الاتحاد

خيارات محدودة أمام "حكومة الوحدة"... ودعوة لإصلاح القضاء الإسرائيلي

ضرورة التريث قبل الحكم على حكومة الوحدة الفلسطينية، ودعوة للعودة إلى خطة كلينتون للسلام، واحتدام النقاش حول الإصلاح القضائي في إسرائيل، والخيارات المطروحة أمام الدولة العبرية للتعامل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة... قضايا نعرض لها ضمن جولتنا الأسبوعية في الصحافة الإسرائيلية.

"الحكم على الأفعال": بهذا العنوان استهلت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي محيلة إلى حكومة الوحدة الفلسطينية التي شُكلت مؤخراً، وداعية في الوقت نفسه إلى ضرورة التعامل معها ومنحها فرصة إدارة شؤون الفلسطينيين. فالصحيفة تستند إلى بعض القراءات ضمن المشهد السياسي الإسرائيلي، لا سيما تلك التي يعلنها أقطاب "اليمين" داخل حكومة أولمرت وتطالب بمقاطعة الحكومة الجديدة لتشدد على ضرورة التريث في ظل اقتراح البعض قيام إسرائيل بعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة بهدف إسقاط الحكومة الفلسطينية. الصحيفة ترى عكس ذلك وتدعو إلى التروي والحكم على أفعال الحكومة الجديدة التي لن يكون على إسرائيل التعامل مع أعضاء "حماس" المشاركين فيها، لما تمنحه هذه الحكومة من سلطات واسعة إلى الرئيس محمود عباس وتخويله صلاحية التفاوض مع إسرائيل. وإذا كانت الدولة العبرية تنتظر من السلطة الجديدة الوفاء بمعايير اللجنة الرباعية وتفكيك ما تسميه الصحيفة بالبنية التحتية للإرهاب، فإن مطالب الشعب الفلسطيني لا تقل أهمية، فهم يريدون من حكومة الوحدة الوطنية إنهاء الصراع بين الفضائل وإعادة اللحمة بين المكونات الفلسطينية المختلفة. لذا تركز الصحيفة على ضرورة منح فسحة من الوقت للسلطة الجديدة، خاصة وأن المساعي التي يبذلها إيهود أولمرت ووزيرة خارجيته "تسيبي ليفني" لدى الدول الأوروبية للاستمرار في مقاطعة الحكومة الجديدة لن تجدي فتيلاً في ظل المصالح الخاصة بكل دولة. أما عن المخاوف التي أشار إليها جهاز الأمن الداخلي "شين بيت" بشأن وجود أسلحة داخل قطاع غزة قد تهدد أمن إسرائيل، فإن الصحيفة تذكر بأن الأسلحة موجودة أيضاً بمقربة من الحدود لدى سوريا ومصر، وبأن السبيل لتفادي استخدامها هو الدخول في حوار حقيقي مع الأطراف كافة.

"العودة إلى خطة كلينتون": كتب وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق "شلومو بن عامي" مقالا على صفحات "هآرتس" يوم الاثنين يقارن فيه بين مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية في القمة العربية ببيروت عام 2002، وبين خطة كلينتون للسلام التي شارك "شلومو بن عامي" في صياغتها. لكن الكاتب قبل تعداد أوجه الشبه والاختلاف بين المبادرتين يشير إلى تأرجح السياسيين في إسرائيل بين التشدد في المواقف والعدول عندها لاحقاً. فالسياسيون الذين شقوا طريقهم لسنوات عديدة عبر تخدير الرأي العام باستحضار الرؤى التبشيرية الزائفة، والذين ملأوا الأرض بالمستوطنات ونعتوا كل من تجرأ على الدعوة إلى تقسيم القدس وإعادة الأراضي إلى الفلسطينيين بالخونة، أدركوا أخيراً حقائق الحياة وغيروا آراءهم. وهكذا، يقول "بن عامي"، تحول رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزيرة خارجيته "تسيبي ليفني"، بل وحتى زعيم المعارضة "الليكودي" بنيامين نتانياهو إلى سياسيين ملتزمين بالمبادرة السعودية للسلام. واللافت حسب الكاتب أن المبادرة العربية تطلب من إسرائيل ما هو أكثر مما طرحته خطة كلينتون، والتي اعتبرها رئيس هيئة أركان الدفاع الإسرائيلي وقتها "شاؤول موفاز" بأنها تهديد وجودي على إسرائيل. فبينما تطالب المبادرة السعودية بانسحاب إسرائيل إلى حدود 1967، طرحت خطة كلينتون الحفاظ على المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية والانسحاب من 97% من الأراضي. أما فيما يتعلق بالقدس يقول "بن عامي" إن المبادرة العربية كانت واضحة في تشديدها على تقسيم المدينة إلى شطرين شرقي وغربي، في حين أشارت خطة كلينتون إلى الاحتفاظ بالأحياء اليهودية في القدس الشرقية تحت السيادة الإسرائيلية.

