السيد رئيس المؤتمر .
السادة أعضاء النقابة المركزية .
السادة الضيوف.
السادة أعضاء الهيئة العامة.

كم هو جميل أن نتحاور جميعاً دون إكراه أو تهميش أو إلغاء، وكم هو أجمل أن نتبادل المعرفة والرأي فيما بيننا دون ضغط أو ترهيب..! وأن يستطيع كل منّا التعبير عن رأيه بحرية وإن اختلفت الآراء.

في هذا الزمن الذي نعيش فية يقاس تطور الدول وتقدمها بمدى سيادة القانون فيها واستقلال قضائها ، على اعتبار إن الدولة في المجتمعات الحديثة تخضع للقانون ، ولا يخضع القانون فيها للدولة ، كما يخضع للقانون كل من الحاكم والمحكوم على السواء.

وبناء على ذلك فإنني أتطلع مع الكثير من أبناء وطني إلى تحقيق:

1- ضمان فصل السلطات الثلاث , التشريعية، التنفيذية، القضائية عن بعضها البعض , وأن تكون السلطات الثلاث كدولة وليست تابعة لنظام أو حزب.

2- رفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية بما يؤدي إلى حرية العمل السياسي وطي ملف الاعتقال السياسي واطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

3- تعديل قانون نقابة المحامين بما يؤدي إلى استقلال النقابة عن التبعية لأي نظام أو حزب.

4- إلغاء المحاكم واللجان الاستثنائية والمحاكم الميدانية، التي لم ينص الدستور على إنشائها، وكافة النصوص القانونية التي تحجب حق التقاضي، أو تعديلها بما يفتح باب الطعن والمراجعة أمام القضاء .

5- إعادة القضاء الإداري والمحكمة الدستورية العليا والقضاء العقاري وأي قضاء أخر تحت أي مسمى كان ، إلى كنف للسلطة القضائية ممثلة بمجلس القضاء الأعلى المكان الطبيعي. إذ ليس من المعقول أن يكون المشكو منه هو الحكم والخصم.

6- تعديل الفقرة (ط من المادة 50 من قانون العقوبات العسكري )، التي تشمل فاعلي الجريمة والشركاء والمتدخلين ، إذا كان أحدهم ممن تجب محاكمته أمام المحاكم العسكرية، بحيث تقتصر ولايته فقط على الجرائم العسكرية البحتة التي تقع داخل الثكنات. والمهم منح الغرفة العسكرية بمحكمة النقض الإشراف الكامل على المحاكم العسكرية.

7- إن استقلال القضاء يفترض حكماً حياد القاضي، وأن لا يتجه ولائه لغير القضاء، وأن لا يقع تحت تأثير أي ظرف كان يجعله ينحرف عن حياده ، على اعتبار أن استقلال القضاء شرط ضروري لتحقيق حياد القاضي ، والحياد شرط لتحقيق الحق واقامة العدل بين الناس، فلا عدل بدون حياد ولاحياد بدون استقلال، أي أن يكون القاضي منتمياً للوطن والدولة وليس لأي جهة سياسية أو حزبية.. تطبيقاً لنص المادة 81من قانون السلطة القضائية التي نصت:( يحظر على القضاة إبداء الاراء والميول السياسية . ويحظر كذلك على القضاة الاشتغال بالسياسية ونرى هنا ضرورة تعديل المادة المذكورة بحيث تصبح: ( يحظر على القضاة إبداء الآراء والميول السياسية بصدد القضايا المنظورة أمامهم ، و يحظر الانتماء الى الأحزاب السياسية والدينية ، تحت طائلة العزل. ونكتفي بالنسبة للقضاة العسكريين تطبيق المواد 147 وحتى المادة 150 من قانون العقوبات العسكري.

8- و إن استقلال السلطة القضائية يستوجب استقلال التفتيش القضائي، وأن لايكون للسلطة التنفيذية أي ممثل لها في مجلس القضاء الأعلى, مما يعني عدم وجود وزير العدل أومعاونه من مجلس القضاء الأعلى.

