النهار / سركيس نعوم

اعتبر مسؤول كبير سابق في الادارة الاميركية لا يزال يتعاطى الشأن العام داخل بلاده وخارجها ان الشرق الاوسط بل العالمين العربي والاسلامي صارا المنطقة الاخطر في العالم بسبب مشكلاتهما المزمنة والحديثة. وتحدث عن هذه المشكلات وعن ادوار اميركا والمجتمع الدولي فيها وعن تطوراتها المستقبلية فبدأ بالمشكلة اللبنانية – السورية. قال: "صارت سوريا اكثر غطرسة (arrogant) كانت قوية، لكنها ازدادت قوة. والحوار الاميركي معها او مجرد الكلام، وإن في الموضوع العراقي، يقويها اكثر. وهي ستستفيد من ذلك. سوريا هذه تؤيد "حزب الله"، لكنها لا ترى مصلحة لها في النهاية في نظام مذهبي في لبنان لانه "يُعديها" ويضرب لا طائفية نظامها، وهي على استعداد دائم لاستعمال هذا الحزب وغيره خدمة لمصالحها.
قال (السيد) حسن نصرالله (الامين العام لـ"حزب الله") لصديق لي في مرحلة من المراحل: "اذا ارادت ايران امراً منا لا نرى مصلحة لنا ولبلدنا فيه فاننا لا نتبناه ولا ننفذه". هل هذا صحيح في رأيك؟" اجبت: هذا ما يقوله قادة "حزب الله". وهو مبدئياً صحيح لان الشيعة لبنانيون كما هم غيرهم وضحوا من اجل لبنان وفي مصلحتهم المحافظة على الكيان اللبناني لان لا وطن آخر في هذا العالم العربي، السني الغالبية، يستطيعون ان يعيشوا فيه بحرية وكرامة وخصوصاً بعد تنامي النزعات والنزاعات المذهبية بين المسلمين. لكن المشكلة ان "حزب الله" رسخ لبنانيتهم وفي الوقت نفسه حولهم نوعا ما حالا سياسية ايرانية بسبب دور ايران الثورة الاسلامية في تكوين الحزب ودعمه وحمايته وبسبب ايمانه بولاية الفقيه الذي هو آية الله علي خامنئي مرشـــــد الجمهوريــــــة الاسلامية في ايــــران. طبعا تقول ايران انها في الموضوع اللبناني تتبنى كل ما يقوله او يقـــترحه نصراللــــه. وهذا صحيح الى حد. لكن ماذا لو غيرت موقفها الايجابي منه او لم يعد موجودا. في كل حال ان الحال السياسية الايرانية في اوساط الشيعة اللبنانيين قد تضعف اذا تغيرت الاوضاع في المنطقة، وتحديدا في ايران، وتغيير كهذا قد يكون سلبياً او ايجابياً. وقد علق على ذلك: "الاوضاع في لبنان لم تستقر بعد. كانت قريبة من الحرب الاهلية اخيراً. وقد تقع حرب كهذه فيه او شيء ما من هذا النوع".
سألت: الا ترى نهاية لاوضاع لبنان؟ واي نوع من النهايات ترى لها؟
اجاب: "لا ارى اي نهاية. لبنان هو المختبر لكل السياسات والاستراتيجيات والتكتيكات في الشرق الاوسط. وسيستمر كذلك فترة طويلة. اي عدم استقرار سياسي واحياناً امني قد يتمثل باغتيالات وتفجيرات متنوعة. قد يؤدي ذلك كله لاحقاً الى حرب اهلية. لا اعرف. لكن لا حل للمشكلة اللبنانية حتى الآن. ايران لن تتخلى عن سوريا، رغم اختلاف الاهداف التكتيكية بينهما. و"حزب الله" سيبقى مع سوريا. وقد اكد نصرالله لصديق لي: "لن نطعن سوريا". فعلّقت: تكتيكياً هناك اختلاف سوري – ايراني ولاسيما حول المحكمة ذات الطابع الدولي. ايران لا تهتم بها كثيرا. اما بالنسبة الى سوريا فانها استحقاق داهم لا تستطيع تجاهله.
