حتى لا نستبق الأمور فإن الحملة الانتخابية، أو التوجهات التي يمكن أن تظهر مع الحدث لم تقدم أي مؤشرات، وربما من المبكر الدخول في رسم صورة جديدة غير نمطية لهذا الحدث، وفي المقابل فإن الانتظار لا يعني سوى تجميد تفكيرنا، وترك المرحلة تمر دون محاولة على الأقل لرسم "الانتخابات" وفق الآلية التي يمكنها ان تعيد ملامح "الإرادة الاجتماعية" داخل الدور التشريعي.

فالمؤشرات من الحملات السابقة لا تترك مجالا للانتظار، على الأخص أن التعامل مع مسألة "التمثيل" داخل البرلمان اتخذ شكلا من "الثقافة" التي تضع "حدودا" افتراضية في طريقة تعامل المرشحين مع حملاتهم. فمنذ بداية التسعينات ابتكر المرشحون أسلوبا احتفاليا استمر حتى الانتخابات الماضية، ولم تدفع الاعتبارات "الفكرية" او "الإيديلوجية" بعض المرشحين لاختيار مجالات أخرى بعيدة عن الاستعراض، في وقت كان يفترض ان يستبدلوا هذا المظهر بما يملكونه من أساليب يفرضها تفكيرهم أو برنامجهم الانتخابي.

هذه الصورة "الاستعراضية" ألغت الفوارق بين المرشحين، فهم لم يكتفوا بمخاطبة "الجمهور" بشكل كامل، دون النظر إلى فئاته أو "مصالحه" المعقدة، بل اختصروا أيضا إرادته وفق عامل جذب وحيد تلخصه طرق "الاستعراض" أو إدخال بعض "النجوم" لهذا "المهرجان"، وبشكل يوحي ان مسألة "الواجهة" الانتخابية مرتبطة بفوة بالشكل الأولي للمجتمع، حيث يستطيع "الأب" تلخيص مصالح وإرادة الأسرة.

هذا الدور للمرشحين ربما ينتمي إلى مرحلة ما قبل "المهام التشريعية"، عندما كان المجتمع يختصر بـ"أولي الأمر" وفق المفهوم العام وليس الديني. فالمسألة بالنسبة لهم لا تتجاوز العلاقات التقليدية في المجتمع، وفي المقابل فإن المواطنين يتعاملون مع "الانتخاب" على نفس القاعدة من "المحبة" أو التقدير" أو ربما "القدر" تجاه المرشح، وتصبح رؤية النائب استكمالا للصورة العامة للعلاقات الاجتماعية التي لا تحكمها "إرادة" واضحة في تحقيق ما تريده.. لذلك فإن السؤال اليوم حول "ماذا يمكن أن يقدمه لك مجلس الشعب" يرد عليه بسؤال "ماذا قدم الذي قبله"!! فالمواطن يقفز فوق إرادته باتجاه المحاسبة قبل ان يضع ما يريد ثم يبدأ بعدها في التقييم...

أجوبة المواطن حول "الدور التشريعي" تعكس تسليف "إرادته" للشكل الأبوي الذي يظهر فيه "المرشح".. فالمسألة بالنسبة له ليست "الاختيار" بل التعامل مع "الواقع" الذي يفرضه المرشحون المسؤولون بالدرجة الأولى عن تحويل هذه العملية إلى صورة اعتيادية.. أليس هم نخبا "ثقافية" و "سياسية" و "مالية"!!