الاتحاد

بيلوسي" ارتكبت "حماقة دبلوماسية"... وحذار من الشارع في الأزمة الأوكرانية


أصداء أزمة البحارة البريطانيين، والخطأ الذي وقعت فيه "بيلوسي" أثناء جولتها الشرق أوسطية، والتوتر السياسي في أوكرانيا، ومسألة الهجرة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية سريعة على الصحافة الأميركية.

ما وراء "أزمة البحارة":

في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة، سلطت "واشنطن بوست" الضوء على تداعيات "أزمة البحارة" البريطانيين، الذين أطلقت طهران سراحهم يوم الأربعاء الماضي. الصحيفة تساءلت عما إذا كان اعتقال البحارة البريطانيين ثم إطلاق سراحهم يعكس نوعاً من البراجماتية أو يشي برغبة إيران في التصعيد والتلويح بأجواء الحرب؟ وحسب الصحيفة، فإن أحمدي نجاد، والجناح المتشدد في "الحرس الثوري" الإيراني، هم الرابحون من هذه الأزمة، فهؤلاء نفذوا هجوماً غير شرعي ضد قوة غربية عظمى، واستعادوا بعضاً من "مكانتهم"، بعد تراجعات شهدوها على الساحة الداخلية، أو على الساحة العراقية، وربما حصلوا على تنازلات من أعدائهم تتمثل في أن الدبلوماسي الإيراني الذي ألقي القبض عليه في بغداد قبل شهرين، قد أطلق سراحه يوم الثلاثاء الماضي، كما أعلن المسؤولون الأميركيون أنهم ربما يسمحون لمبعوث إيراني بمقابلة الإيرانيين الخمسة المعتقلين لدى القوات الأميركية في شمال العراق. إطلاق سراح البحارة البريطانيين أثار جدلاً متوقعاً في الغرب، فالمُصرون على الحوار مع طهران، يجدون في إطلاقها سراح البحارة دليلاً على أنه بمقدور العمل الدبلوماسي التوصل إلى حل. إعلان أحمدي نجاد عن إطلاق سراح البحارة البريطانيين بهذه الطريقة الاستعراضية، سبقه حوار هاتفي بين علي لاريجاني ومسؤول بريطاني كبير، كما أنخرط لاريجاني في حوار مع دبلوماسيين أوروبيين للبحث عن مخرج لأزمة البرنامج النووي الإيراني، وثمة آمال في أن تستجيب إيران بشكل إيجابي في هذه الأزمة التي يزداد زخمها. الصحيفة ترى أن أزمة البحارة البريطانيين تشير إلى حقيقة مفادها أن طهران تبدي استعدادها للإقدام على خطوات عدوانية غير قانونية للدفاع عن برنامجها النووي ومصالح "الحرس الثوري". فقبل اعتقال البحارة البريطانيين بيومين وصف "آية الله علي خامنئي" الضغوط الدولية على إيران بأنها "غير قانونية" وأضاف "إذا كانوا يقدمون على خطوات غير قانونية، فإنه بمقدورنا الإقدام على خطوات غير قانونية أيضاً... وسنفعل". وحسب الصحيفة لم يكن "خامنئي" مخادعاً في ما قاله.

"غلطة مضحكة في دمشق":

تحت هذا العنوان نشرت "واشنطن بوست" يوم الخميس الماضي افتتاحية رأت خلالها أن "نانسي بيلوسي" رئيسة مجلس النواب الأميركي، وهي "ديمقراطية" من ولاية كاليفورنيا، قدمت إشارة رائعة يوم الأربعاء الفائت حول ضرورة ألا يحاول أعضاء الكونجرس أثناء زياراتهم الخارجية أن يحلوا محل وزيرة الخارجية الأميركية. فبعد لقائها بشار الأسد، أعلنت "بيلوسي" أنها سلمت الرئيس السوري رسالة من "إيهود أولمرت" مفادها أن "إسرائيل كانت مستعدة للدخول في سلام مع سوريا"، وقالت "بيلوسي" إن "الأسد كان مستعداً لاستئناف عملية السلام". وحسب الصحيفة، فإن تصريحات "بيلوسي" التي تشي بوقوع طفرة دبلوماسية ضخمة، تشير إلى أن رئيسة مجلس النواب الأميركي تعتقد أن دبلوماسيتها المكوكية على الطريقة "الكسينجرية" قد بدأت للتو. ثمة مشكلة واحدة هي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم ينقل عبر "بيلوسي" هذه الرسالة إلى الأسد، فسرعان ما أطلق مكتب "إيهود أولمرت" تصريحاً مفاده "أن ما نقلته بيلوسي لا يحتوي أي تغيير في سياسات إسرائيل". في الحقيقة -تقول الصحيفة- أن أولمرت أبلغ "بيلوسي" بأن عدداً من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الذين زاروا دمشق في الآونة الأخيرة "رأوا أنه على رغم تصريحات الأسد، فإنه لا يوجد تغيير في موقف بلاده من عملية السلام مع إسرائيل". وبعبارة أخرى، فإن "بيلوسي" لم تخطئ في تقديم الموقف الإسرائيلي، بل إنها هي الوحيدة التي فشلت في إدراك أن تصريحات الأسد كانت مجرد "بروباجندا". لقد وجد الأميركيون كثيراً من الأخطاء التي يمكن من خلالها انتقاد استراتيجية الرئيس بوش العسكرية أو الدبلوماسية، لكن إذا كانت "بيلوسي" تحاول لعب دور "رئيس ظل"، فإن هذا الدور لا يؤدي فقط إلى نتائج عكسية، بل إنه دور يتسم بالغباء.

