خطت سورية ومصر خطوة باتجاه الآخر لكسر الجمود الذي صبغ العلاقة بينهما مؤخراً، وقام نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بزيارة على مصر استغرقت عدة ساعات قام خلالها بتسليم الرئيس المصري حسني مبارك رسالة من نظيره السوري بشار الأسد تتعلق بحسب الشرع " بالتنسيق بين مصر وسوريا قبيل انعقاد القمة العربية المقبلة نهاية الشهر الجاري"، مضيفاً إن مباحثاته مع مبارك "تطرقت للموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين مصر وسوريا والتي تتعلق بأوضاع المنطقة والصعوبات التي تمر بها شعوبها نتيجة ما يفرض عليها من آراء خارجية .

وهذا هو الاجتماع الأول من نوعه على مستوى رفيع بين البلدين منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان الصيف الماضي والذي ادى الى توتير العلاقات خصوصا بين دمشق من جهة الرياض والقاهرة من جهة اخرى.

وأكد الشرع ان بلاده ترفض "تسييس" المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستتولى قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ودعا الى تسوية للازمة السياسية في لبنان على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب".

وقال إن "المحكمة ذات الطابع الدولي خاصة بلبنان ولم يؤخذ رأي سوريا في النظام الاساسي للمحكمة وقلنا مرارا ان هناك تحقيقا دوليا تجريه الامم المتحدة وسوريا تتعاون بالكامل مع لجنة التحقيق الدولية وستظل تتعاون الى ان ينتهي وعندما تصل الامور الى خواتيمها فسوريا مستعدة للتعاون (وتقديم) ما يتطلبه ذلك منها".

وأضاف الشرع ان "المحكمة موافق عليها من حيث المبدا من قبل جميع الاطراف في لبنان ويجب الا تستخدم لا كسيف مسلط ولا من اجل تسييسها والتهديد بها وكل من يستخدم المحكمة للتهديد بها ويكرر هذا العمل يوميا لا يؤيد المحكمة ولا يريد كشف الحقيقة وانما يريد استخدام المحكمة كوسيلة ضغط لاهداف سياسية وهذا امر مرفوض من قبل سوريا".

وقال الشرع "نحن نساهم دائما في تهدئة الساحة اللبنانية وتحدثت مطولا الى الرئيس مبارك عن دور سوريا في التهدئة".

واعتبر ان المعارضة اللبنانية عندما تطلب "المشاركة في الحكم في لبنان لا يمكن ان يكون في ذهنها الغاء طرف اخر لذلك سوريا مع وفاق وطني لبناني-لبناني وهذا هو جوهر اتفاق الطائف وجوهر اي تسوية تقوم على صيغة لا غالب ولا مغلوب".

واكد الشرع ان الرئيس السوري بشار الاسد "لم يكن يقصد ايا من القادة العرب" في التصريحات التي ادلى بها في اب الماضي وهاجم فيها منتقدي مواقف حزب الله اللبناني.

ورد الشرع على سؤال حول محاولات مصر لترطيب الاجواء بين سوريا والسعودية والتوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين بعد تصريحات الرئيس السوري بشار الاسد ابان حرب لبنان.

وقال "لقد نُقِل (تصريح الرئيس السوري) بالخطأ في بعض وسائل الاعلام التي فسرته كما يحلو لها ولم يكن الرئيس بشار الاسد يقصد ايا من القادة العرب وانما بعض القيادات الصغيرة في بعض البلدان العربية".

وتابع "نحن نثمن الجهود المصرية وهي مشكورة ونعتبرها اضافة مهمة في بناء التضامن العربي المفقود الان ونحن نحاول بقدر ما نستطيع ان نساهم في اعادة بناء التضامن العربي لان المرحلة القادمة خطيرة للغاية ويجب ان نكون مهيأين لمواجهة التحديات التي ستفرضها علينا".

وردا على سؤال اخر حول ما اذا كان اجتماعه مع الرئيس مبارك يعني عودة الدفء الى العلاقات المصرية السورية, قال نائب الرئيس السوري "ان اللقاء مع الرئيس مبارك كان دافئا ووديا وشعرت في نهاية اللقاء وخلال استعراضنا لجميع المشاكل والقضايا التي تهم البلدين ان العلاقة القائمة بين الشعبين المصري والسوري تاريخية وعميقة".

