يبدو أن كلاً من الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي يعكفان على اعداد مبادرة تتضمن رزمة من المقترحات الهادفة الى تطبيع العلاقات بين العالم العربي بشكل يسمح بإجراء مفاوضات شاملة تؤدي الى حل الصراع على أساس المبادرة العربية، لكن بعد أن يتم غربلتها من البنود التي تؤكد إسرائيل أنها لا يمكنها الموافقة عليها.

وضمن هذا التوجه كشفت صحيفة " يديعوت أحرنوت "، أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً أن كلاً من وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس ومفوض العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا اتفقا على اقناع قادة كلاً من السعودية والدول الخليجية بالمشاركة في قمة عربية إسرائيلية تحضرها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وتم الاتفاق بينهما على أن يتولى سولانا مهمة اقناع قادة الدول الخليجية والسعودية بحضور القمة، في حين أخذت رايس على عاتقها اقناع الإسرائيليين بالموافقة على حضور القمة، التي سيشارك فيها قادة كل من مصر والأردن ورئيس السلطة الفلسطينية.

وأكدت الصحيفة أن سولانا قال في محادثات مغلقة أن هناك بالفعل خطة مشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، لتنظيم مثل هذه القمة.حسب الصحيفة، فأنه في حال وافقت الأطراف على حضور القمة، فأنها من المقرر أن تعقد في نهاية نيسان القادم، أو مطلع ايار. ونوهت الصحيفة الى أن رايس توجهت لوزراء خارجية وقادة الأجهزة الاستخبارية في الدول العربية الذين التقتهم في اسوان مؤخراً بأن يشرعوا في خطوات للتطبيع في اسرائيل، وضمن ذلك وقف ما اسمته رايس ب "الدعاية المعادية" والتحرض ضد اسرائيل في وسائل الاعلام ودور العبادة في العالم العربي، و فتح مكاتب تجارية، فتح ممثليات دبلوماسية في الخليج وفي اسرائيل واقامة علاقات، ولو على مستوى منخفض. واعتبرت " يديعوت "، أن رايس تبنت في الواقع وجهة النظر الإسرائيلية التي عرضتها مؤخراً وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني أكثر من مرة، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة ضرورية لحث عملية التسوية. ونوهت الصحيفة الى أنه في حال تم عقد القمة، فأنها ستكو ن المرة الأولى التي يعقد فيها لقاء علني بين مندوبين اسرائيليين وسعوديين. ونوهت الصحيفة الى أن رايس التي ستصل غداً الإثنين الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية ستطلع قادة اسرائيل على توجهها بعرض أفق سياسي يتضمن خطوات محدودة من جانب الدول العربية المعتدلة، كارسال مبعوثين من السعودية، الاردن، مصر لإسرائيل لعرض المبادرة السعودية.

*** شروط اسرائيلية مسبقة

من ناحيتها شددت إسرائيل على أنها ستبلغ رايس بأنها تطالب الدول العربية عشية عقد القمة العربية بشطب البند المتعلق بقضية اللاجئين في المبادرة العربية، الى جانب التزام العالم العربي بمقاطعة حكومة الوحدة الفلسطينية حتى تقوم بالإعتراف بالشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية. ونوهت المصادر الى أن اولمرت سيبلغ رايس أن اسرائيل ترى في اشارة المبادرة العربية الى قرار مجلس الأمن 194 أمراً اشكالياً بشكل خاص، الى جانب " بند اشكالي "، يتطرق لانسحاب اسرائيلي من مناطق تحتلها اسرائيل في جنوب لبنان. الى ذلك قال تسفي بارئيل معلق الشؤون العربية في صحيفة " هارتس " أن السياسة الامريكية والاسرائيلية الساعية لخلق شرق اوسط جديد فشلت فشلاً ذريعاً. واشار بارئيل الى أن وزراء الخارجية وقادة الأجهزة الاستخبارية العربية الذين التقوا رايس في اسوان مؤخراً لم يتمكنوا من اعطاء رايس أية وصفة لحل مشكلة العراق، ولم يعرفوا ماذا يقولون لها بشأن مشروع ايران النووي، أو كيفية حل المشكلة اللبنانية التي تهدد بالانفجار من جديد. ووجه بارئيل انتقاداً حاداً لسياسة تل ابيب وواشنطن وتعاملها بشكل فوقي مع دول المنطقة. وقال أن اسرائيل وامريكا " تحملان ملفات جاهزة لأوامر سلوكية يتوجب على دول المنطقة أن تنفذها قبل دراسة أي بديل، مثل شروط الرباعية للحكومة الفلسطينية، وشروط مسبقة للحوار مع سوريا، وشروط لايران، معتبراً أن طرح هذه الشروط بحد ذاته " هو استعراض للقوة ". ونوه الى أن كلاً من اسرائيل وامريكا تضعان الشروط على الدول العربية من أجل السماح بإحراز أي تقدم في العملية التفاوضية، مشيراً الى امريكا لا ترغب في استئناف المفاوضات بين اسرائيل وسوريا حتى لا تتضرر مكانة امريكا في مواجهة ايران وسوريا، واسرائل لا تريد أن تستأنف واشنطن اتصالاتها مع السلطة الفلسطينية. من ناحية ثانية حذر البرفسور موطي كريستال استاذ علم المفاوضات في معهد " هرتسليا " متعدد الاتجاهات من مغبة عدم اسراع اسرائيل للخوض غمار التسوية بشكل جدي قبل أن تعلن الولايات المتحدة فشلها في ، معتبراً أن فشل الولايات المتحدة في العراق سيمثل ضربة قوية للمصالح الإسرائيلية. ونوه في مقال نشرته صحيفة " هارتس " في عددها الصادر اليوم الاحد الى أن الفشل الأمريكي في العراق يعني فرض قيود استراتيجيةعلى استخدام القوة في الساحة الدولية. واضاف أن فشل الولايات المتحدة في بلورة منظومة سياسية مستقرة في العراق، وتدهور العراق والخليج الى حالة من الفوضى الاقليمية، سيؤدي الى اضعاف الشرعية الدولية لاستخدام القوة كأداة للتصدي للدول العاقة.