ستبقى الوحدة العربية محركة للجماهير العربية المناضلة عبر اشتراطات التأسيس والتكوين للأمة العربية وحتميتها التاريخية وجودا ً متفاعلا. لكن بالجانب الأخر نجد:

1) أصحاب المقاولات السياسية من الذين سلخوا جلودهم يقفون ضد الوحدة العربية وعبر توالدهم المستنسخ زمانيا ً ومكانيا ً بشهادة حسن السلوك الأمريكية.

2) إيمان أعداء العرب أيمانا ً مطلقا ً بان الوحدة العربية أداة دفاع ومنعة حائلة صادة لأي قوة غزو احتلالية خارجية أو ناهبة للثروات العربية أو بالاحتواء للعرب استغلالا ً للموقع الاستراتيجي.

3) وقوف قوى الاستعمار قديما ً وحديثا ً ضد الوحدة العربية وقد تجسد حديثا ً بخرائط سايكس – بيكو. أو عبر الموقف الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية والإعلان الثلاثي ) امريكيا – بريطانيا - فرنسا )بضمان وجود وامن الكيان الصهيوني ليتجسد مع العقود الخمسة الأخيرة من القرن الماضي وحتى أيامنا هذه بالدعم المطلق للعدوانية الصهيونية وكأن أمريكا قد غيرت اسمها إلى [الولايات المتحدة الإسرائيلية].

4) الكيان الصهيوني بحتمية التكوين والتأسيس والدعم والمساندة الاستعمارية له وتمكينه بامتلاك أسلحة الدمار الشامل هو بالأساس ضد قيام الوحدة العربية فلا تخرج أبدا ً أيديولوجية التكوين والإنشاء الصهيوني عن هذا العداء وتلاقيها تاريخيا ً وحاضرا ً ومستقبلا ً عن الإطار العام الحاكم لقوى الصراع والتصارع الدولي وان اختلفت في الأسلوب والتكتيك.

5) وجود قوى الردة والانفصال بصوفيتها القطرية ونرجسيتها الكارزمية وتجربة التآمر والإفشال لأول تجربة وحدوية للعرب في العصر الحديث ( وحدة مصر وسوريا) لخير دليل على وجودها وتلاقيها مع القوى الخارجية المعادية للعرب ووحدتهم عبر المناداة بمشاريع وحدوية إيهامية بدفع من قوى خارجية لترسيخ مفهوم عدم صلاحية الوحدة العربية وعسر قيامها بل واستحالته وإحلال بدائل ذات اليمين وذات الشمال:
حلف بغداد – مشروع سوريا الكبرى - وحدة المشرق العربي – وحدة المغرب العربي – مشروع اتحاد الهلال الخصيب – وحدة بلاد النيل. وهذه الأيام وحدة مكافحة الإرهاب ومع هذا نجد التخوف من الوحدة العربية يقف مانعا ً وعائقا ً بل ومهددا ً لأي تقارب وحدوي حتى لو كان بالحد الأدنى من العمل العربي المشترك عبر متواليات هدامة ومشككة بل وجاهضة سياسيا ً وإعلاميا ً واقتصاديا ً وقد تجسد ذلك في:

1) التشكيك في أية جهود عربية مشتركة عبر العجلة الإعلامية المعادية للعرب وبالتهديد وبوسائل الابتزاز والاحتواء.

2) وصم أي تقارب أو تجمع عربي لبناء مؤسسات العمل العربي المشترك بالرجعية / اليسارية / الإرهابية / القومية / المذهبية / العشائرية / المناطقية. ومنعها من التطور والسعي لتعطيلها وموتها البطئ وشلها زمانيا ً ومكانيا ً.

3) ربط اقتصادات وثروات العرب بعجلة الاقتصاد الدولي عبر الكارتلات الاقتصادية والتلاعب الربوي بالرساميل العربية وبأسعار صرف الدولار وهبوط قيمته.
4) ربط القوى الاجتماعية العربية بأنماط فكرية – تعليمية لا تكون موحدة للعرب حاضرا ً أو مستقبلا ً عبر إنتاجية لنخب فكرية – سياسية – إعلامية مؤهلة ضد الوحدة العربية ومرشحة لتسلم الحكم عندما يحين وقت صعودها في هذا القطر أو ذاك وحسب الأهلة الديمقراطية الأمريكية في سماء العرب.

5) تكريس الولاء القطري عبر قدسية الحدود الهندسية المصطنعة والأعلام ودمغه جوازات السفر والمنتخبات الرياضية وبطولات كرة القدم.

