العلاقة الوحيدة التي كانت تربطني بمجلس الشعب، هي أنه نقطة علام بيني وبين أصدقائي، نلتقي بالقرب منه لننطلق بعدها إلى سوق الصالحية أو الحمراء، وهكذا فإن معرفتي به لا تتعدى شكله الخارجي فقط، حتى ذاكرتي الانتخابية مازالت بيضاء نقية، فأنا لم أشارك يوماً في انتخابات هذا المجلس، ليس من باب المقاطعة المبنية على موقف ما، وإنما لأن المجلس لم يكن له أي حضور أو فاعلية في تفاصيل حياتي كمواطن ينقصه الكثير، تماماً بحجم مطالبه الملحة، وبهذا فإن الإجابة على السؤال الذي طرحناه: ما الذي تريده من مجلس الشعب القادم؟ كشفت حالة فقدان ثقة بلغت حدها الأقصى، ليمتنع معظم من اتصلنا بهم عن الإجابة مكتفين بكلمات مقتضبة (بدي ياه يحل عن....) (سلامته فقط) (أن يأخذ دوره التشريعي)، (إجراء عملية قثطرة لقلبه المتعب) وغير ذلك من الإجابات التي تشي بذاكرة شعبيه لم يسجل فيها مجلس الشعب أي إنجاز يذكر.
فهل يستعيد هذا المجلس ماء وجهه في دورته التشريعية التاسعة؟ وبعيداً عن حالة (اللاأمل) ما الذي نريده حقاً من مجلس الشعب؟ كيف عليه أن يكون وأي صورة عليه أن يزيحها عنه؟.. أسئلة وضعناها برسم عدد من المثقفين السوريين، فكان الاستطلاع التالي:

عبد الحميد توفيق: القادم نسخة فوتوكوبي عن الحالي

أنا كمواطن سوري أريد من المجلس أن يكون صدى لهمي واهتمامي ومطلبي على كل المستويات الشخصية والوطنية، وحتى على مستوى بنيته كمنبر تشريعي يفترض به أن يكون معبراً عن حالة وطنية اجتماعية سقفها الأساسي هو الأمانة والوفاء.
وبالتالي فإن المجلس المقبل إذا أراد أن يكون مجلساً للشعب عليه استقطاب مرشحين يحوزون على صفات ومعايير شخصية ثقافية في إطار إحساسهم بكرامتهم وكرامة الشريحة التي يمثلونها، لكنني أعتقد أن هذا الأمر منوط بآلية الاختيار والانتخاب في ظل غياب آلية سليمة منطقية للانتخاب، لذلك أنا لست متفائلاً بشكل مسبق بأن أرى مجلس شعب تحت قبة برلماننا مقنعاً وقادراً على تبني طروحات هذا المجتمع، فالمجلس القادم لن يكون إلا نسخة (فوتوكوبي) عن السابق، عموماً كل قضايا المواطن هي واجب على هذا المجلس من حيث الحصول على فرصة عمل وأن يعبر عن رأيه بحرية ودون خوف، كما عليه النظر في مسألة الفساد والتي ضربت أطنابها في بعض أروقة المجلس ومازالت، وبهذا لا أستطيع التفاؤل بشيء ولا أرى ملامحه إلى الآن، فالتجارب السابقة لم تكن مشجعة، إذ لم يسجل أي نائب في الدورة السابقة من وجهة نظري أي حضور وانسجام مع ذاته، والسبب أنهم محكومون بسقف ليس سقف بعض المؤسسات، هذا السقف هو خليط من الحالة الشخصية عند النائب وارتباطه أو ولائه لحالة غير صحيحة، أخيراً إذا تمكن مجلس الشعب من وضع نفسه كهيئة تشريعية في إطاره التشريعي الحقيقي بعيداً عن الانتماءات الحزبية والتقسيم المناطقي فإنه سيقدم شيئاً حقيقياً دون أن يكون منبراً لزيد أو عبيد.

