مركز التقدم الأميركي؛ 4/4/2007

بحسب إدارة بوش، فإنه من غير المقبول زيارة سوريا- خاصة إذا كنت رئيسة البرلمان نانسي بيلوزي (الديمقراطية عن كاليفورنيا). أما بيلوزي فموجودة حالياً في سوريا كجزء من جولة شرق أوسطية. وكان البيت الأبيض قد وجه إنتقادات لاذعة محددة جداً لبيلوزي قائلاً: "لا أعتقد بأنّ ذلك، كقاعدة عامة، كان فكرة جيدة- وهذا يتعلق برئيسة البرلمان نانسي بيلوزي والجولة التي ستقوم بها"، قالت الناطقة بإسم البيت الأبيض دانا بيرينو. فبيلوزي ليست وحيدة بإدراكها أنه قد حان الوقت الصحيح لإجراء حوار مع سوريا، فهناك ستة آخرون من صناع القانون يرافقونها، وفد مؤلف من الحزبين بمن فيهم النائب الجمهوري دايفيد هوبسون.

وكان وفد بقيادة ثلاثة أعضاء من المحافظين قد زاروا سوريا في نهاية الأسبوع الماضي، حتى أنّ إدارة بوش كانت قد أرسلت مساعداً للوزير لإجراء محادثات في دمشق مؤخراً. وفي حين يصعّد مسؤولو الإدارة الأميركية من "هجومهم الكلامي ضد سوريا"، تعتقد بعض الجماعات من القانونيين من الحزبين، ومن خبراء السياسة الخارجية والشعب الأميركي، بأنّ الوقت قد حان لإشراك سوريا لمعالجة حشد من التحديات الصعبة في الشرق الأوسط.

وكما كانت مجموعة دراسات العراق قد أشارت: "لنبسّط الأمور أكثر، فكل القضايا الأساسية في الشرق الأوسط- الصراع العربي- الإسرائيلي، العراق، إيران، الحاجة الى إصلاحات سياسية وإقتصادية، التطرف والإرهاب- هي أمور مرتبطة ببعضها البعض بشكل معقد ومتشابك. ولا أحد يشك بأنّ سوريا تتسبب بالمشاكل في المنطقة، لكن ليس بإمكاننا تمني زوال ذلك التأثير"، قال لي هاميلتون، أحد رئيسَيْ مجموعة دراسات العراق. " إنّ السوريين، من دون شك، جزء من المشكلة. وكانت وجهة نظر مجموعة الدراسات بأنّ علينا المحاولة لجعلهم جزءاً من الحل".

بيلوزي ليست القانونية الوحيدة التي تزور سوريا

واليوم، وضد رغبات البيت الأبيض، إلتقت بيلوزي مع الرئيس السوري بشار الأسد "لإجبار سوريا على المساعدة بإستقرار العراق ووقف دعمها لأعداء واشنطن في الشرق الأوسط". وفي الأسبوع الماضي، قال الناطق بإسم الإدارة الأميركية، شون ماك كورماك، للمراسلين: "من وجهة نظرنا، ليس الوقت ملائماً لأن يكون لدينا هذا النوع من الزوار الكبار الى سوريا". ومع ذلك فقد ذهبت وفود أخرى من مجلس الشيوخ، مؤخراً، الى سوريا من دون إعتراضات علنية من قِبَل البيت الأبيض. "إنه أمر مثير لأنّ ثلاثة من زملائنا، وكلهم جمهوريون، كانوا في سوريا أمس، ولم أسمع البيت الأبيض يقول شيئاً حيال ذلك"، قالت بيلوزي يوم الإثنين. "أعتقد أنّ ذهابهم كان فكرة ممتازة... وأعتقد أنها فكرة ممتازة أن نذهب نحن أيضاً".
وقد من ضمن أولئك الأعضاء في البرلمان النواب الجمهوريون، فرانك وولف، جوي بيتس وروبرت أديرهولت، والذي قيل بأنهم تحدثوا حول "إنهاء دعم سوريا لحزب الله وحماس، الإعتراف بحق إسرائيل بالوجود بأمن وسلام والتوقف عن التدخل في لبنان". كما زار أعضاء آخرون من الكونغرس سوريا في الأشهر الأخيرة، هم السيناتور آرلين سبكتر، بيل نيلسون، وجون كيري. وخلال زيارته، شدد سبكتر على "أهمية إعادة تنشيط الحوار بين الولايات المتّحدة وسوريا لتحقيق الأمن والإستقرار في الشرق الأوسط".

بالإضافة الى ذلك، وفي وقت سابق من هذا الشهر، كانت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية إيلين سويربري قد أجرت محادثات مع ديبلوماسي سوري كبير حول الكيفية التي كانت دمشق تكافح فيها صعوبات تدفق اللاجئين العراقيين إليها، وكانت تلك المرة الأولى التي جرت فيها محادثات كهذه في العاصمة السورية منذ أكثر من عامين.

