أحاول ان أفكر بأن زيارة نانسي بيلوسي تملك أكثر من بعد إعلامي يأخذ مساحته على العلاقة السورية – الأمريكية، فأدخل في مقاربة لا نستطيع الهروب منها، فبيلوسي هي في النهاية رئيسة مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي، وهو ما يجعلها جزء من الحدث الداخلي السوري مع اقتراب الانتخابات التشريعية، والمقاربة هنا لا علاقة لها بالفوارق السياسية، أو بأشكال العمل الديمقراطي، بل بنوعية النشاط الذي يمكن أن ننظر إليه داخل المؤسسة التشريعية.

بيلوسي كـ"نائبة" وليس كأنثى تترك وراءها موجة سياسية داخل الإدارة الأمريكية، وهي في نفس الوقت تحمل معها الأسئلة التي يمكن أن تصبح داخل مجلس النواب الأمريكي مشاربع ربما تعرقل ما يريده الرئيس الأمريكي.. وبيلوسي في نفس الوقت أول امرأة تتولى رئاسة مجلس النواب في الكونغرس الامريكي، وهي الشخصية الثالثة في البلاد بعد الرئيس ونائب الرئيس.

هذه الصورة ترافق بيلوسي في جولتها، وربما تعود بي إلى حالة اخرى أحاول ان أبحث عنها في التنوع الذي أحلم به داخل مجتمع يمارس اليوم نشاطا انتخابيا.. فما أراه يتجاوز حالة القلق السياسي الذي يظهر عند "النخب السياسية"، أو حتى في المجالس "المعزولة" لرواد المقاهي والمنتديات الثقافية. لأن مسائلنا العامة بحاجة لانتشار يشبه ما تثيره زيارة بيلوسي للمنطقة، أو ما أثارته نوال سعداوي في مصر قبل شهر.

مسائلنا العامة لا ترتبط بالعلاقات السورية – الأمريكية، فزيارة بيلوسي يمكنها أن تمتلك بعدا اجتماعيا في موضوع الحراك الاجتماعي، أو في تجاوز "قضايا المرأة" الكلاسيكية، وحتى "دفن" الموروث "الاجتماعي – السياسي" ومحاولة قراءة "الحدث" في شكله الذي يقدم صورا لحركة المجتمع.. الأنثى أو السياسية، أو السياسي ... فالمسألة هنا انتهت لتصبح حالة مستقلة، أو هوية اجتماعية لا علاقة لها بالجنس.. وهي هوية لا تحاول الوقوف في الدوائر الضيقة لما هو سياسي أو ثقافي أو اجتماعي، لأن الحياة العامة لا تحتمل الوقوف بالظل.

نانسي بيلوسي في دمشق ولكن الصورة الأخرى هي في المشهد الكامل وليس في شخصية رئيسة مجلس النواب.. في محاولة فهم ما يمكن أن يقارب الحدث مع نوعية لقاء الثقافات والتزامن في الأحداث.. رغم أن بيلوسي قادمة لموضوع محدد لكنها في النهاية تذكرنا بثقافة محددة، وربما بحراك ثقافي – اجتماعي نحلم به على الطريقة التي ترسم هويتنا من جديد.