في خطوة جديدة اعتبرها المراقبون تحديا حقيقيا للاسرة الدولية، وبعد ان طالبها مجلس الامن عبر ثلاثة قرارات متتالية بتعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم، أعلنت ايران أمس الاثنين الانتقال الى تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي.
وقال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في كلمة القاها في مصنع نطنز لتخصيب اليورانيوم بوسط البلاد "اليوم انضم بلدنا الى الدول المنتجة للوقود النووي على مستوى صناعي".
وتسمح هذه النشاطات النووية الحساسة بانتاج الوقود لمحطة نووية غير انه يمكن استخدامها لانتاج المادة الاولية لقنبلة ذرية.
وعلى الفور، توالت ردود الأفعال من كبرى عواصم القرار العالمي رافضة بشدة الخطوة الإيرانية، ففي واشنطن اعرب البيت الابيض عن "قلقه الشديد" لاعلان ايران الانتقال الى تخصيب اليورانيوم على مستوى صناعي، ورأى أن هذا الإعلان يبرر اسلوب العقوبات الذي اعتمده مجلس الامن الدولي، معتبراً أن إعادة النظر في التعاون الايراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية امر "غير مقبول".
من جانبه قال المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان اعلان طهران يمثل "تحديا لدعوة المجتمع الدولي الذي يطالبها بوقف انشطتها المرتبطة بالتخصيب".
واضاف المتحدث ان الاعلان "يدل على ان الاجراءات التي نتخذها مع اعضاء اخرين في مجلس الامن جيدة وانها شرعية نظرا لسلوك ايران".
واقر ماكورماك بان هذه الاجراءات "لم توقف الايرانيين بعد، لكننا نامل في ان يؤدي الضغط المتواصل على الايرانيين من جانب النظام الدولي برمته الى حملهم على تغيير سلوكهم".
واعتبر المتحدث ان خطاب الرئيس نجاد الذي قال ان الجمهورية الاسلامية ستدافع عن برنامجها النووي "حتى النفس الاخير"، يمثل "فرصة ضائعة" للنظام الايراني.
ومع الاعتراف بان معاهدة الحد من الانتشار النووي تسمح للدول الموقعة بتطوير برامج نووية مدنية، اشار ماكورماك الى ان مجلس الامن الدولي "لا يثق في تاكيدات ايران بشان الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي".
ومن المقرر ان تنشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نهاية ايار تقريرا جديدا حول البرنامج النووي الايراني وقد يشدد مجلس الامن عقوباته على طهران اذا كان هذا التقرير سلبيا.
واضاف المتحدث "رسالتنا الى الايرانيين هي ان هناك بديلا عبر التفاوض الذي يمكنهم بوساطته ان يحصلوا على الطاقة الذرية التي يطمحون اليها، لكن قادتهم رفضوا حتى الان محاولات المجتمع الدولي المعقولة جدا والمشروعة في مد اليد لهم".
وأوضح ماكورماك "ان ما نريده هو قادة ايرانيون يحسبون الثمن مقابل المكسب"، مشيرا الى الخسائر المادية والتجارية التي تسببها العقوبات الدولية لايران، مضيفاً "نحن لا نبحث عن ايرانيين معتدلين، انما عن ايرانيين يفكرون بعقلانية".
كما دعت الحكومة البريطانية ايران مجددا الى "الالتزام بقرارات" مجلس الامن المتعلقة ببرنامجها النووي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية ان التصريحات الاخيرة التي صدرت في ايران هي "خرق جديد لقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والامم المتحدة".
وتابع "ان ايران تدرك جيدا ما عليها القيام به، اي الالتزام بقرارات الامم المتحدة التي تقول بشكل واضح ان عليها تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم ونشاطاتها في مجال اعادة المعالجة قبل البدء بمحادثات حول برنامج نووي مدني".
كما دعت المفوضية الاوروبية ايران مجددا الاثنين الى "التعاون الكامل" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقبل كلمة احمدي نجاد، اعلن رئيس منظمة الطاقة النووية الايرانية غلام رضا اغازاده متحدثا من مصنع نطنز "اننا مجتمعون هنا اليوم للاحتفال بانتقال مشروع تخصيب اليورانيوم الى مستوى صناعي".
واوضح خلال حفل اقيم في المصنع بمناسبة يوم الطاقة النووية في ايران "بدء انتاج اجهزة طرد مركزي بكميات كبيرة" لتخصيب اليورانيوم.
وحذر الرئيس نجاد من ان بلاده لن تسمح للقوى الكبرى بوقف برنامجها النووي، غير ان كلا احمدي نجاد واغازاده امتنع عن كشف عدد اجهزة الطرد المركزي التي يتم تشغيلها في نطنز.
كما رفض نائب رئيس منظمة الطاقة النووية الايرانية محمد سعيدي ايضا كشف اي معلومات حول الموضوع، إلا أنه يفترض بايران تشغيل عشرات الاف الاجهزة للوصول الى انتاج صناعي.
وكانت طهران اعلنت في منتصف شباط للوكالة الدولية للطاقة الذرية انها نصبت سلسلتين اوليين جاهزتين للعمل في نطنز تتألف كل منهما من 164 آلة طرد مركزي وانها تعمل على تثبيت سلسلتين اخريين، على ان الهدف الاخير هو تثبيت ثلاثة الاف جهاز طرد مركزي في مصنع نطنز بحلول ايار 2007.