"ليست ثورة برتقالية":

هكذا عنونت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، راصدة التوتر السياسي في أوكرانيا. الصحيفة ترى أنه من جديد تكتظ شوارع كييف بمؤيدي معسكرين متناحرين. المشهد يشبه ما كانت عليه الأمور في عام 2004، أي جناح "فيكتور يوشينكو" الموالي للغرب في مواجهة جناح "فيكتور يانكوفيتش" الموالي لروسيا، لكن هذه المرة ليس واضحاً ما إذا كان "يوشينكو" يقف على أرضية أخلاقية صلبة، فقبل ثلاثة أعوام فاز في الانتخابات الرئاسية، وحاول "يانكوفيتش" سرقة الفوز منه. أما هذه المرة، فقد فقدَ "يوشينكو" أغلبيته البرلمانية، وحاول التغلب على هذا الوضع بطريقة قد تكون غير قانونية، فالنزاع الدائر الآن في أوكرانيا، يمكن حله عبر المحاكم، لا من خلال الشارع. يوم الاثنين الماضي أقدم "يوشينكو" على خطوة يائسة وهي الإعلان عن حل البرلمان والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة، وذلك على أمل أن يتخلص من الأغلبية البرلمانية المعارضة له، غير أنه ليس واضحاً ما إذا كانت لدى "يوشينكو" صلاحيات دستورية تضفي شرعية قانونية على حل البرلمان. وفي المقابل، علا صوت "يانكوفيتش" رافضاً قرار "يوشينكو"، ومن ثم، فإن الخطوة الأكثر حكمة والتي يجب على الغرب وروسيا اتخاذها هي البحث عن حل توافقي بين الفرقاء السياسيين الأوكرانيين. وحسب الصحيفة، فإن رؤية "يوشينكو" القائمة على ربط الأوكرانيين البالغ عددهم 50 مليون نسمة بالغرب اقتصادياً وسياسياً، أقل جاذبية من رؤية "يانكوفيتش" القائمة على سياسات تعود إلى الحقبة السوفييتية. كما أن التوتر السياسي الذي شاب فترة "يوشينكو" الرئاسية يشير إلى أن الأوكرانيين لا يزالون منقسمين وفي بداية طريقهم نحو بناء المؤسسات السياسية الفاعلة. "يوشينكو" أقدم على خطوة إصلاحية مهمة تمثلت في نقل بعض صلاحيات الرئيس إلى البرلمان أملاً في تفادي تركيز السلطات في يده. هذه الخطوة جعلت منافسه "يانكوفيتش" يقوي تحالفاته داخل البرلمان، وها هما الرجلان يدخلان الآن في نزاع حول الصلاحيات الدستورية للرئيس، خاصة وأن "يانكوفيتش" طلب طرح النزاع على المحكمة الدستورية العليا. ربما يستغرق البت في النزاع شهوراً، وحتى إذا أجريت انتخابات برلمانية جديدة، فلن يحصل"يوشينكو" وحلفاؤه على مزيد من المقاعد التي ترجِّح كفة مؤيديه على كفة خصومه أي أنصار "يانكوفيتش". وفي ظل هكذا أجواء يصبح السيناريو الأسوأ هو ترك الشارع يحسم خيار المواجهة بين الفرقاء.

المهاجرون و"الرئاسيات" الفرنسية:

في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي، أشارت "كريستيان ساينس مونيتور" إلى أهمية أصوات المهاجرين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، خاصة وأن لدى فرنسا 3.5 مليون مهاجر من بينهم مهاجرون غير شرعيين تتراوح أعدادهم ما بين 200 إلى 400 ألف نسمة. مرشحو الانتخابات الرئاسية زاروا منطقة الضواحي التي شهدت اضطرابات خلال عام 2005، وطالب "نيكولا ساركوزي" بتدشين وزارة لـ"الهجرة والهوية الوطنية"، مما دعا أحد الوزراء السابقين إلى نقد الفكرة والمطالبة بإنشاء وزارة لـ"الهجرة والإدماج". شعار الجمهورية الفرنسية المكون من "الحرية والعدالة والإخاء" نجح في منح المهاجرين ذوي الأصول الأوروبية الهوية الفرنسية، لكن فشل هذا الشعار في احتواء المهاجرين غير الأوروبيين. مرشحو الرئاسة في فرنسا يأملون في تعزيز شعار"العدالة"، لكن في مسألة الهجرة يمكن الاعتماد على "تكافؤ الفرص"، وهو مبدأ حقق نجاحاً في الولايات المتحدة، وضمن هذا الإطار، وعد "ساركوزي" و"سيجولين رويال" و"فرانسوا بايرو" بتمكين المهاجرين من فرص العمل والخدمات التعليمية، وهي وعود صعبة في ظل اعتقاد أكثر من نصف الفرنسيين بأن الهجرة ليست جيدة لفرنسا.