من المقرر ان تكون الحكومة اللبنانية ارسلت ليل امس طلبا رسميا الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بأن يبحث مجلس الأمن إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي لمقاضاة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري والجرائم المرتبطة بها، وفق ميثاق المنظمة الدولية وإجراءات تتناسب معه، نظراً الى الصعوبات التي تواجه لبنان في عقد اجتماع للمجلس النيابي، ما يجيز للحكومة إبرام الاتفاق على المحكمة مع الأمم المتحدة.

وترأس رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عصر امس اجتماعاً وزارياً موسعاً للتداول في الخطوة التي ستأتي في ظل سجال سياسي متصاعد، وانقطاع الحوار بين الأكثرية والمعارضة.

وتوقعت مصادر وزارية ان تتضمن رسالة السنيورة الى الأمانة العامة عرضاً تفصيلياً للواقع الراهن، وأن تنص على إحالة الحكومة الأمر عليها «انطلاقاً من شعورنا بأنه لا بد لمجلس الأمن من ان يتحمل مسؤوليته في صدد إقامة المحكمة». كما ان رسالة السنيورة ستذيل ايضاً بمذكرة النواب السبعين مجدداً، لإطلاع مجلس الأمن على المأزق الذي وصلت إليه آلية إقرار المحكمة في البرلمان. ورجحت ألا يقترح السنيورة في الرسالة صيغة محددة على بان كي مون، وأن يترك الحرية لمجلس الأمن في اتخاذ المناسب.

على صعيد آخر، سجِّل صدور ادعاء من القضاء العسكري اللبناني على 52 شخصاً 14 منهم موقوفون، ينتمون الى تنظيم «القاعدة» بتهمة «تأليف عصابة للقيام بأعمال إرهابية والنيل من سلطة الدولة والحض على القتال والتخريب وحيازة مواد متفجرة وأسلحة». وقالت مصادر قضائية ان بين الـ 14 الموقوفين، سعودياً وسورياً وفلسطينياً و11 لبنانياً، وأنه يتم البحث عن آخرين تدربوا على السلاح والعبوات في مخيم في منطقة طرابلس الشمالية. وأوضحت المصادر ان هؤلاء افادوا انهم كانوا ينوون الذهاب الى العراق وبعضهم بحث في إمكان استهداف قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان.

رسالة سعودية الى بري

وبينما تواصل السجال بين الأكثرية والمعارضة امس، وتواصلت ردود قوى 14 آذار على خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي ألقاه الأحد الماضي وانتقد فيه نظام المحكمة ذات الطابع الدولي، وخيّر الأكثرية بين القبول باستفتاء أو انتخابات نيابية مبكرة أو بقاء الوضع مجمداً حتى الانتخابات العادية بعد سنتين، علمت «الحياة» ان السعودية أبلغت رسمياً السبت الماضي رئيس المجلس النيابي نبيه بري انها تشكره على اقتراحه عقد الحوار اللبناني في الرياض برعايتها، للبحث في حل الأزمة اللبنانية الراهنة، «لكننا نفضل ان يتفق اللبنانيون في بيروت» وأن القيادة السعودية ترحب باللبنانيين على أرضها بعد اتفاقهم على الأرض اللبنانية. وذكرت مصادر واسعة الاطلاع ان السفير السعودي عبدالعزيز خوجة نقل الرسالة الى بري بعدما تدارس كبار المسؤولين في المملكة اقتراح رئيس المجلس ملياً وفضّلوا ان يتم الحوار في لبنان لتذليل العقبات مع استعداد المملكة لاستضافتهم لإعلان توافقهم حتى لا يأتي الفرقاء اللبنانيون إليها فيعجزون عن الاتفاق فيشكل هذا الأمر فشلاً لجهودها بتشجيع حوارهم.

وعلمت «الحياة» ان خوجة ابلغ بري نصيحة الرياض بضرورة تجديد الحوار بينه وبين زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري الذي تحفظ عن اقتراح لبري باستئناف الحوار من طريق مندوب من كل منهما، معتبراً اياه تراجعاً. وكان الحريري اتصل ببري قبل سفره الجمعة الماضي لاقتراح تجديد اللقاءات معه مرتين لكن الأخير تريث في ذلك.

جعجع

الى ذلك، هاجم رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بعنف امس مواقف نصر الله فاتهمه بمنع قيام الدولة وبتحريض الجيش اللبناني على التمرد. وقال جعجع ان نصر الله «مؤمن بالجهاد من أرض السلام الى اندونيسيا ويمكنك القيام بذلك لكن ليس على حساب الشعب اللبناني»، كما اتهمه بالغش معتبراً ان لديه مقاييس تكون الأمور معها جيدة عندما تكون في مصلحته وتصبح ظالمة وفاسدة إذا لم تكن كذلك. وقال ان أي شيء يذهب عكس اتجاه التاريخ لن يكتب له النجاح، داعياً «حزب الله» الى التخلي عن «ادوار يضع يده عليها بالقوة، ومؤكداً ان «الدولة لا يمكن ان تقوم إلا اذا حصرت كل الأمور الاستراتيجية فيها ونحن لا نريد ان ننزع سلاح حزب الله ونضعه لدى غيره». واعتبر جعجع ان نصر الله لا يريد تحرير مزارع شبعا، وقال انه يستحيل قيام حكومتين او رئيسين في لبنان لأن الحكومة تأخذ الثقة من المجلس النيابي وانتخاب رئيس الجمهورية يتم في البرلمان، والجميع يعرف الأكثرية في اي اتجاه. ورد على متهمي النواب الذين وقّعوا عريضة الى بان كي مون فقال ان الخيانة العظمى تطاول الذين تكلموا بها خصوصاً الذين «رهنوا لبنان لضباط مخابرات في عنجر...».

اما في ما يخص الاجتماع الوزاري الموسع الذي ترأسه السنيورة امس فجاء بعدما قدم له نائب رئيس البرلمان فريد مكاري وسلمه نص العريضة التي رفعها النواب الى الأمانة العامة للأمم المتحدة، لتكون مستنداً لرسالته الى بان كي مون كي يعرض اسباب عدم إقرار المحكمة في البرلمان، سواء بعدم قبول الرئيس اميل لحود فتح دورة استثنائية وعدم دعوة الرئيس بري البرلمان للاجتماع لبحث مشروع المحكمة، ورفضه تسلم مشروع الاتفاق مع الأمم المتحدة، بحجة ان الحكومة غير دستورية وفاقدة الشرعية.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)