نظم الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا بتاريخ 24/3/2004 في دمشق ندوة بعنوان (حلقة بحث حول مفهوم المسألة الوطنية في سوريا ) ، المحاضرة الأولى بعنوان ( لمحة موجزة عن تطور الأحداث السياسية في سوريا ) للأستاذ عبد الحميد درويش سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ، والثانية بعنوان ( المسألة الوطنية في سورية ، محاولة في إعادة التعريف ) للباحث والمفكر جاد الكريم الجباعي ، الثالثة بعنوان ( في أصول التطرف معرفيا وسياسيا، عربيا وكرديا ) للكاتب والسياسي الدكتور ياسين الحاج صالح ، السلطة والمعارضة ، والرابعة بعنوان ( مقاربة للمناهج والرؤى ) للكاتب والسياسي منير الخطيب .

وقدم الأستاذ عبد الحميد درويش سردا موجزا عن الأحداث السياسية منذ بداية الاستقلال والأجواء المفعمة بالأمل بمستقبل مشرق الذي كان يحمله أولئك الذين ناضلوا ببسالة لتحرير سوريا والذين كانوا مؤمنين بالنظام الديمقراطي والحرية الفردية مما أتاح قيام أحزاب وصحافة حرة وسلكت سوريا نهجا عاش فيه الكرد بمساواة تامة مع بقية المواطنين وتبوأ البعض منهم مسؤوليات رفيعة في قيادة البلاد ، وقد أثار ذلك حفيظة أوساط وجهات دولية وعربية فبدأت بحبك المؤامرات للإجهاز على هذا الوضع . وأصبحت سوريا مسرحا للانقلابات الى أن سقط نظام الشيشكلي الدكتاتوري وعادت سوريا لتكون واحة للديمقراطية والحرية عام 1954-1958وفي تلك الأجواء تأسس الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ، ثم جاءت فترة الوحدة السورية المصرية التي تحولت البلاد مرة أخرى الى العهد الدكتاتوري ثم جاء عهد الانفصال الذي أثار مسالتين لامتصاص النقمة التي نشأت بسبب الانفصال فأشاع وبشكل واسع موضوعا وهميا وهو" الخطر الكردي " ثم أجروا انتخابات كانت مثالا للسخرية في عام 1961 ، ثم حدثت حركة 8 آذار 1963 وفرض حزب البعث هيمنته على مقاليد الأمور في البلاد وفرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي ما تزال سارية حتى الآن . ولم يتجاوب حزب البعث مع مطالب القوى والأحزاب الوطنية مما دفعها الى أن تجتمع في شهر تشرين الأول 2005 لتشكل تجمعا سياسيا وبادرت الى إصدار بيان باسم ( إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي السلمي ) الذي يعد الأول من نوعه منذ عشرات السنين وقد اتسمت الأهداف التي حددها بالواقعية والموضوعية وتدرك أطرافه جيدا بأن الأحداث التي مرت بها سوريا كافية لأن نتعظ بها ونتجنب كل ما من شأنه أن يسيء الى أمن واستقرار البلاد وهي تدرك بأن أبناء سوريا سئموا العنف والانقلابات العسكرية والتسلط الحزبي على زمام الأمور .. وأن بلادنا تواجه في هذه المرحلة ظروفا صعبة وحساسة كونها تعاني من مشاكل وقضايا داخلية يأتي في مقدمتها مسألة الحياة الديمقراطية ،وكذلك القضية الكردية ، كما تعاني من الفساد الذي بدأ يستشري في دوائر الدولة . ونحن نعتقد بأن حزب البعث والجبهة الوطنية التقدمية باتت عاجزة عن معالجة هذه القضايا الملحة ومن هنا نرى بأن الحل يأتي من خلال مؤتمر وطني عام تشارك فيه جميع القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية دون استثناء أو إقصاء ...

أما الأستاذ جاد الكريم جباعي : فبحث مفهوم الوطنية الذي نشأ حديثا في خضم الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي وتبلور بقيام الجمهورية السورية ووضع دستورها الدائم عام 1928 ، وفي كل مرحلة كان هذا المفهوم يكتسب دلالة جديدة ،وتجدر الإشارة إلى أن صفة السورية كانت تحيل دوما على الوطنية السورية ، ان تاريخ المفهوم عندنا يشير بالسلب أو بالإيجاب الى ارتباطه الوثيق بمفهوم الدولة ، ومن ثم فان ضموره أو شحوبه أو غيابه يعني ضمور الدولة أو غيابها . ومنذ الستينات من القرن الماضي بدأ مفهوم الوطنية بالضمور طردا مع ضمور الحقل السياسي العام وتحوله شيئا فشيئا الى حقل خاص بحزب البعث العربي الاشتراكي ، قائد الدولة والمجتمع ، وقائد الجبهة الوطنية التقدمية ، وصار للوطنية معنى واحدا هو الولاء للحزب الحاكم وسلطنه الشمولية ، فكا من يواليها وطني وكل من لا يواليها صراحة مشكوك في وطنيته وكل من يعارضها غير وطني ...

الاستاذ ياسين حاج صالح بحث في أصول التطرف معرفيا وسياسيا ،معتبرا أن التطرف السياسي أصل معرفي :رؤية الواقع الاجتماعي من أحد أطرافه أو مساراته ، بأحد أطرافه أو اختزاله الى بعض أطرافه ، فمن شأن تمثيل غير ديمقراطي للواقع يهمل او يتكتم أو يغفل أو يزور جوانب منه أن يؤسس لسياسة متطرفة ... وفي الحياة السياسية يتولد التطرف بصورة محتومة حين يحتل طرف اجتماعي أو أطراف اجتماعية بعينها موقع العام الاجتماعي ، الدولة بالخصوص ،فمن شأن سياسة مبنية على معرفة تقول أن مجتمعنا السوري عربي حصرا أو إسلامي خصرا .. أن تكون متطرفة بالضرورة .. والحال أنه ينبني على ما قدمنا أن سورية محكومة من قبل نظام سياسي متطرف اذ أن المعرفة المتضمنة في ايديولوجية النظام والمدونة في الدستور والمعبر عنها في خطابه المعلن والمنعكسة في ممارساته ،تقصر سوريا على عربها وهو ما يجد ترجمته في تهميش الأكراد والسريان والأرمن السوريين ممن ليسوا عربا ولا يجدون إطارا فعالا للتماهي الوطني السوري يستوعبهم . ورغم أن سياسات النظام العملية اتسمت أحيانا ببراغماتية منفتحة بعض الشيء على غير العرب من السوريين ألا أن البراغماتية هذه ظلت سياسية وظرفية ،فيما ظل التطرف بنيويا أي متأصلا في نسيج النظام وهياكله .

أما الأستاذ منير الخطيب فعرض عبر بحثه في ( السلطة والمعارضة مقاربة للمناهج والرؤى) ورأى ان الحديث عن السلطة والمعارضة في سوريا ينبغي أن يتجاوز منطق التاريخ أو السرد والتحقيب الذي يحصر الفارق بينهما في إطار سياسوي انطلاقا من موقفهما من هذه القضية أو تلك أو انطلاقا من الانتماء الإيديولوجي سواء كان هذا الانتماء قوميا أم اشتراكيا أو دينيا ، ليصل الى الإمساك بثلاثة قضايا رئيسية حكمت المعارضة والسلطة على حد سواء بغض النظر عن الفارق بينهما الذي هو فارق أخلاقي وحسب ...