د. عفيف بهنسي: الفساد أولاً وأخيراً

نأمل أن يتطلع المجلس لحل المشكلات المستعصية التي يعاني منها الشعب والدولة وهي الفساد الإداري، الهدر وعدم فصل السلطات، أما فيما يتعلق بالفساد فمن الواضح أن الحل الأساسي لوقف الفساد بكافة أشكاله سواء كان قائماً على سرقة الأموال العامة أو الرشاوى أو المكافأة فإن سببه عدم التوازن بين الأجور والأسعار، فليس من المعقول أن ترتفع الأسعار بنسبة 100% بينما لم ترتفع الأجور إلا بنسبة 20%، وهذه المشكلة لم تستطع الوزارات المتعاقبة إيجاد حلول لها إلا عن طريق الحلول الجزئية بأن ترتفع مثلاً رواتب أساتذة التعليم العالي أو ترتفع قليلاً رواتب القضاة والعسكريين، بينما فئات كبيرة من العاملين في الدولة مازالت مواردهم تحت حدود الكفاف، ولذلك لا يوجد أي قوة يمكن أن تقهر الفساد الذي يقوم به بعض العاملين في الدولة إلا عن طريق تحقيق توازن ثابت بين الأسعار والأجور.

أما بالنسبة للهدر الذي يقوم على الاستهتار بالموارد العامة أو على سرقة هذه الموارد وتهريبها مثل المازوت والكهرباء والمياه، فإن كل القوانين التي صدرت لم تستطع إيقاف الهدر المريع والخسائر البالغة التي تتحملها ميزانية البلاد بملايين الدولارات، وأشدد على كلمة دولارات لأن هذا يعني أن الهدر يهدد الاقتصاد الوطني.

ثالثاً: يصل الفساد بقوة وبخطورة أحياناً إلى القضاء ويعود السبب إلى عدم فصل السلطات، ففي الدساتير السورية كان هذا المبدأ أساساً مما يجعل السلطة القضائية مرتبطة بهيئة أو مجلس أعلى للقضاء لا تحكمه المصالح أو التوجهات السلطوية.
وبصورة عامة فإنني أتمنى الإسراع بتشكيل مجلس الشورى الذي يعتبر بمثابة مجلس الشيوخ في العالم، ويضم نخبة من أعلام الفكر والسياسة ومن أصحاب الخبرات العالية التي يمكن أن تسهم عن طريق هذا المجلس في دعم مسيرة التقدم التي تناط عادة بمجلس الشعب وبالحكومة، وإنني أرى أيضاً أنه من الضروري أن يربط مجلس الشعب القادم فعاليته بالاتصال بالمغتربين الذين يطمحون لكي يعلنوا عن تطلعاتهم من خلال مجلس الشعب.

وإنني أقترح زيادة عدد لجان المجلس بما يوازي عدد لجان الوزارات والفعاليات الحكومية، كما أتمنى الإسراع في خطة بناء جديد لمجلس الشعب في حديقة المجلس الحالي على أن يحافظ على البناء الحالي بوصفه أثراً معمارياً أصيلاً.

خالد خليفة: لا يحق للمجلس إلا أن يرحل صامتاً

أتمنى من مجلس الشعب القادم أن يعي حقوقه الدستورية كاملة ويستعيد بعضاً من فعاليته كمؤسسة دستورية وتشريعية، في مواجهة السلطة التنفيذية كما يحدث في أي دولة هي متخلفة عن سوريا بمئات السنين، وأتمنى أيضاً، وهذه أيضاً من الأماني البعيدة للمواطن السوري، أن يجلس على مقاعد المجلس ممثلون حقيقيون لأصوات الناخبين التي هدرت وجرى الاستهانة بها لسنوات طويلة، إلغاء قانون الطوارئ، تفعيل الحياة السياسية، ليس محاربة الفساد وإنما محاسبة كل الفاسدين محاسبة حقيقية، وأعتقد أن أي مجلس نيابي حقيقي لديه من العمل الجاد ما يكفيه لعشر سنوات وليس لدورة لأن أخطاء السنوات الماضية قد تراكمت إلى درجة يبدو لي أنها تحتاج إلى عمل مثابر وحقيقي ووطني لإزالة آثارها المدمرة على المجتمع السوري. فالمجلس السابق يشبه كل المجالس التي مرت خلال الثلاثين سنة الماضية، عديم الفعالية والثقة فيه معدومة، ومادامت الصلة مقطوعة بينه وبين الناخبين وبما أنه قد تخلى عن مهامه الدستورية الأساسية فلا يحق له إلا أن يرحل صامتاً.
وأنا شخصياً لدي رغبة حقيقية قبل أن أموت وهي أن أقترع لنائب أعتبره ممثلي، لم أنتخب طوال عمري ولن أنتخب ويكفي أن نائباً رفعت الحصانة عنه لمجرد حديثه عن موضوع لم يرضى عن طرحه.