"النقاش حول الإصلاح القضائي": خصصت صحيفة "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم السبت الماضي للتطرق إلى موضوع مهم، يتم تداوله داخل إسرائيل حالياً ويتعلق بالإصلاح القضائي. هذا الإصلاح كما تشير إلى ذلك الصحيفة رافقه الكثير من الجدل على خلفية الصراع الناشئ بين رئيسة المحكمة العليا "دوريت بينيتش" ووزير العدل البروفيسور "دانيال فريدمان" بسبب مطالبة هذا الأخير بإدخال بعض الإصلاحات على الجهاز القضائي في إسرائيل ومعارضة رئيسة المحكمة العليا لذلك. لكن مهما تكن درجة التوتر بين "بينيتش" و"فريدمان" تعيب الصحيفة على رئيسة المحكمة العليا إعلانها أمام الملأ في تصريح لها "بأن لا وقت لديها لتضيعه في المناقشات"، فأيا كان الموقف من الإصلاحات المقترحة يبقى من المهم، حسب الصحيفة، فتح نقاش حول الموضوع وإطلاع الرأي العام بحيثياته. ويتمحور الإصلاح المقترح حول تمكين الجهاز التشريعي ومنحه سلطات أكبر يستطيع بموجبها رد قرار المحكمة العليا الرافض لأحد مشاريع القوانين، وذلك من خلال السماح للكنيست بتعديل القانون، أو إعادة اعتماده من قبل أغلبية كبيرة. ويسعى وزير العدل أيضاً إلى إصلاح الأسلوب الذي يتم به اختيار القضاة في المحكمة العليا. ويهدف هذا الإصلاح في المحصلة النهائية إلى الحد من السلطات الكبيرة التي يتمتع بها الجهاز القضائي في إسرائيل وإقامة التوازن بين السلطات الثلاث كما هو مفترض في النظام الديمقراطي.

"خيار حماس": تناول المعلق الإسرائيلي "سيفر بلوكر" في مقاله المنشور على صفحات "يديعوت أحرنوت" يوم الإثنين الماضي مسألة الخيارات المطروحة حالياً أمام الحكومة الإسرائيلية بعد تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية. فبالنسبة للكاتب ليس هذا التطور سوى انتصار "لحماس" على غريمتها التقليدية "فتح" ونجاحها في فرض أجندتها السياسية على الساحة الفلسطينية، لا سيما وأنها لم تتزحزح عن مواقفها المعروفة. وفيما يتعلق بالخيارات يرى "بلوكر" أنها تنحصر في ثلاث مقاربات لا أكثر، بحيث يمكن للقيادة الإسرائيلية أن تواصل حملتها المناوئة للحكومة الفلسطينية. هذا الخيار الذي يقول الكاتب إنه لن يكلل بالنجاح بسبب ميل الدول الأوروبية إلى الاعتراف بحكومة إسماعيل هنية. والخيار الثاني هو ممارسة ضغوط عسكرية على الحكومة باجتياح الأراضي الفلسطينية، ما سيمنح "حماس" المزيد من الشعبية لدى الرأي العام الفلسطيني. أما الخيار الثالث والأخير فيتمثل في مكاشفة حكومة أولمرت للمواطنين الإسرائيليين ومصارحتهم بأن الحل إنما يكمن في فتح حوار مباشر مع "حماس" وبدء التفاوض انطلاقاً من أجندتها السياسية.