ولكن الفارق أن التراثويون يستطيعون شتم العالمانيون بأقذع الصفات ، اما العكس فغير صحيح فلا يستطيع عالماني ليس شتم وانما نقد وليس انتقاد التراثويون لأحتمائهم بعباءة المقدس ، ليخرج الموضوع برمته عن عقلانيته وعلميته ليدخل في تواصيف اخلاقية لا علا قة لها ، ولهذا الموضوع وقفة اخرى .

ولكن الاضاءة مسلطة هنا على حضور هذين التيارين التفكيريين او التكفيريين في سياق التجارب الثقافية للأمم العربية والعالمثالثية (ومنها بالضرورة التجربة السياسية) حيث اظهرت التجارب زجاجية البيوت الثقافية لهذين التيارين ، فالتراثويون يتهمون العالمانيين بالفساد والافساد وهذا صحيح على صعيد التجربة المعاشة حيث فشل تأسيس الدولة الحديثة نتيجة عدم تمكن العالمانيين ( للأسباب تراثية ) من الانتقال ، من الفرد المفرد الى الفرد المجتمع وهذا صحيح واثبتته التجربة ، في المقابل يرى العالمانيون ان التجربة الحياتية المعاشة للثقافة التراثوية لم تنتج الا الدماء والخراب ان كان على صعيد العلاقة بالآخر او على صعيد العلاقة بالتراث نفسه انسانيا كان ام خصوصيا او على صعيد العلاقة بالعصر ومنجزاته وهذا صحيح واثبتته التجربة ، اذا الى اين المفر ؟

فكلا المنزلين من زجاج والاصرار على استخدام الحجارة في الحوار هو ضرورة للوصول الى الحقيقة كما هي … في هذه الاثناء يكون الوقت قد تمشى على ناصية المصالح الكبرى بحيث ( لا نحس ولا ندري ) الا والمياه التي تسربت من تحتنا قد اغرقتنا.

لنتأمل في علاقة فتح حماس الاخيرة كوسيلة ايضاح فقط .. لنفكر .. اذا كان هناك وقت !!!!