6) السعي لإعلان دول حلف الضواحي العربية للكيان الصهيوني. ويتمثل في التكوين السيكولوجي للكيان الصهيوني بتعزيز ودعم وخلق الاضطرابات الداخلية في الأقطار العربية ( الأقليات القومية – الدينية – المذهبية) لصالح الكيان الصهيوني والسعي بإنشاء وقيام كانتونات داخل الاقطار العربية ترتبط إرتباطا ً جيوسياسيا ً مع الكيان الصهيوني عسكريا حماية / واقتصاديا ً دعما ً وارتباطا ً بثنائية رأس المال والسوق. وتجنيدها لصالح الهدف الاستراتيجي للكيان الصهيوني بزعامة وقيادة المواطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط ككل وبديات ذلك يتجسد بالمناداة بالفيدرالية / حقوق الأقليات / حقوق الإنسان /حق تقرير المصير / الدفاع عن الحريات. وقد تمثل هذا المخطط في دعم وتأجيج النزاعات والنزاعات الانفصالية وتغذيتها ودعمها, وعلى الخارطة العربية ( حرب جنوب السودان / دارفور / الحرب الأهلية في الجزائر / تكريس الفيدرالية في العراق على أسس أثنية – مذهبية / المناداة بالدولة القبطيّة في مصر / حركة البربر ودعم برامج اللغة الامازيغية في المغرب العربي/المناداة برفع المظلومية عن شيعة الاحساء في السعودية بغراميّة حقول النفط في المنطقة الشرقية).

إن الهدف من إقامة دول حلف الضواحي هو إقامة دويلات داخل الأقطار العربية ذات الوزن القيادي والجغرافي والسكاني والاقتصادي وربطها استراتيجيا ً بالكيان الصهيوني بعلاقات تكافلية وصولا ً إلى تجزئة المجزء وتمزيق الأقطار العربية والوقوف ضد مشاريع وبرامج العمل الوحدوي ومؤسسات العمل المشترك وضرب حركة التحرر العربية وإشغالها بمعارك جانبية.

7) إنجاح التصادمية المصطنعة بين القومية العربية والإسلام ومن ثم العمل على إشعال نار الفتنة المذهبية داخل المجتمع الإسلامي.

إننا نرى هنا أن ما يتعرض العرب اليوم من هجمة شرسة بعدوانية القتل والذبح والدم عبر الآلة العسكرية الصهيونية بشراهة الحرب والتدمير والعدوان بدعم ومساندة أمريكية وبغطاء الشرعية الدولية كون التكوين السيكولوجي للحركة الصهيونية وكيانها الغريب عن الجسد العربي قائما ًعلى العدوان والإرهاب. فهذا الكيان مدين للإرهاب والعدوان والحروب بوجوده التاريخي واستمراريته تقوم بعسكرة المجتمع الصهيوني وصولا ً لإخضاع العرب عبر الخنوع والقبول بالاحتلال وتنشيط ثقافة الاحتلال للأجيال عبر طروحات الأمر الواقع وذبح أية ممانعة أو مقاومة بوسمها بالإرهاب المتعدد الأردية وإيجاد الغطاء التبريري لشن الحروب وتصفية أية مقاومة وإنتاج خرائط سايكس – بيكو جديدة راسمة لشرق أوسط جديد بزعامة صهيونية وتحت لواء العولمة وتكوينات المشروع الإمبراطوري الأمريكي في عالم اليوم بقطبية أحادية.

فالعرب اليوم مطالبون بمراجعة جادة لمعطيات الواقع المعاش في هذا الزمن الردئ الاستثنائي المستوجب جهودا ً استثنائية وبرجال استثناء تكون مستقرئة للمستقبل باستلهام معطيات الواقع العربي فان لم يكن ذلك فان التهديدات والتحديات الخارجية تبقى مستغلة الواقع العربي بوهنه وضعفه ومن ثم النفاذ عبر خروقات متوالية.
وللحقيقة نقول إن الواقع العربي اليوم هو معادلة مركبة من النظام العربي وبنيته السياسية بانعكاسية الواقع المتخلف. فلا بد من الرجوع إلى الجماهير العربية وإسهاماتها النضالية وزرع الثقة بها لتأخذ دورها المقاوم والمتفاعل على قاعدة القيادات الحاكمة والجماهير بمواجهة المواقع الغازية.
أما آن الأوان لأمة العرب من العمل العربي المشترك بوحدة الأهداف والمصير؟ فعسى وعسى أن نعي ذلك جميعا ، وعسى أن يكون..