قالت مصادر ديبلوماسية لـ «الحياة» امس ان محادثات نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف في دمشق اظهرت وجود «تطابق» في الرأيين السوري والروسي من ان اقرار المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، سواء بموجب الفصل السابع او السادس من ميثاق الامم المتحدة، سيؤدي الى «تأزم ممكن ان يتحول في مرحلة ما الى حرب أهلية في لبنان».

وأكدت مصادر اخرى لـ «الحياة» امس وجود «اتصالات مكثفة» بين دمشق والرياض للعمل على تشجيع الاطراف اللبنانية لحل الازمة اللبنانية في اسرع وقت ممكن، بحيث ينطلق الحل «من توافق لبناني داخلي تدعمه الاطراف العربية ويحصن دولياً». وتكثفت الاتصالات مع دمشق، قبل الزيارة المقررة للأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الثلثاء المقبل. وشملت الى لقاء وزيري الخارجية السوري وليد المعلم والسعودي الأمير سعود الفيصل في القاهرة، اتصالات رفيعة اخرى بين دمشق والرياض، بالتزامن مع محادثات سلطانوف في دمشق.

وأوضحت المصادر الديبلوماسية ان سلطانوف اطلع الجانب السوري على نتائج محادثاته في بيروت، وملاحظته ان «الفجوة تزداد في مواقف الاطراف المعنية، وان وجهات النظر متضاربة»، مع اشارته الى وجود «تدخلات» من اطراف عدة بينها السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان، الأمر الذي دفع المسؤول الروسي للخروج بانطباع ان «الوضع خطر وممكن ان ينزلق الى المواجهة».

ولاحظت المصادر ان القناعة الروسية كانت «متطابقة» مع الموقف السوري القائم على ان «الوضع ممكن ان يفجر بحرب اهلية جديدة» وان استعجال تشكيل المحكمة من دون توافق لبناني داخلي «يؤدي الى الانفجار» وان اقرارها سواء بموجب الفصل السادس او السابع من ميثاق الامم المتحدة «ستكون النتيجة واحدة، من ان ذلك يؤدي الى التأزم الذي ربما ان يتحول في مرحلة ما الى حرب أهلية». وقالت المصادر ان سلطانوف لاحظ ان معظم المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم «كانوا يظهرون على وجوههم ملامح تأييد تحليله. لكن الامور كانت تسير في شكل مختلف على الأرض. اذ ان كل طرف يشد الامور باتجاهه».

وتابعت المصادر ان سلطانوف كرر في لقاءاته في دمشق وبيروت ان بلاده «تفضل اقرار المحكمة ضمن الاجراءات والمؤسسات الدستورية اللبنانية»، مشيرة الى انه «ليس هناك اي دولة تعارض انشاء المحكمة لمعاقبة منفذي ومخططي ارتكاب الجريمة. لكن لا بد من ان يكون هذا العقاب في المسار الجرمي وليس السياسي وان لا يكون هناك اي اتجاه او نية لتسييس الجريمة».

وقالت المصادر الديبلوماسية ان الجانب السوري ابلغ الروس ان «هناك محاولات سعودية - سورية وجهوداً عربية جديدة، لتشجيع اللبنانيين للعودة الى التعقل» وان «الاطراف العربية واعية لخطورة الوضع»، وان هناك استذكاراً لتجربتي 1943 و1989 عندما جرت «رعاية عربية لحل لبناني». لكن المصادر قالت ان المحادثات السورية -الروسية تضمنت ملاحظة الطرفين «استعجال» الرئيس جاك شيراك تشكيل المحكمة قبل خروجه من قصر الاليزيه في 15 الشهر المقبل «وفق ما وعد عائلة الحريري»، بحسب المصادر. واذ اشارت المصادر الى ان الرئيسين الاميركي جورج بوش والفرنسي شيراك يتحدثان في جلساتهما المغلقة ان «الاصوات التسعة لاقرار المحكمة في مجلس الامن، هي في جيوبهما»، قالت ان زيارته سلطانوف «لا علاقة لها» بالتصويت في مجلس الامن الذي يتخذ وفق المعطيات المتوافرة وقتذاك، بينها ان موسكو لم تستخدم الفيتو منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. ولفتت الى ان الزيارة كانت «استطلاعية» وانها ستنعكس في القرار الروسي بحيث تتحرك موسكو مع العواصم الاخرى لـ «عدم الدفع باتجاه مجلس الامن، بل باتجاه تشجيع اللبنانيين على التوافق».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)