رغم تكرار التصريحات السلامية السورية يواظب القادة “الإسرائيليون” على اجترار موقفهم الرفضوي السلبي والمكرر مزاعم أن دمشق تدعم الإرهاب وتنتمي الى محور الشر.. في تصريحاته الأخيرة حاول رئيس الوزراء “الإسرائيلي” إيهود أولمرت الظهور كمن لا يوصد الباب بالكامل أمام احتمالات التفاوض مع سوريا بشأن الجولان المحتل لافتا إلى جاهزيته ل”معاينة” جدية مقترحات سوريا في حال “نجحت هذه بامتحان المعايير المذكورة”. وبذلك تبنى أولمرت نصيحة نائبه السياسي الماكر شمعون بيريز بالإدلاء بتصريحات تقول “نعم” للدعوات السورية تضمن التهرب منها وعدم الظهور بمظهر الرافض للسلام.

وفي الواقع لا تهدف هذه الألعاب البهلوانية للإفلات من مستحقات السلام احتفاظا بالجولان فحسب إنما هي وسيلة للتغطية على قصور الحكومة “الإسرائيلية” الحالية التي أسهم ملفا العدوان على لبنان والفساد في قص جناحيها بشكل غير مسبوق. وربما تكون الهجمة السلامية السورية قادرة على تحقيق أهداف دبلوماسية هامة في مرحلة حساسة لكن ليس لها أن تنتظر صدى “إسرائيلياً”.

ويرتبط هذا التقدير بحقيقة كون حكومة أولمرت فاقدة القدرة تماما اليوم على الدخول في قضايا جوهرية كالحرب والسلام. فما بالك وأن هناك توقعات كبيرة بأن تشكل نتائج لجنة فينوغراد لفحص نتائج العدوان رصاصة الرحمة في منتصف الشهر الجاري وهذا ما أكده مراقبان “إسرائيليان” بارزان أمس.

الأستاذ الجامعي البروفسور أيال زيسر من كلية العلوم السياسية في جامعة تل أبيب والمختص بالشأن السوري أكد للإذاعة العامة أمس أنه لا يرى أي تغيير بالموقف “الإسرائيلي” حيال السلام مع سوريا. وأضاف حكومة إيهود أولمرت ليس لها أي سياسة أصلا، ومبدئيا لا تغيير بموقفها ولذلك لا أهمية للسؤال إذا كانت “إسرائيل” تعتبر سوريا جاهزة للسلام أم لا.

من جهته، قال عكيفا إلدار محرر الشؤون السياسية في صحيفة “هآرتس” أمس إن الحكومة “الاسرائيلية” ما زالت على موقفها من سوريا رغم وجود عناصر في داخلها تلاحظ التغيير بالموقف السوري. وأشار إلدار إلى أن موقف الحكومة الرسمي غير واضح ومتغير أحيانا لافتا إلى أنها تقول انها تؤيد المبادرة العربية للسلام من جهة لكنها تضع الشروط أمام دخولها المفاوضات من جهة أخرى.

وأوضح إلدار أنه بموجب ما يعرفه تطالب سوريا باتصالات سرية بمستوى عال لأن الاتصالات السرية حتى الآن كانت غير رسمية من خلال جهات كإبراهيم سليمان مثلا وأضاف “أرى بالمفاوضات السرية نوعا من التراجع لأننا شهدنا في السابق مثل هذه الاتصالات”.

وأشار إلدار إلى أن هنالك احتمالاً بأن يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بشن هجوم على “إسرائيل” لاستعادة الجولان لافتا إلى تصريح الأسد لصحيفة الجزيرة السعودية أخيرا. وأضاف وبذلك يكرر الأسد ما قام به من قبل أنور السادات الذي بادر لحرب 73 بعدما أهملت “إسرائيل” إشاراته نحو السلام. عندما لا يكون سلام ستكون الحرب بالمدى البعيد. إذا لم تستعد سوريا الجولان أرجح أن نشهد جولة حربية جديدة وهذا ما تتوقعه أوساط في الاستخبارات “الإسرائيلية” أيضا.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)