واضاف "اتفقنا (خلال اللقاء مع مبارك) على تنسيق تام بين البلدين وخاصة في اول مفصل مهم وهو القمة العربية القادمة" التي ستعقد في الرياض في 28 و29 اذار الجاري.

وكان الاسد وصف في خطاب القاه الاسد في 15 اب القادة العرب الذين انتقدوا حزب الله في بداية الحرب في لبنان في تموز الماضي بانهم "انصاف رجال" من دون ان يسميهم.

واثارت هذه التصريحات غضب مصر والسعودية اللذين كانا انتقدا حزب الله واعتبرا ان العملية التي قام بها في الرابع عشر من تموز 2006 واسر خلالها جنديين اسرائيليين نوع من "المغامرة السياسية" وحملوه مسؤولية تداعياتها.

وتاتي تصريحات نائب الرئيس السوري التي ينفي فيها قيام الاسد بتوجيه اية اهانات للقادة العرب قبل القمة العربية التي ستستضيفها السعودية والتي ينتظر ان تبحث كافة الملفات الاقليمية وخاصة الازمة في لبنان والوضع في العراق والنزاع العربي-الاسرائيلي.

وأوضح نائب الرئيس السوري ان ما يطرح في اسرائيل عن تعديل المبادرة العربية هو محاولة اسرائيلية للتنصل من اي حركة تجاه السلام و"التنكر لما انجز من خطوات حتى الان" في هذا الاتجاه.

وقال ان "ما يطرح الان من تعديلات وما يصدر عن الاسرائيليين بشان موضوع اللاجئين والحدود هذه كلها امور تستهدف تبرئة اسرائيل من القبول بالمبادرة العربية للسلام ونفض يد اسرائيل من اي حركة تجاه السلام العادل والشامل المطلوب منها"، مؤكدا ان "المبادرة العربية لم تأت باي شئ لا تنص عليه الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة ولذلك اسرائيل محرجة لان المبادرة تتضمن كل العناصر الاساسية للسلام وهي لا تستطيع ان تتجاهلها ولا تريد ان تقبلها".

وتنص المبادرة العربية التي اقرت في القمة العربية في بيروت عام 2002 على تطبيع كامل للعلاقات بين كل الدول الاعضاء في الجامعة العربية واسرائيل مقابل انسحاب اسرائيلي الى حدود 1967 كما تدعو الى حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين طبقا لقرار الامم المتحدة رقم 194 الذي ينص على حق اللاجئين في العودة او التعويض.

وأشار الشرع إلى أن تنسيقا يجرى حاليا بين القيادتين المصرية والسورية من أجل إنجاح القمة العربية القادمة.

وأضاف أن "الجهود المصرية مشكورة تعتبرها سوريا إضافة هامة في بناء تضامن عربي وأن سوريا تعمل على المساعدة في هذا البناء خاصة وأن المرحلة القادمة بها الكثير من التحديات التي يجب أن نكون مهيئين لمواجهتها".

وعما ستقدمه سوريا للقمة العربية المقبلة، قال الشرع إن "الورقة التي ستقدمها سوريا للقمة تستهدف إصلاح الوضع العربي وإحياء التضامن ومواجهة التحديات وعلى رأسها الفتنة التي يراد زرعها خاصة في العراق وضرورة مواجهة التداعيات التي يأتي على رأسها الاقتتال غير المبرر بين المذاهب في العراق وعمليات التفجير والقتل على الهوية والتهجير حيث تتحمل سوريا العبء الاكبر في مسألة المهجرين العراقيين".

من جهته قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد ان الرئيس المصري "حريص على توفير الأجواء لنجاح القمة العربية القادمة بالرياض" مؤكدا ان اللقاء مع الشرع "عكس حرصا متبادلا من البلدين على ذلك".

وردا على سؤال حول ما اذا كانت زيارة الشرع انهت الفتور بين القاهرة ودمشق, قال عواد "ليس هناك مجال للحديث عن توتر وفتور فى العلاقات بين مصر وسوريا فالبلدان والشعبان لديهم علاقات تاريخية".

واوضح ان الشرع سلم لمبارك رسالة من الاسد "تعكس العلاقات الاخوية بين البلدين وحرصهما على "انجاح قمة الرياض" مشيرا ان اجتماع مبارك والشرع استغرق قرابة ساعة ونصف الساعة وجاء بناء على طلب الرئيس السوري.

مصادر
سورية الغد (دمشق)