9- لوحظ خلال السنوات الماضية أن مراسيم العفو التي صدرت ، إنما شملت قسم من الجنح والفاسدين ناهبي مال الوطن والشعب، مما جعل المال العام في مهب الريح وأصبح سارق الوطن في مأمن من أي حساب, وهذا ما أدى فعليا ً إلى ازدياد نسبة الفساد المستشري على امتداد الوطن.

إن تحقيق ما تقدم يمنح القضاء السوري حصانة وقوة ومنعة ويجنبه ما حصل ويحصل من تدخلات وأخطاء كما حصل في بعض القضايا التالية على سبيل المثال لا الحصر:

 كما في قضية الأستاذ ميشيل كيلو المعتقل منذ حوالي عشرة أشهر، حيث تنم تعطيل القرار القضائي القاضي بإخلاء سبيله خلافاً لأحكام قانون العقوبات ولاسيما المواد 357 و358 و361 منه.

 والمحام العام الأول بدمشق يطعن بقرار قاضي الإحالة المتعلق بالناشط السياسي فاتح جاموس ذي الرقم 306 تاريخ 28/6/2005 بعد مضي أربعة أشهر على صدوره واكتسابه الدرجة القطعية ، وذلك خلافاُ لأحكام المادة 343 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي أجازت للنيابة العامة الطعن بقرارات قاضي الإحالة خلال ثلاثة أيام تبدأ من اليوم التالي لصدور القرار.

 والنيابة العامة بدمشق ترفض تحريك الدعوى العامة: التي أقامها الأستاذ ميشيل كيلو والمحامي أنور البني ورفاقهم على الإعلامية ماريا معلوف بجرم القدح والذم والتحقير. خلافاً للمادة الأولى من قانون أصول المحكمات الجزائية.
 المحام العام الأول بحلب، يحرك الدعوى العامة بحق محامية من فرع دمشق خلافاً لأحكام القانون ولاسيما المادة 78فقرة ب/ من قانون تنظيم المهنة.

أخيراً، يجب أن نسعى جميعاً إلى تأصيل روح الحرية واحترام القانون لدى الحكام والمحكومين على السواء وجعل هذه الروح حية على الدوام في قلوب الناس ، علنا نساهم في تكوين وعي حقوقي وأخلاقي ذو محتوى إنساني لدى الناس جميعاً، في عملية مستمرة ودائمة ،بدءاً من البيت والمدرسة والجامعة والمعمل ..الخ ، وجعله منطلقاً وأساساً في بناء وتطوير وطننا وإعلاء رايته عالياً بين الأمم وتخليصه من كل عيب، خاصةً ذلك الفساد المستشري الذي أصبح ينام ويأكل معنا. فما قيمة نصوص الدستور والقوانين إذا لم يقم على تطبيق تلك النصوص نقابة محامين حرة مستقلة وسلطة قضائية مستقلة كفأة وعادلة .
دمشق في 19 /3/2007

ملاحظة: كان حاضرا المؤتمر وزير العدل ونقيب المحامين والمحام العام الأول بدمشق وممثل عن حزب البعث، ألقيت مداخلتي دون أية مقاطعة، حيث لقيت صدى طيب لدى المحامين، سألني وزير العدل في رده ما هو معيار استقلال السلطة القضائية؟ وأضاف أن الدول التي عملت بقضاء مستقل تماماً تفكر الآن في العودة عن هذا المبدأ لأنه ثبت فشله، وقد دعاني لشرب فنجان في مكتبه لمناقشة الأمور الأخرى التي وردت في مداخلتي. وقد حاولت الرد على الوزير إلا أن رئيس المؤتمر الأستاذ جهاد اللحام تجاهل طلبي. وقد لوحظ غياب تام لممثلي ما يسمى بالمعارضة السورية وما يسمى أيضاً بلجان حقوق الإنسان، وقد شعرت في بداية الأمر أنني أغرد لوحدي خارج السرب، لولا إثناء الكثير من الزملاء المحامين على ماورد في مداخلتي. كما تحدث عدد من الزملاء بأوضاع المهنة والقضاء وكان بعضها جيداً.