وفي المرة الثالثة كانت خطوة نواب الاكثرية ثابتة، فرفعوا مساء أمس الى الامين العام للأمم المتحدة بان كي – مون مذكرة عن انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي، بعدما سدت في وجوههم أبواب مجلس النواب بقرار من رئيسه نبيه بري ثلاث مرات على التوالي.
وعلم ان مذكرة الغالبية النيابية أعدت بعد الرفض الاول للاحالة على مجلس النواب وتحديدا مساء الاحد الماضي عندما اجتمع نواب 14 آذار في قريطم. وفي اليوم التالي، أي أول من امس الاثنين، جمعت التواقيع. وترك الباب مفتوحا صباح امس من خلال التجمع النيابي في ساحة النجمة. ولكن تقرر مساء رفعها الى الامين العام للأمم المتحدة.

المذكرة

وتولى وفد من نواب الاكثرية برئاسة رئيس "كتلة المستقبل" النائب سعد الحريري وعضوية نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنواب وائل ابو فاعور وانطوان زهرا وسمير فرنجيه مساء امس تسليم المذكرة الى الممثل الشخصي للأمين العام غير بيدرسن، مذيلة بتواقيع 70 نائبا دعوا فيها الى "اتخاذ كل الاجراءات البديلة التي يلحظها ميثاق الامم المتحدة والتي تؤمن قيام المحكمة الدولية التي وافق عليها مجلس الامن".
وأكد مصدر في الامم المتحدة ليلا لـ"النهار" ان بيدرسن تسلم من النائب الحريري عريضة موقعة من نواب الاكثرية وموجهة الى الامين العام للأمم المتحدة. وأوضح انه سيرسل العريضة الى بان.

الحوار

وكان جرى امس اتصال هاتفي بين الرئيس بري والنائب الحريري. وردد رئيس المجلس امام زواره، بعد الاتصال ان "لا قطيعة بيني وبين الشيخ سعد".
وتحرك السفير السعودي عبد العزيز خوجه امس في اتجاه السرايا وأعلن بعد لقائه رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ان "لقاء قريبا" سيجمع بري والحريري.
وأبلغ مصدر بارز في الاكثرية الى "النهار" ليل امس "ان تسليم المذكرة جاء بعد سلسلة محاولات لانجاز مشروع المحكمة في مجلس النواب من غير ان تقترن بالنجاح. كما يأتي الكلام الذي أدلى به الامين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان والقمة العربية في الرياض ليؤكد وجود تمسك دولي واسلامي وعربي بقيام المحكمة، وتاليا فان المذكرة تضع الموضوع في عهدة الشرعية الدولية، إلا أن ذلك لا يعني عدم استمرار الحوار الداخلي الذي لن يشمل هذه المرة المحكمة وآلياتها بل سيمضي الى بقية مواضيع الحوار وفي مقدمها الحكومة". واستدرك المصدر قائلا "ان المجال لا يزال متاحا لعمل داخلي يحول دون اقرار المحكمة بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، من خلال مبادرة الرئيس بري الى طرح الموضوع على الهيئة العامة لمجلس النواب، خصوصا ان مجلس الامن لا يهوى اتخاذ قرارات من دون الاتفاق مع لبنان. وفي اي لحظة يدعو الرئيس بري الى حوار في المجلس حول المحكمة يمكن ان تتغير الأمور".
واوضح ان الاستعجال في تقديم نواب الاكثرية المذكرة سببه ان بان لفت خلال زيارته الاخيرة لبيروت، وكذلك فعل مستشاره القانوني نيكولا ميشال، الى "ان التلكؤ لبنانياً في انجاز مشروع المحكمة يجعله تلقائياً في عهدة مجلس الامن".