وفود معارضة تقليدية وعادية للرئيس

وقد إستضافت محطة فوكس نيوز ستيف دوسي، الذي إتهم بيلوزي بـ "المرتزقة" بذهابها الى سوريا. "هنا الأمر، فما الذي تفعله هي إذاً؟ هذا شيء يقوم به الرئيس"، تساءل قائلاً. وقالت ويزبانغ، كتلة الجناح اليميني، بأنّ بيلوزي تجتمع مع الأسد "في معارضة مباشرة للرئيس، الذي هو الوحيد الذي بإمكانه وضع السياسة الخارجية لبلدنا". وأضافت الكتلة بأنّ الديمقراطيين "قرروا مواصلة سياستهم الخارجية الخاصة بهم".
ويوم الإثنين، قال رئيس البرلمان الأسبق Newt Gingrich: "أعتقد أنه من الخطورة بمكان بالنسبة لأميركا أن يكون لديها 535 وزيراً للخارجية و535 وزيراً للدفاع يصدف أن يكونوا جميعهم منتخبين للكونغرس الأميركي، دون أن يتم تعيين أحد منهم لهذه الوظائف". لكن بالواقع، "فإنّ دستور الولايات المتّحدة يقسم سلطات السياسة الخارجية بين الرئيس والكونغرس. وبذلك، يشارك كلاهما بصنع السياسة الخارجية".

لقد شجع إجتماع بيلوزي و صناع القانون الآخرين مع المسؤولين السوريين النظام( السوري) على التعاون مع الحكومة الأميركية. أما المحافظون، فلم يكونوا يقومون بالشيء نفسه دوماً. وفي العام 1997- عندما كان الرئيس كلينتون في السلطة- أخذ النائب دينيس هاستيرت وفداً برلمانياً للإجتماع بمسؤولي الجيش الكولومبي. وفي نفس الوقت، كان الرئيس والكونغرس "يلصقان شروط حقوق الإنسان ببرامج المساعدات الأمنية والتفاوض بشأن إتفاقية مراقبة رسمية مع وزارة الدفاع الكولومبي. وشجع هاستيرت المسؤولين الكولومبيين على "تجاوز القسم التنفيذي الأميركي" والتعامل مباشرة مع الكونغرس.

تصعيد "الهجوم الكلامي"

"لقد أوضحنا للمسؤولين البارزين، سواء كانوا ديمقراطيين أم جمهوريين، بأنّ الذهاب الى سوريا يرسل إشارات مختلطة"، قال الرئيس بوش للمراسلين يوم أمس. كما أنّ أنشطة إدارة بوش الأخيرة كانت واضحة جداً، فهي ترفض التحدث مباشرة مع سوريا "حتى توقف تدخلها في لبنان والعراق". "ورسالتي الى الشعب الإيراني هي: إن بإمكانكم القيام بأفضل من ذلك"، قال بوش.

أما بالنسبة لسوريا، أضاف قائلاً:" فالرسالة هي نفسها". وبدلاً من إشراك سوريا ديبلوماسياً لحل المشاكل في الشرق الأوسط، عملت إدارة بوش على إطلاق حملة لعزل وإحراج الرئيس السوري بشار الأسد، الذي "يمول بهدوء جماعات المعارضة". وفي الأسابيع الأخيرة، كانت الإدارة الأميركية قد "أصدرت سلسلة من الخطابات الهجومية ضد سوريا بإستخدامها لهجة أقسى وأشد من تلك التي كانت تحتفظ بها عادة لخصوم الولايات المتّحدة". "إنها كوبا الجديدة- لا يوجد لغة أقسى من هذه"، قال أحد المسؤولين الأميركيين.

ويشير وارن ستروبل بأنّ هذه الإستراتيجية "تحمل بصمات إليوت أبرامز، المساعد المحافظ في البيت الأبيض المسؤول عن دفع الأجندة الديمقراطية العالمية لبوش". وكان أبرامز أحد المخططين الأساسيين لحرب العراق و أحد المتهمين بفضيحة إيران كونترا، والمدعى عليه بصفته مذنباً بجنحة، بحسب مادتين قانونيتين، بخصوص إمساكه معلومات عن الكونغرس.
مقاربة شاملة للشرق الأوسط

إنّ موقف البيت الأبيض تجاه سوريا يتجاوز أكثر فأكثر ذلك الذي للمجتمع الدولي. فإدارة بوش كانت قد "طالبت بأن تكف إسرائيل حتى عن إتصالاتها الإستكشافية مع سوريا، والتي هي من نوع الإختبار عما إذا كانت دمشق جادة في النوايا المعلنة بشأن عقد محادثات سلام مع إسرائيل".

وفي إجتماع مع مسؤولين إسرائيليين، كانت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قوية بتعبيرها عن رؤية واشنطن بشأن المسألة: "لا تفكروا بها حتى". إلا أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت دعم زيارة وفد بيلوزي الى سوريا وألح عليها ببعث رسالة الى الأسد تقول بأنّ إسرائيل ستكون مستعدة لعقد محادثات مع سوريا- إذا ما إتخذت سوريا خطوات لوقف دعمها للإرهاب".

وبالإضافة الى مجموعة دراسات العراق، فإن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير ووزيرَيْ الخارجية الأسبقيْن، كولن باول وجيمس بيكر، كانوا قد إنتقدوا جميعاً عدم إستعداد إدارة بوش التحدث مع سوريا. ويشير جون ماك لافلين، نائب المدير الأسبق للمخابرات المركزية في ظل حكم بوش، بأنّ "حتى القوى العظمى عليها التحدث مع الأشرار... سيكون علينا تجاوز المفهوم الخاطئ بأنّ التحدث مع الأشرار هوبمثابة مكافأة لهم بطريقة ما، أو أنّ ذلك عبارة عن مؤشرضعف. فبصفتنا قوة عظمى، يجب أن نكون قادرين على التواصل بطريقة تشير الى قوتنا وثقتنا بأنفسنا".

وفهناك الآن 75 بالمئة من الأميركيين يدعمون إجراء محادثات أميركية مع سوريا.