نشرت صحيفة "هآرتس" امس مقالا كتبه يوسي ميليمان قال فيه ان ازمة البحارة البريطانيين تعكس نزاعا داخليا بين تيار المحافظين المعتدلين وتيار المتشددين. وكتب: "في نظر الغرب لا يبدو سلوك ايران في قضية البحارة البريطانيين منطقيا، ولا يفهمون في الغرب السبب الذي دفع الايرانيين الى أسر البحارة ولماذا لم يسارعوا الى اطلاقهم.

لكن المنطق الغربي لا يتطابق الضرورة مع المنطق الايراني. لقد ارادت ايران بتوقيف البريطانيين واعتقالهم ورفض اطلاقهم وقرار محاكمتهم ان تقول للعالم انها مصرة على مواصلة مشروعها النووي وانها لن تخضع للضغوط الدولية وستهاجم كل من يحاول الحاق الضرر بها.

رغم ذلك ليس من المستبعد ان يكون قرار أسر البحارة البريطانيين انعكاسا لصراع القوى الدائر منذ اشهر داخل القيادة الايرانية. منذ سنة ونصف سنة يتواجه في ايران معسكران اساسيان: الاول معسكر المحافظين المعتدلين وعلى رأسه الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومعه رئيس بلدية طهران محمد باقر غالييف ورئيس المجلس الاعلى للامن القومي علي لاريجاني، والثلاثة ترشحوا للانتخابات الرئاسية قبل سنتين.

ويضم المعسكر الثاني المحافظين المتشددين بينهم رئيس الجمهورية محمود احمدي نجاد والمدعوم من رجال الدين من امثال آية الله مصباح يزدي والميليشيا الشعبية من الباسيج وشخصيات اخرى من الحرس الثوري. بين هذين المعسكرين يقف معسكر الاصلاحيين الضعيف المتمثل بالرئيس السابق محمد خاتمي، ويشرف على هؤلاء جميعا القائد الروحي علي خامنئي.
يبدو ان ايران في سياق رفضها طلب مجلس الامن تعليق تخصيب الاورانيوم ارادت ان تظهر للعالم انها لا تخاف العقوبات، لكن السلوك الايراني لا يعكس فقط قوة وانما يعكس ذعرا وضعفا. تتخوف ايران من العزلة الدولية التي تغرق فيها، كما تتخوف من العقوبات العلنية والرسمية لمجلس الامن ومن العقوبات الخفية التي تفرضها الشركات الدولية وخصوصا المصارف والمؤسسات المالية على ايران من دون اعلانها، ومنها USB و HSBC. يضاف الى ذلك الضغوط التي يمارسها بوش على الحكومات في العالم من اجل تقليص حجم علاقاتها التجارية مع طهران. تهدف المقاطعة العلنية الى الحاق الأذى بنقطة الضعف في الاقتصاد الايراني ولا سيما في صناعتي النفط والغاز اللتين تزودان الدولة نحو 80 في المئة من نفقاتها. صحيح ان عملية الخنق الاقتصادي لم تثمر بعد، لكن صناعتي النفط والغاز تحتاجان الى استثمارات بمليارات الدولارات من اجل تجديد تجهيزاتها القديمة، وهي تجد صعوبة في ايجاد هذه الاموال. هناك انخفاض كبير في الاستثمارات الاجنبية في ايران، وتتخوف المؤسسان الدينية والسياسية في ايران من ان يؤدي الضرر الاقتصادي الناتج من العقوبات الى اشعال الغضب الشعبي عليهما.
من يرغب في دفع ايران الى التراجع عن مشروعها النووي عليه ان يزيد تضييق الخناق الاقتصادي عليها".

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)