ماذا يفعل الأوروبيون في سوريا؟

“كل خير”، ترد دمشق. فهم بتدفق سيل وزراء خارجيتهم ومسؤوليهم، أثبتوا أن عزلها أمر صعب، لأنها حينها ستكون جزءاً من المشكلة لا من الحل لمتاعب الغرب في الشرق الأوسط.

والأرجح أنها (دمشق) على حق. فليس بالأمر البسيط أن يحط في مطار دمشق خلال أشهر قليلة وزراء خارجية اسبانيا ميجيل موراتينوس، وألمانيا فرانك فالتر شتاينمار، وهولندا روبرت بوت، وبلجيكا كارل دز غيرت، مروراً بالطبع بخافيير سولانا المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.

كما ليس هَيناً أن تقبل فرنسا كل هذا الحراك الأوروبي الكثيف في بلاد الأمويين، بعد أن كانت قبل فترة قصيرة “تتآمر” مع واشنطن لتحويل ما تبقى من دور إقليمي سوري في الهلال الخصيب إلى أثر بعد عين.

كل هذا صحيح ودقيق. لكن ما هو صحيح أيضاً أن الأوروبيين الذين يفكون هذه الأيام العزلة التي فرضتها واشنطن وباريس على دمشق منذ اغتيال رفيق الحريري العام ،2005 لا يفعلون ذلك مجاناً أو من موقع كرم الأخلاق. إنهم يأتون ويغادرون وفي جعبتهم أهداف عديدة: تخفيف الضغط السوري على حكومة فؤاد السنيورة، وتقليص حجم التحالف السوري الإيراني. مساعدة الأمريكيين على ترتيب أوضاعهم في العراق، وعدم اعتراض دمشق للفلسطينيين الساعين إلى تسوية ما مع “إسرائيل”. وهذا في مقابل تنفيذ اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الجاهز ولكن المجمد منذ العام ،2003 وإقامة جسور اتصال جديدة بين سوريا وأمريكا.

كل هذه الأهداف لها بالطبع نكهة أمريكية واضحة. لا بل أكثر: التحرك الأوروبي نحو دمشق لم يكن ليحدث، لولا موافقة واشنطن عليه أو حاجتها إليه. وضع العراق يتطلب ذلك، وكذا الأمر بالنسبة لوضع إيران التي باتت مسألة عزلها عن سوريا تحتل حيزاً بارزاً، إن لم يكن الحيز الأبرز، في كل جداول الأعمال الغربية.

بيد أن ذلك لا يعني أنه ليس للأوروبيين خططهم الخاصة إزاء سوريا. كل ما في الأمر أن هذه الخطط لا يفصح عنها علناً، أو على الأقل لا تناقش أمام كاميرات التلفزة.

ما هذه الخطط؟

إنها جزء من استراتيجية طورها الاتحاد الأوروبي السنة الماضية، وتقضي باعتماد سياسة أوروبية مشتركة لمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.

ففي يونيو/ حزيران من العام الماضي، تبنى الاتحاد الأوروبي خطة عمل لوضع هذه السياسة موضع التنفيذ. وقد شددت الخطة على أهمية العلاقة التكاملية بين الدبلوماسية واستخدام القوة، وليس فقط على أهمية الخطوات المتخذة من قبل الأطراف مجتمعة، كما سلطت الأضواء على الحاجة الى إشراك الولايات المتحدة وروسيا كشريكين أساسيين في الجهود المبذولة لمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط.

وفي تحرك اعتبر قطيعة مع سياسات الماضي، وافق الاتحاد الأوروبي على التأكيد بأنّ مستقبل التجارة الأوروبية كاملة ومعاهدات التعاون الموقعة مع أطراف ثالثة، ستتضمن بنداً يتعلق بمكافحة الانتشار المذكور، موضحا أن هذه المسألة ستصبح شرطاً أساسياً في كل الاتفاقات التي يعقدها الاتحاد الأوروبي في المستقبل.

لكن، كيف يمكن للاتحاد الأوروبي تطبيق هذه الاستراتيجية الكبيرة والطموحة على سوريا؟

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)