مجلس الوزراء

ولم يغب موضوع المحكمة عن الجلسة العادية لمجلس الوزراء مساء امس، اذ اطلع الرئيس السنيورة الوزراء على الاتصالات التي اجراها في هذا الشأن. وقال ان كلاً من المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي اللتين زارتا لبنان اول من امس "لم تقتنع بالتبريرات التي عرضها الرئيس بري لعدم عقد جلسة لمجلس النواب".
وعلم من مصدر وزاري بارز ان الحكومة، بعد خطوة الاكثرية النيابية، ستبلغ الى الامانة العامة للامم المتحدة مراحل محاولة احالة مشروع المحكمة على مجلس النواب، والتعطيل المستمر للاحالة، وذلك عطفاً على المذكرة الاولى التي ارسلتها الحكومة الى الامانة العامة قبل شهرين.
وعطفاً على المعلومات الصحافية التي افادت ان دمشق "غير معنية بالمحكمة ولم تُستشر فيها"، نقل احد الوزراء عن مصدر قانوني في الامم المتحدة "ان سوريا التي تقول انها لم تُستشر في موضوع المحكمة ولا علاقة لها بها، قد واكبت الاعداد لنظامها وصياغته بمراجعات واتصالات مستمرة مدى اشهر قام بها ديبلوماسيون سوريون ومحامون من مكتب بريطاني".

مجلس النواب

وسبق تسليم المذكرة النيابية الى بيدرسن تجمع تذكيري للاسبوع الثالث لنواب الموالاة في ساحة النجمة حيث احتشد 59 نائباً يتقدمهم رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط ونائب رئيس مجلس النواب. واسترعى الانتباه احتشاد 35 نائباً من المعارضة بينهم، للمرة الاولى، اعضاء في "تكتل التغيير والاصلاح" الذي يرئسه النائب العماد ميشال عون.
وخلافاً لما تردد عن امكان حصول توتر، ساد اجتماع 94 نائباً من الموالاة والمعارضة في وقت واحد اجواء من التصافي ظهر في المصافحات والتحيات. وقد انتهى التجمع بموقف من مكاري ومطالعة من النائب نقولا فتوش باسم الاكثرية وبيان تلاه عضو "تكتل التغيير والاصلاح" النائب نبيل نقولا باسم المعارضة.
وتلا مكاري بياناً جاء فيه ان اجتماع الموالاة امس "ليس تحدياً لاحد بل هو نداء موجه من العقل والقلب والضمير (...) الى الرئيس بري بأن يضع تاريخه السياسي وتاريخه في هذا المجلس والمكانة التي سيذكره بها التاريخ نصب عينيه، وان يعلم انه يحمل وحيداً اليوم مسؤولية المحكمة الدولية (...) نحن من انتخبك رئيساً لهذا المجلس، فتفضل الى المجلس وافتح الجلسة وترأسها".
وقال فتوش في مطالعته: "ان اجتماعنا بنصاب قانوني ينفي اي استحالة للاجتماع (...) ان الاجتماع الحكمي يكون ضمن الدورات العادية او الاستثنائية، فكيف ونحن ضمن دورة عادية منصوص عليها حكماً في الدستور".
في المقابل، تلا نقولا بياناً اشار فيه الى ان نواب المعارضة مع اقرار مشروع المحكمة "بعد درسه في الاطر الدستورية (...) وانهم يصرون على زملائهم تسهيل اقرار صيغة التسوية السياسية التي اعلن عناصرها الرئيس نبيه بري". وجدد "اعتبار الحكومة فاقدة للشرعية والدستورية ولا يمكن المكابرة التي يمارسها رئيسها ان تغطي على سقوطها".

"حزب الله"

واعلن نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في احتفال ديني مساء امس ان الاكثرية "لا تريد المحكمة (...) بل يريدون السيطرة على لبنان". واعتبر اقرارها بموجب الفصل السابع بمثابة "الاعتداء على لبنان وليس لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
ولفت الى ان "البعض في قوى السلطة اسرت اليه الادارة الاميركية بأن حرباً مقبلة على المنطقة تضرب فيها اميركا ايران (...) وانتظروا شهرين من الآن لتنتهي فترة العقوبات التي اتخذها مجلس الامن (...) وستجدون حزب الله والمعارضة ضعيفين فتأخذون منهما كل ما تريدون".
واذ حذّر من هذه الرهانات، اضاف: "ان حزب الله والمعارضة لديهما من الحصانة والثبات ما يجعلهما عصيين على التحديات (...) وان ما تقبل به المعارضة اليوم لا تقبل به بعد شهرين او ثلاثة بعد تغيّر المعادلات والظروف".

مصادر
النهار (لبنان)