زمنيا ستكون الانتخابات حدثا لاحقا، لكن البعض ربما يراها وفق منطق "التصريح الاستباقي"، فيستخدم كل وسائل التعبير الإعلامي لشق ظهور يكلل مسيرة الخيبة السياسية، فهل بالفعل نستطيع ربط الحدثين؟

إعلاميا هذا الأمر أكثر من ممكن، على الأخص عندما يقف البعض في العواصم العالمية ويحاولون خلق نوع من التماس مع "الحدث"، فيعرفون أن القمة ربما تصبح مناسبة لخلق مجال لـ"الضغط" أو "الشد" أو حتى تركيب المواقف، فيلوحون بـ"مقاطعة" الانتخابات دون أن يتعبوا أنفسهم بالبحث عن الرأي بعيدا عن عاصمة الضباب.. أو ربما يستيعيرون مصطلحات من "المعارضة اللبنانية" ويتحدثون عن "العصيان المدني".. والمسألة هنا لا تتعلق بحدث محلي هو الانتخابات، إنما بمناسبة تزداد فيها الحركة السياسية فيصبح الموضوع المحلي عنوانا لأي ظهور "تسويقي".

ربما يملكون "الحق" في التصريح، لكن ما يحدث في الكثير من التحركات اليوم يدخل مجال "الخديعة"، أو خلق مساحة افتراضية داخل مسألة "المعارضة"، وبشكل يحتكر "الرأي الآخر" مهما كانت طبيعته. فالدعوات "التصعيدية" من عاصمة الضباب أو غيرها هي في النهاية بحاجة إلى "المواطن" وليس إلى تحالفات سياسية لأحزاب نحاول البحث عنها في حياتنا اليومية فلا نجدها.

وما بين القمة العربية و الانتخابات مساحة لا تتعلق بـ"المعارضة" أو "السلطة" فهذه المعادلة اصبحت تنتمي للتراث بعد أن خرقت أشكال التعبير السياسي ورسمت تحالفات تذكرنا بعهد "القبائل" و "الأفخاذ" والبطون... وهذه المعادلة تحتاج صيغة تنهي تكلس التراث على مساحة السياسة وتعطي للمواطن من جديد قيمة حقيقية لا تعتمد على التركيز الإعلامي في زمن "الأحداث" المتزامنة أو المترافقة...

المعادلة التي يمكن أن نراها اليوم تبدأ من "الإنسان" الذي يريد بالفعل رؤية العمل السياسي وليس مجرد "إعلان" المواقف... وتنهي المبررات التي تستند إلى توصيف ما هو قائم، واعتباره عائقا أمام أي عمل بناء، لأن الجميع حفظ عن ظهر قلب كل ما تحمله الساحة السورية ثقافيا وسياسيا واجتماعيا وحتى اقتصاديا..
المعادلة هي البحث عن هذا التيار الذي يعتبر المعارضة حالة تفاعلية مع الجميع وليس دعوات فقط لـ"العصيان المدني" أو استبدال واقع بآخر تظهر فيه العمائم كحالة نهائية.. التيار الذي يريد الحفاظ على "قيم الجمهورية" و "الدولة" بالتواصل والبرامج دون حاجة لركوب قوافل "المرجلة" من خارج الوطن.. هذا التيار الذي يعتبر أن عمله بنائي لذلك فهو يحتاج للبقاء في الظل بدلا من خلق "فلاش" إعلامي لا يبهر إلا الواقفين على "المساحة الرمادية".. وهم يحلمون بصور الماضي.