وسئل سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي لاريجاني ما اذا كانت ايران باشرت ضخ هكسافلورور اليورانيوم في اجهزة الطرد المركزي الثلاثة الاف فرد "نعم" بدون ان يحدد ما اذا تم نصبها كلها.
وتتسم مسألة عدد الاجهزة باهمية كبرى اذ يسمح تثبيت ثلاثة الاف جهاز طرد مركزي نظريا بالحصول خلال ما بين ستة اشهر الى 12 شهرا على كمية من اليورانيوم العالي التخصيب تكفي لصنع قنبلة نووية.
وتخشى الدول الكبرى ان تحول الجمهورية الاسلامية برنامجها النووي المدني لاستخدامات عسكرية من اجل انتاج القنبلة، فيما تنفي طهران على الدوام ذلك مؤكدة على ان برنامجها محض سلمي.
وقال احمدي نجاد "ان امتنا ستدافع عن حقوقها حتى النهاية" مضيفا ان "لا رجوع عن طريقنا نحو التطور، وسنستمر حتى نصل الى القمة ".
وتابع ان ايران "لن تسمح لبعض قوى الاستكبار بوضع عراقيل على طريق تقدمها مستخدمة نفوذها على الاسرة الدولية ".
وقال "عليهم ان يدركوا ان امتنا وقفت بايمان ووعي الى جانب قيادتها وستدافع عن حقوقها حتى النهاية"، محذراً من ان ايران "ستعيد النظر في موقفها" اذا ما مارست عليها الدول الكبرى مزيدا من الضغوط، بدون اضافة اي تفاصيل.
وتابع الرئيس نجاد "لقد سلكت بلادنا حتى اليوم طريقا سلميا فالتزمت بالقوانين التي اصدرتها القوى العالمية ويهمها مواصلة هذا الطريق"، مضيفاً "لكن عليهم ان يتجنبوا القيام بخطوة تحمل ايران على اعادة النظر في موقفها، اذ في وسع الامة الايرانية القيام بذلك".
وقال محذرا "يجدر بهم احترام حقوق البلدان".
كما حذر سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي لاريجاني من ان بلاده ستضطر الى الانسحاب من معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية اذا فرضت عليها ضغوط دولية اضافية بشأن برنامجها النووي.
وقال "لن يكون امامنا من خيار اذا ما خضعنا لمزيد من الضغوط سوى اعادة النظر في انضمامنا الى معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية، طبقا لما قرره مجلس الشورى"، في إشارة الى قانون اصدره مجلس الشورى العام الماضي يجيز للحكومة خفض تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كما حذر لاريجاني من انه "لن يكون امامنا من خيار اذا ما خضعنا لمزيد من الضغوط سوى اعادة النظر في انضمامنا الى معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية".

وتحتفل ايران بالذكرى الاولى لليوم الذي نجحت فيه في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3،5%، وهي النسبة المطلوبة لانتاج الوقود النووي.
وفرض مجلس الامن الدولي في قراريه الاخيرين 1737 و1747 عقوبات على برنامجي ايران النووي والصاروخي بسبب رفضها تعليق تخصيب اليورانيوم.

مصادر
وكالة الانباء الفرنسية (فرنسا)