ليس هناك استعجال لما ستقدمة نناسي بيلوسي في دمشق، فوفود "الاستكشاف" وصلت في وقت سابق، لكن زعيمة الأغلبية الديمقراطية في الكونغرس ستكون في دمشق غدا وهي تنتظر فتح الملفات بدلا من أن تحملها. فدون أي تقليل من أهمية ما تقوم به لكن المسألة تتعلق أولا وأخيرا بالأسئلة التي ستظهر في دمشق حول السياسة الأمريكية التي لا يمكن أن تتجاوز نتائج ثماني سنوات من "الحروب الاستباقية"، والتعامل مع سياسة "العزل" بدلا من الحوار.

ربما تنتظر بيلوسي جملة التفاصيل التي تحتاجها السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عموما، لأن الحركة الدبلوماسية المكثفة لم تعط حتى اليوم أي أفق لمرحلة جديدة، حتى بعد اجتماع بغداد لدول الجوار الجغرافي، أو القمة العربية في الرياض التي تعاملت مع كافة المسائل، فهناك على ما يبدو رغبات واضحة في وضع مسار للخروج من الأزمة، لكن هذه الرغبات مازالت تقف عند حدود "الاستراتيجية" الأمريكية التي رسمت النظام الدولي ومن الصعب اليوم العودة إلى الوراء، إلا لدراسة هذه السياسية، أما الخطوات المستقبلية فإنها ماتزال تبحث عن التفاصيل السياسية التي يمكن النفاذ إليها، بعد أن أصبح الواقع السياسي الشرق أوسطي يولد أزماته بشكل ذاتي.

وبيلوسي تنتظرها ملفات كثيرة في دمشق، وتبدأ بالطبع من العلاقة مع واشنطن التي وضعت داخل حدود لا يمكن تجاوزها بعد ان أصبحت سورية على احتكاك مباشر مع الولايات المتحدة نتيجة احتلال العراق. وهذه القضية اليوم تملك محورين أساسيين:

 هل يمكن للسياسة الأمريكية العودة لمرحلة ما قبل القطيعة؟! وهذا الأمر يرتبط أساسا بالمناخ السياسي العام في الولايات المتحدة، وهو حتى اللحظة يخضع لسياسة المحافظين الجدد طالما أن الديمقراطيين لم يبلوروا بعد استراتيجية بديلة باستثناء مطالبتهم بإجراءات محددة تجاه الوجود الأمريكي في العراق، لكن المسألة هنا أعقد من حصرها في العنف العراقي فقط، لأنها تتشعب باتجاه إيران وفلسطين ولبنان، وهي أمور متشابكة مع السياسة السورية ومع الموقف الأمريكي الحالي من دمشق.

 ما الذي يراه الديمقراطيون ممكنا اليوم في ظل أزمات المنطقة؟! وهذا الأمر سيحدد من جديد تعاملهم مع دمشق وغيرها من العواصم الشرق أوسطية، ويبدو أن هذا الأمر لن يحسم سريعا لأن المصالح الأمريكية المتأرجحة أصلا بحاجة لإعادة رسم في أولوياتها داخل المنطقة قبل أن يُطرح ما هو ممكن اليوم.

لا شك أن زيارة بيلوسي رغم طابعها السريع لكنها تنقل صورة عن الأزمات الخانقة التي نعيشها نحن بعد سنوات الحرب والاهتزاز نتيجة السياسات الأمريكية الاستباقية، وعلينا التفكيرمن جديد في أولوياتنا لأنها ستحدد لنا طبيعة تعاملنا مع ما يمكن أن تطرحه الإدارة الأمريكية القادمة.

مصادر
سورية الغد (دمشق)