عكست الصحف الاسرائيلية الصادرة أمس قيام اتصالات حثيثة بين الادارة الأميركية والسعودية واسرائيل لمناقشة مبادرة السلام العربية قبل طرحها مجدداً على القمة العربية المنتظر انعقادها في الرياض هذا الشهر. وبالامس برزت اصوات في اسرائيل طالبت بتبني المبادرة السعودية، هذا ما كتبه الامين العام لحركة "السلام الآن" ياريف أوبنهايمر في "يديعوت احرونوت" أمس ومما جاء في المقال: "لم تعد المبادرة العربية التي سيمر في نهاية هذا الشهر اربعة اعوام على تقديمها مجرد بالون اختبار لا قيمة له، وانما باتت أهمّ خطوة يقدم عليها العالم العربي منذ قرار الامم المتحدة انشاء دولة اسرائيل عام 1947.

تتضمن المبادرة اعترافاً كاملاً باسرائيل وتطبيعاً للعلاقات بينها وبين العالم العربي بأسره، وذلك بعد ان تنسحب اسرائيل الى حدود السابع من حزيران عام 1967. وللمرة الاولى بصورة علنية وواضحة، تعلن الجامعة العربية استعدادها للاعتراف باسرائيل وقبولها كجزء لا يتجزأ من دول الشرق الاوسط. وهذا لا يجري في الخفاء ولا في محادثات سرية وانما تحت الأضواء ومن دون تحفظات...

بالطبع مطالبة المبادرة العربية بالانسحاب الكامل الى حدود 1967، في مقابل الاعتراف الكامل لا يمكن ان تتحقق بصورة فورية وكاملة. ولكن المبدأ الذي ينادي بأن الاراضي التي احتلت في حرب الايام الستة هي الاساس لحل النزاع العربي الاسرائيلي هو مبدأ صحيح ومن شأنه ان يضمن التطبيع والسلام في المنطقة.

وحتى في موضوع اللاجئين تدعو المبادرة الطرفين الى ايجاد حل خلاق متفق عليه من اجل التوصل الى تفاهم ببن الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. ومعنى هذا البند اعطاء اسرائيل حق الفيتو وعدم التجاوب مع مطالبة الفلسطينيين السماح لكل لاجئي 1948 بالعودة الى ديارهم داخل الاراضي الاسرائيلية. صحيح ان موضوع اللاجئين معقد ومتفجر، لكن المبادرة السعودية تدعو الى التوصل الى صيغة يتفق عليها الطرفان تضمن الحل الشامل. وبهذه الطريقة تتبنى المبادرة موقف اسرائيل التي لا تقبل عودة كل اللاجئين الى اراضيها بعد الانسحاب الى حدود 1967. الاهم من ذلك، سيكون للمبادرة العربية انعكاسها على توازن القوى في العالم العربي باسره، وهي بمثابة صفعة للإسلام الأصولي بزعامة ايران التي ترغب في القضاء على اسرائيل وازالتها عن الخريطة. ان اقرار الصيغة المقترحة للتقدم نحو المفاوضات هي السلاح الأقوى ضد المتطرفين في العالم العربي. فالصراع بين المعتدلين والمتطرفين يصبح اكثر قساوة يوماً بعد يوم، والوقت ينفد ويعمل ضد مصلحة الداعين الى التطبيع والى السلام. والاصوات الداعية الى القضاء على اسرائيل تزداد قوة، وتزداد المخاطر الاستراتيجية مثل الصواريخ البعيدة المدى والسلاح غير التقليدي. لذا فاليوم اكثر من اي وقت مضى يحتاج العالم العربي المعتدل الى التعاون مع اسرائيل من اجل حل النزاع والسعي الى السلام. لقد آن الأوان لأن تقول الحكومة الاسرائيلية بصوت واضح وقاطع: نعم للمبادرة السعودية"