رئيسـة مجلس النواب الأميـركي: «الطريـق إلى حل بعـض المشـاكل يمـر بدمشـق

عكست حركة السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة وتنقله، أمس، بين عين التينة وقريطم وشمول اتصالاته عدداً من القيادات السياسية الأخرى، خاصة في المقلب الأكثري، وجود رغبة سعودية بعدم جعل قضية المحكمة ذات الطابع الدولي «ضحية الاشتباكات السياسية المتنقلة» والسعي الى تجنب أية خطوة قد تشكل استفزازاً من فريق سياسي للفريق الآخر، فضلاً عن محاولة تشجيع استئناف الحوار بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري.

غير أن الرغبة السعودية، وهي ليست بجديدة نسبياً، لم تضف أي جديد نوعي، خاصة في ظل المناكفة الاميركية التي عبّر عنها فشل الادارة الحالية بانتزاع أي «تنازل شكلي» من الإسرائيليين تمهيداً للتحشيد في المنطقة ضد ايران، وتزامن ذلك مع تعميم الأميركيين لمناخ الضربة العسكرية «الحتمية» ضد طهران.

في هذه الأثناء، بدت الزيارات الدولية المتتالية إلى لبنان منسقة، خاصة على صعيد محاور البحث السياسي التي يتم تناولها، وهذا ما أظهرته زيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيسة مجلس النواب الاميركي الديموقراطية نانسي بيلوسي، وقبلهما زيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.
ولعل القاسم المشترك بين المسؤولين الثلاثة هو برنامج لقاءاتهم الذي شمل الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة وعدداً من رموز فريق الاكثرية، فضلاً عن محاور البحث، وأولها حث اللبنانيين على التوصل الى تسوية داخلية من خلال الحوار والمؤسسات الدستورية والتشجيع على عدم تضييع هذه الفرصة التي تحظى بدعم دولي، بما في ذلك إقرار المحكمة الدولية «من خلال الآليات الدستورية اللبنانية».

والنقطة الثانية هي تناول القرار الدولي 1701 ومراحل تطبيقه والعراقيل والصعوبات التي تحول دون استكمال تطبيقه ودائماً من زاوية الحرص على تثبيت العلاقة الجيدة بين «اليونيفيل» والجيش اللبناني وأبناء الجنوب اللبناني.
وفيما بدت المستشارة الألمانية حريصة على عدم تفسير توغلها الجزئي في المواضيع اللبنانية نوعاً من التدخل في الشؤون الداخلية للبنان، بل من زاوية الحرص على استقلال واستقرار وسيادة لبنان وأن المشاركة في القوات الدولية تمت على هذا الاساس، فإنها، استفسرت، كما زعيمة الغالبية الديموقراطية في مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي عن الدستور اللبناني وآلية عقد الجلسات العامة الخ.. وقد أبدتا احترامهما للآليات الدستورية اللبنانية.

أما النقطة الثالثة، فهي الحديث عن سوريا وعلاقتها بلبنان، فقد شددت المستشارة الالمانية على أهمية اعتراف سوريا بلبنان دبلوماسياً وأن يصار إلى ترسيم الحدود بوضوح وأن يتوقف تهريب السلاح الى لبنان وأن تقوم سوريا بكل ما يمكنها لتلبية كل ما طلبته لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
أما بيلوسي، فقد تبنت المواقف نفسها على صعيد لبنان وسوريا بالإضافة إلى تأكيدها «ان الطريق الى حل بعض المشاكل يجب أن تمر بدمشق» (أعطيت العبارة تفسيراً من بعض المسؤولين بأنها إعلان اعتراف بدور سوري في لبنان والمنطقة، وتفسيراً معاكساً من البعض الآخر عبر القــول إنه اتهـام لسوريا بأنها مسؤولة عن عرقلة ملفات كثيرة أبرزها المحكمة الدولية)

وأشارت بيلوسي الى انها ستثير في دمشق اهمية المضي بالمحكمة الدولية وتمسك الفريق الديموقراطي في الكونغرس باستراتيجية بيكر ـ هاميلتون (وصفت سياسة جورج بوش في العراق بأنها «كارثية») ودور سوريا في العراق ومساندتها لحركتي «حماس» و«حزب الله» «ودورها في العديد من الامور التي نظن أننا قد نتمكن من تحقيق تقدم كبير فيها».
وأعطت رئيسة مجلس النواب للعضو المتشدد في الوفد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس توم لانتوس الإشارة بالتوسع في الحديث عن مهمة الوفد السورية، فقال «سنقول للسوريين إنه يمكنكم ان تكونوا جزءاً من القوى الايجابية في المنطقة، وان لا تكونوا في تحالف وثيق مع ايران احمدي نجاد».

وما لم تقله بيلوسي وميركل في تصريحاتهما قالتاه في عدد من اجتماعاتهما عندما شددتا على أن العلاقة الجيدة بين لبنان وسوريا «هي مصلحة مشتركة للبلدين، وخاصة للبنان».
مواجهة مجلسية بين الأكثرية والمعارضة
من جهة ثانية، يستقطب مجلس النواب، اليوم، حضوراً كثيفاً لنواب الاكثرية والمعارضة، في مناسبة الجولة الثالثة لنزول الموالاة الى البرلمان احتجاجاً على ما تعتبره «خطف المجلس النيابي من قبل رئيسه وسدّ الطريق على إقرار المحكمة الدولية فيه، برغم مرور نحو أسبوعين على انطلاق الدورة العادية في العشرين من آذار الماضي».

