تعتبر الشركات الأجنبية الخاصة جزءً من تكملة كبيرة في الحرب المستعرة، وهي واضحة جداً في العراق، وأيضاً في أفغانستان، كولومبيا، هايتي وبلدان عديدة أخرى. يشكل المتعاقدون من القطاع الخاص أكبر فرقة عسكرية بعد قوات التحالف، مع نسبة 1 إلى 2 من الجنود الأمريكان. وحسب البنتاغون، في وقت سابق، يصل عدد هؤلاء المتعاقدين المرتزقة إلى 100 ألف.

بينما يبلغ عددهم في العراق بحدود 48 ألفاً باعتبارهم جنوداً بعقود خاصة، وبحدود ستة أمثال القوات البريطانية في العراق، ويعملون ضمن شركات خاصة لتنفيذ المهمات القذرة. إذ يتضمن عملهم كل شيء: مهمات خاصة تتعلق بطائرات الجيش الأمريكي.. حراس أمن شخصيين للرسميين الكبار.. إجراء تحقيقات (كما في ممارسات من استخدمتهم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA وفضائح التعذيب في أبو غريب.)

بالعلاقة مع العملية السياسية، من مصلحة الحكومة الأمريكية بناء جيش مكمل من الجنود المرتوقة وفق عقود خاصة لتنفيذ ما لا يقوم به جيش نظامي من ممارسات غير قانونية. قُتل من هؤلاء 770 متعاقداً في العراق مع جرح 7761، لكنهم لا يُحسبون ضمن قائمة القتلى العسكريين للبنتاغون. وهم غير خاضعين للتأمين. يُستخدمون لتنفيذ جرائم يمكن إنكارها على المستوى السياسي. أي أن أفعالهم محل إنكار الحكومة الأمريكية.

من أجل خلق الحوافز لجذب المرتزقة بعقود خاصة في ظروف الحرب، تدفع شركة Blackwater 350 ألف دولار سنوياً للمتعاقد مقارنة بـ 36 ألف دولار سنوياً متوسط راتب الجندي في الجيش الأمريكي النظامي. من هنا لا عجب أن العديد من المحاربين القدماء يُفضلون العقود الخاصة بدلاً من العودة للجيش.

قدرة الشركات الخاصة على دفع هذه الرواتب الضخمة ترتبط بحصولها على عقود سخية من البنتاغون. تسلّمت شركة بلاك ووتر 505 مليون دولار على شكل عقود خاصة من الحكومة الأمريكية منذ عام 2000. من هذا المبلغ 321 مليون دولار تحقق خلال الفترة منذ يونيو/ حزيران 2004 في العراق. ومع هذا المبلغ أصبحت الشركة قادرة على بناء قاعدة لجيش خاص من المرتزقة في أماكن تواجدها، مزودة بطائرة بوينغ 727 وطائرات هليوكبتر ومدرعات مع جيش يضم 20 ألفاً من المرتزقة.

الأمر الأكثر فزعاً بشأن منتسبي بلاك ووتر والشركات المماثلة، إنهم يقيمون قاعدتهم في منطقة يزعمون أنها لا تعود لأحد no- man s’ land. غير خاضعين للقانون المحلي، الأمريكي، الدولي أو حتى معاهدة جنيف. ويلاحظ أن الحاكم الأمريكي بريمر منح هؤلاء حصانة ضد القانون العراقي.

"غياب إطار قانوني بشأن الممارسات القتالية لأصحاب العقود الخاصة وفّر لهم ارتكاب جرائم دون أن يخضعوا للمساءلة القانونية،" حسب سيناتور ديمقراطي أمريكي. في حادثة وقعت في رأس السنة السابقة: أحد العاملين في بلاك ووتر قتل متعاقد عراقي. تم فصله وإعادته إلى الولايات المتحدة، دون وجود ضمانة من عدم إعادته إلى العراق. إن تاريخ المرتزقة من أصحاب العقود الخاصة مليء بأحداث مماثلة.

سمع الأمريكيون لأول مرة بشركة بلاك ووتر في مارس/ آذار 2004 عندما قُتل أربعة من عامليها في الفلوجة وعُلقت جثة اثنين منهم.. نُشرت هذه الحادثة على أوسع نطاق في الولايات المتحدة والعالم. وأصبحت واجهة تبرير لهجوم أمريكي عنيف على المدينة بعد ثلاثة أسابيع (إبريل/ نيسان)، ومن ثم قيام الجيش الأمريكي مرة أخرى بهجوم أكثر عنفاً بتدمير المدينة وقتل أكثر من خمسة الآف من مواطنيها، مقاتلين ومدنيين، ومقتل 95 جندي أمريكي.

للشركة خطط كبيرة جاهزة للمستقبل القريب تمتد إلى السودان وتغطي منطقة الشرق الأوسط. تعمل حالياً ومعها مؤيديها من الرسميين الأمريكان أن تستخدم الوضع في السودان لتشكل جزءً من "قوات حفظ السلام" في دارفور!
في كلمته للاتحاد، طلب بوش من الكونغرس الموافقة على نوعين من الزيادة في بناء القوة العسكرية الأمريكية: أولهما زيادة عدد الجيش النظامي بواقع 92 ألفاً على مدى خمس سنوات.. وثانيهما تشكيل فرق متطوعة من المدنيين (المرتزقة).. والمسألة الثانية هي من بنان أفكار ومخططات بلاك ووتر!

يرى السكرتير الأسبق للدفاع Phillip Coyle أن خصخصة الحرب ترتبط مباشرة باحتلال العراق، حيث تنظر الإدارة إلى الحصول على المزيد من القوات لحرب العراق.

تُصاحب ألـ 21.5 ألف عسكري من القوات الأمريكية التي أُرسلت للعراق كذلك قوات بحدود 28 ألف عسكري آخر حسب تقييم الحكومة مؤخراً. وهذا يجعل من العدد الحقيقي للجنود الأمريكيين الذين تم نشرهم في العراق مؤخراً بحدود ألـ 50 ألف وبكلفة 27 بليون دولار. كم بالضبط عدد المرتزقة من أصحاب العقود الخاصة الذين سيصلون إلى العراق.. مسألة لم تُقرر بعد، ولكن من المتوقع أن يكون العدد كبيراً.