كلما رأيت مادة صحفية عن العولمة ، اغمض عيني واستظهرها كما لو انني احفظها عن ظهر قلب ، وفي كل مرة اقرأ اسم الكاتب / تبة ، اكتشف انه من المشاهير قيما كان او تافها ، يكرر اللعنات ذاتها والنقيق ذاته والهجاء والفحيح والحذير ، مطالبين بألغاء العولمة .. وكيف ؟ بالوعي ! ….

وكأن العولمة آفة عقاقير او مخدرات او ادمان كحولي يجب ان نعي مخاطره بمقاومة مجرد ذكر اسماءها … حتى اصبحت المواد الصحفية التي تتناول العولمة مثيرة للقرف ، من كثرة مافيها من هذا النقيق المكرورة .. لدرجة ان المرء يفكر ان يقول ( على سبيل الجكارة ) ان العولمة ( احسن شي ) واريد ان ادمنها واتبناها طالما هي بهذا الصغر وهذه التبسيطية .

خائفون من العولمة ؟ على عيني .. قولوا لنا من هو مدير عام العولمة ( لنحكي معو ) او ( لندبر واسطة ) او ( لنبوس ايديه ورجليه ) بلكي بيعفينا منها … طيب .. لا تعرفون من هو المدير العام .. موافق .. قولوا لنا ما هي العولمة .. ما شكلها لنقطع عليها الدرب ( كما في مسرحية غربة ) …

ثالثا ايها الكتاب العظام كونوا قدوة لنا ولا تتعولموا ، لا ارى الواحد منكم الا وهو حاملا حقائبه ( ومن بيت شقاع لبيت ارقاع في اربع ارجاء المعمورة ! ) وكأنه يسكن في الايرباص ، ويبحبش على الغوغل وكأنه يستمع الى حكاية الزير سالم ، ويعرف عن ماركات الثياب الاجنبية اكثر مما يعرف عن فوائد الميكرو باص … خلصونا

في كل المخترعات الحديثة هناك عقابيل جانبية لا تلغي المخترع ولا تدعو الى ذلك .. تصوروا لو الغينا التلفونات لأنها تأتي بالمعاكسات ،او الكومبيوتر لأن فيه مواقع جنسية ، وفي كل الاحوال ( مين سائل عنا ) اذا الغينا والغينا فقط .. العولمة اختراع معاصر يجب التعامل والتفاعل معه ، وجزء من هذا التفاعل هو كشف ـ ومقاومة ـ وعدم ممارسة ، المفاعيل الخطيرة وغير الانسانية المرافقة لهذا الاختراع .. ويكفي بالله عليكم ردح في مسألة لا تستطيعون الفكاك منها .

على الاقل عندما تريدون شتم العولمة والسفر الى الارجنتين في نفس اليوم الرجاء عدم اختيار الطائرة كوسيلة مواصلات ، لأنها وسيلة عولمية ، ومن المعيب ان تؤثم فعلا وتأتي بمثله …. ( ما هيك )