‏ الوطن القطرية / محمد ظروف

أليست ظاهرة تدعو إلى التأمل والدراسة المعمقة أن كل المسؤولين الأميركيين، يقولون الحقيقة، عندما يتركون مواقع المسؤولية، ويعترفون بأخطاء سياسات حكوماتهم المتعاقبة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط؟، ثم أليس أمرا مستغربا ألا يشذ حتى جون بولتون ـ وهو المندوب الأميركي السابق في الأمم المتحدة، الذي كان أكثر دعما وتعصبا لإسرائيل، حتى من المندوب الصهيوني نفسه ـ وأن يؤكد في أحدث تصريح له أن السياسة الأميركية في العراق كانت خاطئة، وأن دعم واشنطن لإسرائيل في حرب يوليو من العام الماضي، ضد حزب الله لم يحقق أي نتائج؟، وماذا سيقول أصدقاء بولتون في لبنان، والذين يمثلون فريق الأكثرية، ردا على اعترافاته الهامة، وهم الذين بادروا إلى تكريمه، في ذروة عمله بالأمم المتحدة؟

إن سقوط جون بولتون كان مدويا تماما، مثل استقالة وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، وبالتالي فإن من المنتظر من هذا الأخير، ان يصرح بالحقيقة، ويعترف بأن غزو العراق كان من أكبر الأخطاء التي اقترفتها إدارة جورج بوش الحالية، وأن يكشف عن المستور في تلك الحرب، والتي لاتزال تثير الجدل والتفاعلات القوية، داخل الولايات المتحدة وخارجها، ذلك ان إقدام رامسفيلد، على موقف كهذا قد يعيد له بعض المصداقية السياسية، خاصة إذا ما كان يفكر بترشيح نفسه للرئاسة الأميركية في مرحلة ما قادمة، وبالمحصلة، فإن وزير الدفاع الأميركي المستقيل، لن يخسر أي شيء إذا ما قال الحقيقة، واعترف بارتكاب أخطاء كثيرة في إدارة الحرب على العراق، حيث خسرت الولايات المتحدة مصداقيتها وسمعتها في العالمين العربي والإسلامي، وازدادت موجات العداء والكراهية لها، بسبب غزوها للعراق، ومن المؤكد أنه حتى وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لن تشذ عن «القاعدة الأميركية» بعد خروجها من البيت الأبيض، فهي لديها الكثير من المعلومات والاعترافات غير العادية التي ستقولها للرأي العام الأميركي والعالمي، تماما مثلما فعل الوزير السابق كولن باول، الذي اعترف أنه كان يكذب عندما تحدث في مجلس الأمن، وادعى أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وأن صدام حسين كان يمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي.