26/3/2007

عتدما اتّخذت إيران قرارها ب"تحديد" تعاونها مع الوكالة العالمية للطاقة النووية (AIEA) جواباً على مصراع العقوبات الثاني والذي صادق عليه مجلس الأمن بالإجماع , فقد اختارت التسلّق الديبلوماسي. ويصرّح الرئيس الإيراني محمود أحمدينجاد بأنه لن يكون هناك لحظة توقف واحدة في مسيرة النووي المشروعة للشعب الإيراني. وقد أشارت إيران بأنه عوضاً عن إعلام الوكالة الفوري ببناء المنشآت النووية سوف يتم الإعلان قبل ستة شهور فقط من وضعها في الخدمة. وهذا يبرّر مسبقاً تقدم بناء المنشآت بشكل سرّي.

إذن فإن طهران ومع تذكيرها المستمرّ بأتها تسعى إلى النووي السلمي وليس إلى بناء القنبلة الذرية , اختارت المواجهة بينما بقي المجتمع الدولي موّحداً في مواقفه . فما زال الأمريكان والأوروبيون والروس والصينيون , ورغم اختلافاتهم الجزئية , يتكلمون بصوت واحد.

اختارت إيران المواجهة في موضوع العراق على رغم من كون موقفها أقل وضوحاً. فالسفير الأمريكي في بغداد, زلماي خليلزاد, المنحدر من أصل أفغاني والخبير بشؤون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى, اختصر سلوك إيران بوصفه " سياسة شيزوفرينية". لقد دعمت إيران سقوط صدام حسين والتطور السياسي في العراق لأنه يفضّل الأكثرية الشيعية, وفي نفس الوقت يظن با\أنها تسلّح الميليشيات الشيعية وبعض فصائل المقاومين السنّة . يشرح خليلزاد :" إن إيران تدعم من جهة الحكومة العراقية وتتخّذ من جهة أخرى سياسة هدفها إسقاط التحالف" الذي تقوده الأمم المتحّدة .

ويأتي اختطاف البحارة الخمس عشرة في الخليج, غداة الاتهامات الأمريكية حول الدور الإيراني في العراق وعشية الاقتراع على توقيع العقوبات في مجلس الأمن , ليسهم في تفاقم الوضع .

البعض, ومنهم فرنسه, يحاول أن يطمئن نفسه بالتفكير أن القوة الإيرانية منقسمة حول النووي وحول العراق. وأن المرشد العام علي خامنئي لا يستلطف التصريحات المشتعلة للرئيس أحمدينجاد. وأن بعض الأقسام الأمنية , ومنها الحرس الثوري, يمارسون سياستهم الخاصة في العراق والدليل قضية القرصنة هذه في الخليج.

ولكن يجب ألاّ ينسى المهمّ . فإيران إذا أرادت أن تستعيد مكانتها في قلب المجتمع الدولي ليس أمامها إلاّ حلاًّ واحداً : الحوار الديبلوماسي واحترام القواعد الدولية. وبما أن واقع الحال ليس كذلك فلمقاومة الانتشار النووي ولدرء تدخل عسكري أمريكي , سوف يستمر التصعيد الكلامي ورفع سوية العقوبات.