قال مسؤول سوري رفيع أمس الثلاثاء إن بلاده تعتزم سن تشريع هذا العام يمكنها من اصدار سندات وأذون للخزانة وذلك في اطار جهود ترمي الى اصلاح المالية العامة وتحرير الاقتصاد.

وقال عبد الله الدردري نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية لرويترز في مقابلة "إن النظام المالي والمصرفي في سوريا ينضج وينضج بسرعة وسوف يشهد نقلة هامة عام 2007 وهو اصدار قانون الدين العام الذي يسمح للمصرف المركزي ووزارة المالية باصدار سندات خزينة واذونات خزينة وغيرها من أدوات الدين."

وقال الدردري إن الاصلاحات ماضية في مسارها "وأصبح لدينا بالفعل نظام مصرفي جديد واسعار صرف موحدة ومصرف مركزي اكثر استقلالا." والدردري من بين اقلية في مجلس الوزراء تدافع عن التعجيل بالاصلاحات.

وتقترض الحكومة حاليا من البنك المركزي لتمويل ديونها. ويتوقع أن يبقي عجز ميزانية الدولة مستقرا عند حوالي 4.2 في المئة من اجمالي الناتج المحلي.

وتتعرض سوريا لعقوبات امريكية منذ عام 2004 وذلك اساسا بسبب مساندتها جماعة حزب الله اللبنانية وحركة المقاومة الاسلامية حماس لكن الحكومة تقول إن الاصلاحات ساعدت على نمو الاقتصاد 5.2 في المئة العام الماضي مقارنة مع 4.5 في المئة في عام 2005 .

وقد سمح باقامة بنوك خاصة وشركات تأمين ورفعت قيود الاستيراد لكن القطاع العام مازال كبيرا والمركز المالي لمئات من المشروعات العامة غامضا.

وقال الدردري إن معدلات ضرائب الدخل تم تخفيضها بمقدار النصف منذ عام 2003 الامر الذي ساهم في زيادة نسبتها مئة في المئة في العائدات.

وقال إن الامر سوف يستغرق بعض الوقت لتدريب الموظفين وانشاء سوق لاذون الخزانة وسنداتها بعد صدور التشريعات الجديدة لكن الحكومة عازمة على اصلاح المالية العامة ومعالجة مشكلة الدعم الحكومي للسلع الذي يبتلع جزءا كبيرا من الميزانية.

ويتوقع أن يصل الدعم لزيت الغاز (السولار) وحده الى 3.5 مليار دولار هذا العام.

وقال الدردري إن القوانين التي يجري صياغتها ستجبر المشروعات العامة على الادارة على أسس تجارية ورفع معاييرها المحاسبية.

وقال "في النظام المصرفي وفي النظام المالي اعتقد اننا قطعنا اشواطا أسرع مما توقعت واستطيع ان اقول بكل ثقة ان النظام المصرفي السوري الجديد وضع على السكة ويسير بسرعة مقبولة."

واضاف قوله "القضايا الكبيرة التي مازالت امامنا هي قضية اصلاح القطاع العام وقضية الدعم ولدينا قضية حزم الامان الاجتماعي هذه هي قضايا 2007 و2008 ."

وقال الدردري "استطيع ان أقول ان الموجة الاولى من الاصلاح أعطت مفاعليها فهناك تغيير هيكلي في الاقتصاد السوري وهناك موجة ثانية من الاصلاحات في 2007 و2008 وخلال هذين العامين سوف ننجز هذه الملفات بنفس الكفاءة التي انجزنا فيها الملفات السابقة."

وقال الدردري إن سوريا تجري مباحثات مع العراق بشأن ربط شبكات الطاقة في البلدين وذلك في صفقة قد تؤدي الى استيراد النفط العراقي مع تراجع الانتاج السوري.

وأوضح أن بلاده تريد استئناف دورها كمنفذ رئيسي لصادرات النفط العراقية عبر مرفأ بانياس المطل على البحر المتوسط وأن تستقبل النفط الخام في نهاية المطاف لتكريره في ثلاث مصاف تعتزم انشاءها.

وتحسنت العلاقات الاقتصادية بين العراق وسوريا في السنوات الأخيرة من حكم صدام حسين وكان ما بين مئة ألف و200 الف برميل يوميا من الخام يضخ عبر خط أنابيب يربط حقول كركوك العراقية بمرفأ بانياس. وتوقف تدفق النفط وقت الغزو الامريكي للعراق عام 2003.

وقال الدردري "على المدى الطويل من مصلحة سوريا ومن مصلحة العراق أيضا الربط ما بين البلدين في هذين القطاعين الهامين بشبكة انابيب للنفظ والغاز بين سوريا والعراق فإما أن تكون سوريا ممرا للنفظ العراقي إلى البحر المتوسط عبر بانياس وايضا باعتبار سوريا مستهلكا للنفط العراقي."

