وسط اعتياد الأزمات التي تجتاح اللحظات الحاضرة، وبعد أربع سنوات على سقوط بغداد يبدو كل شيء ممكن .. أو ربما يستطيع أي محلل سياسي تقديم وصف لما حدث أو تعليق الأزمة على الماضي.. لكن اللحظة الحاضرة تملك احتمالات مفتوحة، او على الأقل هكذا تبدو وفق معطيات يقرؤها المواطن العادي من خلال متابعته لنشرات الأخبار.

اللحظة الحاضرة ليست وليدة العدم .. واللحظة الحاضرة رغم ارتباطها بالماضي لكنها تمتلك خاصية استثنائية .. تمتلك ميزة أنها تعبر عن الفشل المستمر في إنجاب رؤية لما سنواجهه في المستقبل، لذلك فإننا نسأم في كثير من الأحيان من معالجة الماضي طالما أن معظمنا إن لم يعايشه أصبح معروفا له عبر طوفان التحليلات القادمة من المحطات الفضائية .. فهل جاء زمن نبش الحاضر .. وهل أتى وقت نستطيع فيه مراجعة قناعتنا حول الحاضر ..

إننا نملك بعض المعطيات التي لا بد ان نستعيدها اليوم بشكل دقيق، وربما علينا معرفة اننا نعيش شكلا لا يتكرر بشكل دوري .. فأن يحدث احتلال عسكري لدولة مجاورة، وان تصبح الاستباحة حالة عامة في شرقي المتوسط عموما، امر ليس اعتياديا .. فهل هناك ضرورة للحديث عن إرباك سياسي دولي بعد احتلال العراق .. وهل هناك ضرورة للتحليل عن عدم استقرار النظام العالمي وتحالفاته بعد احتلال العراق ..

لم يعد ممكنا اليوم البحث في أي تشكيل دون أن نضع في الاعتبار أن قانون "الاستباحة" لا نستطيع محاربته في الخارج .. وأن "منهج الاستباحة" هو نتاج عدم القدرة على وضع صورة لأنفسنا قبل كل شيء.

في لحظة الهزائم غالبا ما يتم مراجعة "الأفكار" .. فالهزيمة لا تأتي من العدم .. والاستباحة في فلسطين والعراق ليست بسبب أفراد .. "الاستباحة" كلية .. والهزيمة يجب أن ينظر إليها على أنها كلية .. أي هزيمة ناتجة عن طبيعة التفكير وعن النظام المعرفي الذي نستخدمه لبناء ثقافتنا وحياتنا...

فهل نستطيع نبش الحاضر لمراجعة الأفكار ....

مصادر
سورية الغد (دمشق)