سالار أوسي: الناس لايعرفون عشرة أسماء من أعضاء المجلس

أعتقد أن السؤال: ماذا تريد من مجلس الشعب؟ سؤال لا يُطرح على المواطن، فمجرد ذهابه إلى صناديق الاقتراع يهدف أولاً إلى اختيار من يمثله ليوصل بصوته ومعاناته إلى أصحاب الحل والربط، وعبر الشخص المختار من قبله وقبل غيره، لذلك ربما يجب طرح السؤال على النواب الجالسين تحت قبة البرلمان: ماذا يمكن أن تقدم للذين خصصوا لك مقعداً في هذا المبنى؟
باعتقادي- وأنا في ذلك أنطلق من نفسي- أن المواطن رغم اهتمامه بالانتخابات، لا يعول كثيراً على ممثليه، فأنا مثلاً لا أذكر أنني توجهت إلى من اخترته ليكون ممثلاً عني، لحل مشكلة ما أعانيها ويعانيها غيري. مجلس الشعب كسلطة تشريعية لا يقوم بشكل فعلي بدوره كي يردم هذه الهوة الواضحة بينه وبين الشعب. وأرى أن عضو مجلس الشعب في النهاية هو المستفيد الأول، إذا ما أخذنا بالاعتبار فائدة ما تذكر للشعب.
في كثير من دول العالم، النائب في البرلمان هو الشخصية الأكثر فعالية والأكبر نشاطاً وربما شهرة، أما عندنا فلا يخفى أن معظم المواطنين ربما لا يتذكرون أسماء عشرة من نوابنا في ما لو طلب منهم ذلك. وهذا دليل آخر على المسافة التي تفصلهم عن ممثليهم.

د. غسان السباعي: صوتي وعدمه سواء

أولاً، المرشحون لمجلس الشعب ليسوا بحاجة من حيث المبدأ لصوتي، لأن الأسماء الناجحة محددة سلفاً، بيني وبين نفسي لا أشعر بجدوى هذا الصوت، وليس لتصويتي أية أهمية، يمكن القول إن هذا المجلس ليس مجلساً تشريعياً فالمفروض أن تكون الوزارة مسؤولة أمام المجلس وهو من يحاسبها أو يقيلها، لم نر سابقاً أي مرشح تقدم ببيان انتخابي، وحتى أحزاب الجبهة ليس لها بيان، المواطن عندما يذهب للانتخابات على أي أساس يذهب إليها إذا كان سينتخب فلاناً ولا يعرف عنه شيئاً، أو عن سياسته المقبلة؟ يجب أن يكون هناك هامش أكبر من الحرية، وأول خطوة هي إلغاء الأحكام العرفية، نحن نعرف أن ممثلي أحزاب الجبهة ناجحون، فالانتخابات شكلية.
وأعتقد أن البرلمان فقد دوره لأن العمل السياسي في البلد شبه معدوم، وأنا كمواطن أتمنى حسب قرارات المؤتمر القطري لحزب البعث الذي أقر بقانون الأحزاب أن يصدر قانوناً عصرياً للأحزاب، وقتها سيكون هناك حراك سياسي وفاعلية.

د. نبيل اللو: البيئة والتلوث والاختناقات المرورية

شغل مقعد في مجلس الشعب يختزل ثقة مجموعة من الناس أوصلت بأصواتها من يمثلها ويدافع عن مصالحها بالتوافق مع مصالح البلاد.
أرجو من أعضاء مجلس الشعب القادم أن يعكفوا على حل مشكلات كانت تعد إلى ماض قريب مشكلات ثانوية كمشكلات البيئة والتلوث والاختناقات المرورية والإدارة والتعليم، وهي جميعها تصب في خانة نوعية عيش المواطن تنعكس في أدائه الوظيفي الإنتاجي مروراً بأدائه الاجتماعي. الهم الخاص مبرر نقله والدفاع عنه إنما يسبقه الهم العام، فلكل مواطن فيه نصيب.

بالمختصر المفيد:

لينا هويان الحسن: أريد من أعضاء المجلس أن لا يتفرجوا أو يملؤوا جيوبهم باستثناءات، في جلساتهم نجدهم (شي نايم شي فايق)، ومنهم من ينتظر انتهاء الجلسة بفارغ الصبر، عملهم الحقيقي هو علاقات عامة قبل الجلسات وبعدها.
غسان مسعود: لا أريد منه شيئاً على الإطلاق، أن يكفيني شره كما يكفيني خيره..
لقمان ديركي: لا أريد أن يكون هناك مجلس شعب.
رشا عمران: مطالبي بسيطة: بيت وراتب يكفيني لعشرة أيام في الشهر.