وأضاف "وأيضا بالنسبة للغاز الطبيعي فرغم الاتفاقات السورية الموجودة لدينا فنحن ندرس الآن مع الجانب العراقي كيف يمكن أن تكون سوريا نقطة وصل هامة لشبكات وانابيب الغاز والنفط وخاصة في الشرق الاوسط الى أسواق العالم والى الاسواق السورية. هذا الربط الشبكي عبر بنية تحتية من التجارة والترانزيت والنفط بين البلدين وهناك تصورات تفصيلية لهذه الامور."

ومضى يقول "خط النفط السوري العراقي فنيا جاهز للتشغيل من الجانب السوري." وأشار الى استعداد سوريا كذلك لاحياء مشروع بناء خط انابيب جديد.

وكان الدردري يشير الى اتفاق تم التوصل اليه مع حكومة صدام بشأن استبدال خط كركوك بانياس الذي يبلغ طوله 880 كيلومترا والذي بني في أوائل الخمسينات من القرن الماضي وقصفته الولايات المتحدة اثناء الغزو.

وواجه العراق مشكلات منذ الغزو فيما يتعلق بانتاج الخام من حقوله في كركوك اذ قام متشددون مرارا بعمليات تخريب استهدفت البنية التحتين للنفط والغاز في الشمال.

ورغم معارضة سوريا للاحتلال الامريكي للعراق إلا أنها اتخذت خطوات في الفترة الاخيرة لتحسين علاقاتها مع الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في بغداد.

واستقبلت دمشق وفدا يقوده الرئيس جلال الطالباني في يناير كانون الثاني وتكررت زيارات مسؤولين عراقيين الى سوريا منذ ذلك الحين. وشاركت سوريا مع الولايات المتحدة وايران في اجتماعات في بغداد الاسبوع الماضي.

وقال الدردري "سوريا يهمها ان ترى استقرارا وهدوءا وازدهارا واعادة بناء في العراق باسرع وقت ممكن وهي تمد الجسور كزيارة الرئيس الطالباني والمسؤولين العراقيين ونضع المشاريع بكل واقعية وعملية وقابل للتنفيذ."

وأشار الى أن البضائع السورية مازالت تصل الى العراق على الرغم من الافتقار للأمن هناك ومازال اتفاق ابرم مع حكومة ما بعد صدام على استيراد الوقود العراقي في مقابل الكهرباء قائما رغم تعطل الامدادات في بعض الاوقات.

وتابع "ليس هناك شك بأن الوضع في العراق ليس وضعا عاديا ولا نستطيع أن نتوقع أن تكون ردود الفعل هناك مثلها مثل أي مكان اخر." وأشار إلى أنه يتعين على الجانبين مضاعفة جهودهما لتنفيذ الخطط.

وأضاف "سوريا بموقعها الجغرافي هي أقرب نقطة وصل بين البحر المتوسط والعراق" وأوضح قائلا "مشاريعنا لتطوير البنية التحتية خاصة المرافئ والطرق السريعة بما فيها الطرق التي تصل الساحل السوري بالعراق تسير بخطـًا حثيثة."

وتنتج سوريا 400 الف برميل يوميا من النفط الخام يتم تصدير نصفه لكن مصفاتيها في حمص وبانياس لا تتمكن من مواكبة الطلب المحلي على الوقود منذ سنوات.

ومن المتوقع أن تتكلف واردات زيت الغاز (السولار) التي تباع بأسعار مدعومة بدرجة كبيرة نحو 1.7 مليار دولار هذا العام وتتوقع سوريا أن تصبح مستوردا صافيا للنفط الخام في وقت قريب قد يكون بحلول 2010.

وقال الدردري إن بناء مصافي جديدة يحظى بالاولوية. وتابع أنه رغم التعطيلات إلا أن الحكومة تتفاوض على التفاصيل المالية والقانونية مع الصين بشأن بناء مصفاة بطاقة 70 الف برميل يوميا. وأوضح أن المفاوضات بلغت مراحلها الاخيرة وأن المصفاة ستتعامل مع الخام السوري الخفيف والخام الثقيل فضلا عن التدفقات العراقية.

وقال إنه تم تشكيل كونسورتيوم يضم مستثمرين من الخليج لبناء مصفاة أخرى بطاقة 400 الف برميل يوميا.

وتم الاتصال بفنزويلا وايران لبناء مصفاة أخرى في حمص وقدمت 18 شركة عروضا لتحديث مصفاة بانياس

مصادر
سورية الغد (دمشق)