يرتبك المنظرون المياومون اليوم في تقييمهم لعلاقة الناطقين بالعربية مع اوربا، حيث ينشقون الى نصفين او اكثر في محاولة لفش الخلق والاستفادة من منجزات اوربا التقنية ، فيغوصون في وحول التاريخ والنوايا موصفين سيرورة التاريخ اما على اساس سوء الحظ، أو على اساس الحقد الدفين ، متناسين قي الوقت ذاته ان اوربا نفسها اسم سوري اتخذه الاوربيون اسما لقارتهم دون أي شعور بالمازوخية كما عبر عنها احد الكتبة حين وصف المفكرين العرب أمثال طه حسين وسلامة موسى الذين تأثروا بالمنجز الاوربي، حيث تركوا انفسهم يتأثرون دون ان يأخذوا المواقف الاوربية الاستعمارية بعين الاعتبار!!

انطلاقا من الحروب الصلبية (طبعا مع افراغ المسؤلية عن الرد العثماني) وانتهاء بحرب الارهاب (القصدية بينما 11 ايلول لسوء الحظ)، ناعيا على كل من يتأثر (بالغرب / اوربا) رضاه بهذا المنجز المشبوه بخيانة من نوع ما ، وعلى الاغلب هي من النوع التراثي ، وكأن المنجز الفكري الاوربي هو منجز متقوقع داخل تراثه وجيناته وليس ابن الحضارة البشرية جمعاء التي ساهمنا بها كغيرنا ، وكأنه علينا ان نرفض السيارة والطائرة اذا ما تحققنا انها منتجات اوربية في مواجهة عبثية مع نوايا اوربا الاستعمارية . ...

لا يا سيدي طه حسين وسلامة موسى وغيرهم الكثير لم يكونوا مازوخيين ولا متناقضين ولا تشوبهم خيانة ايدلوجية ولا خروج عقائدى فالفكر هو الفكر والعقل هو الحكم في تقييم صلاحيته ، ولا ينفع خلطه لا بالنوايا ولا بالسياسة الاجرائية ولا بأوهام الشعارات، ولا بالانجرافات العاطفية العصابية ، لقد قدمت اوربا المفهوم الفلسفي الحديث ونظريات القومية والامة التي لما نزل (نلغبص ) بها مع ايماننا العميق بالامة والقومية فكيف لنا أو علينا ان نؤمن بشيىء ونناضل ضده؟

ان طه حسين وسلامة موسى لم يقعا في التناقض الذي وقع فيه الكاتب المرتبك الذي تهافت بالعلاقة الفكرية مع اوربا الى درك شديد السذاجة ، وهنا لا اطلب منه استبدال البدلة الحديثة كملابس بالشروال او الغلابية، ولا ان يسافر الى دبي فوق جمل ولكني اسأله هل يرفض دواء اخترعه اعدى اعدى اعدى اعدائه.. .