وذكرت المعلومات أن الاكثرية تسعى لتأمين أكبر حضور نيابي اكثري، بما يفوق النصاب النظري، أي 65 نائباً، لرفع الصوت بالمطالبة بعقد جلسة لمجلس النواب ودعوة رئيس المجلس الى الاستجابة لمطلب الاكثرية، تمهيداً لإرسال عريضة الى الامم المتحدة تطالب بإقرار المحكمة، بعد تعذر إقرارها وفق الآليات الدستورية في لبنان.

وعلم أن نواب المعارضة وبعد مشاورات مكثفة، امس، اتخذوا قراراً بالرد على قاعدة حماية المؤسسة الشرعية المتبقية، وإحباط اية محاولة لتعطيلها وبالتالي «فإننا سنتصرف حسب الحدود التي سيتصرفون على أساسها، ولكن سيكون واضحاً بأنه ممنوع تجاوز الحدود الدستورية أو السياسية»، على حد تعبير أحد أعضاء تكتل التحرير والتنمية..

وكانت حكومة الرئيس السنيورة قد حاولت للمرة الثانية، امس، اختراق باب المجلس النيابي الذي ظلّ موصداً بتعليمات صارمة من قبل رئيسه بعدم قبول أية أمور «خلافاً للقانون والاصول الدستورية والتي يندرج مشروع المحكمة كما تحيله حكومة السنيورة من ضمنها».

يذكر أن السفير السعودي عبد العزيز خوجة دخل، أمس، على خط ترطيب الأجواء الداخلية والتقى على التوالي الرئيس بري والنائب الحريري، وقال إن الحوار بين الاثنين لم يفشل بل سيستمر ولا مشكلة بينهما في اللقاء.

وسمع زوار الرئيس بري منه، أمس، كلاماً ترحيبياً بالنائب الحريري، لكنه اعترف بخطئه الكبير عندما وافقه الرأي بأن تجري الحوارات الثنائية بينهما في بيروت وليس في الرياض برعاية القيادة السعودية وإشرافها المباشر، وجدّد تحميله الأكثرية مسؤولية تفويت فرصة تاريخية للحل الداخلي عندما قررت ربط مسار لبنان بمسار المنطقة المتأزم.
دمشق: وزيرا خارجية سوريا والسعودية
يتابعـان ملـف لبنـان
وفي دمشق قالت مصادر سورية واسعة الإطلاع لـ«السفير» إن سوريا والسعودية اتفقتا على أن يكون الحل للأزمة في لبنان «لبنانياً وعلى اساس مبدأ الحوار، وهو ما سيحظى بقبول الدولتين ودعمهما.

وأضافت المصادر تعليقاً على القمة العربية والقمتين الثنائيتين بين الرئيس السوري بشار الأسد والعاهل السعودي الملك عبدالله، أن «جوانب الاتفاق بين الطرفين شملت جوانب عدة بينها الموضوع اللبناني»، وأن الخلاصة هي الاتفاق على «تعاون سوري سعودي بخصوص لبنان، يتم التنسيق بخصوصه على مستوى وزيري الخارجية في البلدين، وذلك على قاعدة أن الحل يأتي من اللبنانيين أولاً.

واعتبرت المصادر السورية الواسعة الإطلاع أن الجانبين السوري والسعودي متفقان على أهمية قيام حوار بناء بين الأطراف اللبنانية على أن «يدعم كل منا هذا التوجه لدى أصدقائه في لبنان»، وتابعت المصادر أن «أي اتفاق يحظى بالتوافق سيدعمه الطرفان»، رافضة الخوض في التفاصيل التي «ما زالت في طور التشكيل».

أما فيما يخص بتحرك جامعة الدول العربية وأمينها العام عمرو موسى، فقد أكدت المصادر السورية الواسعة الإطلاع لـ«السفير» أن دمشق ستدعم تحرك الجامعة العربية «وسنعتبره تحركاً مشتركاً مدعوماً بتعاون سوري سعودي وهو يأتي منسجماً مع ذلك.
ورأت المصادر أن <علاقة سوريا الجيدة مع إيران تصب في هذا الاتجاه أيضا>، كما أن نتائج القمة العربية التي «وضعت سوريا في قلب الإجماع العربي» تخدم هذا الطرح «على مستوى كل أزمات المنطقة والتي تتفق دمشق مع الرياض على طرق حلها»، وأكدت أن الجانبين اتفقا في هذا السياق «على التعاون بين البلدين في مقاربتهما لملفات المنطقة».
وتعليقاً على التصعيد السياسي في خطاب فريق الموالاة في لبنان، رأت المصادر نفسها أنه ينبع من شعوره بخيبة كبيرة من نتائج القمة العربية وبأن لبنان «لم يكن في مركز القمة» إضافة إلى استياء هذا الفريق بشكل واضح من «المصالحة السعودية السورية».

مصادر
السفير (لبنان)