اذا اتفقت ايران الاسلامية والمملكة العربية السعودية على تهدئة معينة للوضع في لبنان ماذا تفعل سوريا؟
اجاب: "ربما لديها وسائل عدة للاعتراض وزعزعة الاوضاع. في اي حال ان ما يجري حالياً بين الرياض وطهران هو تخفيف لحدة الازمة الناشبة في لبنان ومع سوريا من خلال معادلة المحكمة ذات الطابع الدولي والحكومة اللبنانية. لكن امكان التعطيل من جهة سوريا وحلفائها في لبنان يبقى قائماً بوسائل عدة آخرها استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية في بلادكم والتي لم يعد موعدها بعيدا. وبواسطة هذه الانتخابات يمكن ضرب الوضع كله، اذا لم يكن مؤاتياً لسوريا او لغيرها. على كل حال لا ننسى ما يحصل في جنوب آسيا وخصوصاً باكستان وافغانستان. فالحرب المذهبية السنية – الشيعية قد تمتد الى هناك، علما ان ايران ساعدت اميركا في حربها على افغانستان "الطالبان" و"القاعدة" بعد 11 ايلول 2001".
سمعت ان عودة الحياة الى مقاومة الاميركيين في افغانستان ساعد فيها الايرانيون والروس. ما رأيك في ذلك؟ سألت. فأجاب: "الحديث عن المساعدة الايرانية قد يكون صحيحاً. اما المساعدة الروسية فانني لم اسمع شيئاً عنها، الرئيس بوتين عنده مشكلات كثيرة في القوقاز ومع مسلمي بلاده. فهل يحتمل دخول معارك كهذه؟".
علّقت: كان على اميركا ان تتعامل مع روسيا بلطف اكبر ومراعاة مصالحها او بعضها. فضحك وقال: "العلاقة بين بوتين وكوندوليزا رايس مثل العلاقة بين الماتادور والثور. يلوح لها بالاحمر فتهجم. وفي كل حال هل تتساءلون في لبنان والعالم العربي من يستطيع التأثير على سوريا؟ البعض منكم يعتقد ان تركيا تستطيع القيام بذلك، او ربما ترغب في القيام به. هل تفعل؟ الذين يعتقدون ذلك ينطلقون من واقعة تسليم سوريا حافظ الاسد الزعيم الكردي الانفصالي التركي عبدالله اوج الان الى تركيا بعد تهديدها بشن حرب على السوريين. لكنني هذه المرة اعرف او بالاحرى اشعر لان لا وثائق لدي ان تركيا وايران الاسلامية توصلتا الى تفاهمات حقيقية على امور عدة منها "حزب العمال الكردستاني" (PKK). ومن شأن ذلك تسهيل امر سوريا او على الاقل عدم دخول تركيا طرفاً في الضغط عليها".
ماذا سمعت عن القمة العربية المقررة في الرياض في 28 آذار (انعقدت) وخصوصا انك كنت في الشرق الاوسط منذ فترة غير بعيدة؟
اجاب: "اقول ان الاهتمامات الاقليمية للمملكة العربية السعودية التي ستظهر في القمة وكذلك خارجها هي ثلاثة وبحسب الترتيب الذي اقوله لك الآن، الاول قضية فلسطين والنزاع العربي – الاسرائيلي. والثاني لبنان وقضيته والقضايا الاخرى المؤثرة فيه. والثالث العراق. لماذا يأتي العراق في المرتبة الثالثة الاخيرة من الاهتمامات السعودية؟ لسبب مهم هو ان لدى المسؤولين السعوديين انطباعا ان مشكلة العراق ليست سهلة الحل ولن تحل قريباً، بل ستطول. طبعاً انهم يهتمون بالعراق ويتعاونون. لكنهم يدركون انها قصة طويلة وان حلها ليس قريباً. لقد سمعت من قيادي عراقي كبير زار السعودية ان هناك تعاوناً بين اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي السابق والاميركيين ربما لاسقاط رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي وتسلمه (علاوي) الحكم من جديد".
ماذا لدى المسؤول الاميركي الكبير السابق ايضاً عن المملكة العربية السعودية وسوريا والعراق وغيرها من دول المنطقة؟