لا نحتاج إلى تقديم اعتذار من الاقتباس في العنوان الذي حاولنا به التذكير بمحاضرة لأحد النواب الحاليين، لكننا استبدلنا الكلمة الأخيرة فالمسؤولية من اسم المجلس هي أمام الشعب وليست أمام "الله" كما جاء في عنوان المحاضرة... ومهما كانت الأسباب أو المبررات التي يمكن أن يسوقها المحاضر، لكن الموضوع أساسا مخالفا لمنطق ظهور هذه المؤسسة منذ بداية عصر النهضة وحتى اليوم.. ورغم اختلاف آليات عملية التمثيل السياسي لكنها في النهاية كانت نقطة انطلاق لجعل التشريع والحكم سمة بشرية بعد أن كان حقا مكتسبا له قدسية.

عمليا فان النوايا الحسنة لأي محاضر يسعى لتفعيل الحراك الاجتماعي لا تبرر سحب التفكير بهذا الموضوع خارج "المصلحة" الاجتماعية"، فعمليات الانتخاب هي في النهاية شأن دنيوي بكل المواصفات، وهو ترتيب ظهر بعد القرون الوسطى ولا علاقة له بما سبقه من محاولات في ترتيب شؤون "الرعية"، لأنه مع ظهور مؤسسات التشريع الحديثة تحول "الرعايا" إلى مواطنين هم الغاية من اي تعامل سياسي أو اجتماعي او ثقافي..

عندما تكون المسؤولية أمام الله فإن المؤسسات تعود إلى مراحل التعامل مع "الرعية"، وتبدأ المصلحة الاجتماعية تأخذ سمة أخرى يمكن أن تتحول إلى حالة غيبية، وإلى عودة المقدس أو السلطات المورثة إلى الواجهة.

بينما ندعو أي محاضر حتى ولو كان من رجال الدين ونائب في البرلمان، او مرشحا مستقبليا للدور التشريعي السابق، أو يراعي على الأقل التسمية التي تم إطلاقها على هذه المؤسسات، سواء كان مجلس النواب أو مجلس الشعب أو مجلس الأمة.. وهي تسميات تنطلق من البشر وقدرتهم على التعامل مع الدنيا وفق تشريعات مستحدثة، وليس استنادا لنصوص فندها الفقهاء....

نحن مواطنون ولسنا "رعية"... والعلاقة بين النائب والناخب مرتبطة بالمجتمع وبالمسؤولية الاجتماعية.. وبالقوانين التي صوت عليها الناس... أما المسؤولية أمام الله فهي أمر مرتبط بكل فرد وبشكل منفصل .. ولا علاقة له بالعلاقات التي تظهر نتيجة مجلس الشعب أو النواب أو الأمة أو أي سلطة تشريعية او تنفيذية.. ابتدعها البشر ليستفيدوا منها ولتتم المحاسبة أيضا على أساسها.

مصادر
سورية الغد (دمشق)