كان مجرد تعبير ينطلق للسخرية من أي ذكر أو أنثى، أو ربما كانت صورة يتخيلها فنان وهو يصف "العلاقة" التي تربط اثنين، لكنها لم تتركني أقف عند "الرسم الكاريكتوري" الذي تركه معلقا كنوع من القدرة على "رسم" المرأة كما يريد، أو ربما لتقديم فهمه في "الاجتماع" البشري على شاكلة القبائل.. لذلك لن أطلق أي أسف أو اعتذار على الإساءة التي قدمته كوريث ثقافة، بينما سأطلب من الجميع أن "يعتذروا" كي أشعر بأن "المعارك" التي قادتني لم تكن عبثا...

أطلب الاعتذار من كل الذين اعتبروا الإناث "ناقصات عقل ودين".. لكنهم في المقابل رأووا أن "كيدهن عظيم"، فجمع المتناقضين جعل ثقافتنا مكسرة ودفعت البعض لرؤيتي وفق عولمة "سوق النخاسة"، لاأتحمل "التحرش الجنسي" بالنظرات أو غيرها قبل أن أعرف أن هناك رغبات تحرك الذكور والإناث.. وربما تقتلني الدهشة من السمات التي أطلقوها عليّ منذ الطفولة.. فأطلب الاعتذار ممن عاصرني طفلة ولم يدركوا أن البشر متشابهون رغم الاختلاف الجنسي.. وأطلب اعتذارا آخر ممن حاولوا استخدام تراثهم لإعادة صياغتي .. صياغة الأنثى.. على طريقة "القيان"..

في جولة حياتي لم أكن مطمئنة.. لم أشعر أن الهدوء يمكن أن يسكنني ولو للحظة، فمنذ أن احتك بي المجتمع أدركت أن الخيارات لم تكن متاحة.. وأن طفولتي المليئة بالأسئلة ستبقى مرسومة بإشارات الاستفهام، وبالأبواب التي يتم إغلاقها كي نعيش المجهول بشكل دائم.. فأطلب الاعتذار ممن اخترع "مرسوم" المهر، لأنه جعل زواجي مقايضة لا يفهمها إلا تجار الرقيق.. ثم رسمني معادلة بين مجموع الرجال وكأني في مساحة من أسواق القرون الوسطى أحاول انتظار أول زبون ربما يحمل لي راحة من مجال العرض والطلب..

سأطلب الاعتذار من الثقافة التي أنتجتني أو أنتجت الجميع على شاكلة عنترة بن شداد، فكانت معادلة الرجولة والفحولة مقياسا ثقافيا مازال يتسرب إلى التعابير التي تتجاوزنا أحيانا أو تعيد رسم تفكيرنا أحيانا أخرى..

وسأطلب الاعتذار ممن اعتبر أنه وصي علي طوال المراهقة ثم انهارت أحلامه عندما استطاع تميز شخصيتي عنه، فلم يتبرأ مني بل أصبح اللون الظل الذي يريد عبثا أن يسبقني.. أو من يطلق تعبيرات تائهة من أن الإناث "يلوثن البيئة" وكأن الحياة تتحمل الكلمات دون أن تترك جرحا في عمقي أو عمق الثقافة التي نريد إنتاجها..

لكنني لن أرى من يحاول تصويري على شاكلة الكلب والجنزير.. والمرأة التي تشد الرجال بحبل الطاعة.. فهذه الصورة المريضة لا تمسني فقط بل تخرق المجتمع الذي تقوده النساء بالفعل لكنه يرى نفسه أكثر "فحولة"..