لا تسعفني الكلمات لأنني أخشى أن أصل إلى مساحة من تبادل الشتائم.. فعندما انظر إلى الانتخابات أراها في عيون الناس أو عقولهم.. وأحاول معرفة ما تعنيه لهم لأن المسألة بالنسبة لي ليست تصويتا، بل تجربة يمكن أن تحملني إلى الثقافة التي تكوني أو حاول أن أصعد بها نحو لون جديد...

وعندما "رشحت" نفسي فلأنني لا أعرف سوى التواصلمع الناس بدلا من القطيعة، وأفضل أن أكون "سُفرا" كي يعرف الناس شكلي عوضا عن التوقف وراء فكرة العمائم أو"النقاب".. فالانتخابات بالنسبة لي كشفا وليست محطة تمثيل سياسي فقط... وهي حدث يواجهني فأحاول أن أفهمه بدلا من أن أتعب نفسي بقراءة المساحات الناقصة أو متابعة المرشحين المبتسمين، او أصحاب العمائم على ضفاف التايمز وهم يتحدثون دون وجل عن مجتمع بطريقة "الرعية"...

لم ينتابني الخوف يوما بهذه الصورة.. لأنني أحاول أن أعيد تفسير المجال الاجتماعي الذي يتعامل مع الحدث، فتغتصبني المواقف السياسية.. أو ترميني إلى المجال الافتراضي فتصبح "الانتخابات" استعراضا بدويا للتصريحات المضادة التي تبحث عن زمن ولى لكنه ينتعش في كل ثانية نحاول فيها التفكير أو البحث...

أحاول أن أجابه السماء التي تظللني غصبا عني، وتجعل من التفكير خيمة لشرب القهوة أو الحديث عن النوادر... لكنني في النهاية لا أجد سوى أصحاب العمائم يطلون من خلف "الضباب" أو سط الفوضى والضجيج ليرسموا "بناءهم" الذي ورثوه من اصفرار الحدث التاريخي.. فمشكلتي اجتماعية وليست سياسية.. وقضيتي تبدأ من اغتصاب حقي في التفكير والبحث وفرض "القطيعة" التي تجعلني غريبة في زمن العمائم.

أصر على "ترشيح" نفسي افتراضيا بنفس الطريقة التي يقذفون بها التصريحات مفترضين أن "القضايا" منتهية.. وأن الحق "كلي" وأن التراث لا ينتعش بل يمتلك سمة الخلود.. وأنا استجابة لهم سأعلن "العصيان المدني" على التراث الذي يعتبرونه أبدي ... وسأقاطع الجهل بحقوقي التي تبدوبالنسبة لهم "منةَ" أومنحة.. لأنني اكتسبتها رغما عنهم.. وهم يعيشون في عواصم الحداثة ويفرضون علينا قوانين القرون الوسطى.. لهذا السبب قررت الاستمرار في ترشيح نفسي ولو بشكل افتراضي..