أكتب إليك هذه الرسالة و أنا في غاية الحبور والسعادة...

أخيرًا يا جدتي، تحقق الهدف المنشود! يا سلام.. سأزفّ لك خبراً ساراً بل مفرحاً، ستضربين الأرض بقدمك اليسرى التي ما زالت سليمة والحمد لله.. وتطيرين من الفرح لدى سماعك إياه.. ستلثمين كل ما هو حولك.. وقد تحضنين شجرة الزنزلخت أمام بيتك الطيني وتدورين حولها برشاقة طفلة.. وتركضين وراء الدجاجات وتقبّلينها الواحدة تلو الأخرى.. وكذلك صيصانها.. وحتى البقرة التي أعرف أنك لا تحبينها كثيرًا..

ولكن على رسْلك يا جدتي! فأنت ولا مؤاخذة أصبحتِ عجوزاً وأخشى عليك فقدان الاتزان فيصيبك مكروه لا سمح الله.
آه يا جدتي! كم ستزغردين احتفالاً بهذا الحدث العظيم الذي طال انتظاره!
ياه..! كم ابتهلت وصليت حتى استجاب القدر.

أكاد لا أصدق، ولولا أنني متأكد منه شخصياً, وأراه وألمسه عيانياً, لما صدقت نفسي!
ياه...! لقد حصل ما سوف يقلب حياتنا رأساً على عقب..!
لا شك أنكِ غدوتِ متلهفة لمعرفة هذا الخبر الآسر!
لا تجزعي! سأخبرك به فوراً إذ لا أستطيع التريث أكثر من ذلك!

لكنني بصراحة، متردد كثيراً يا جدتي وأخشى عليك عدم السيطرة على أعصابك لدى سماعك هذا الخبر المذهل!
صحيح أن الحياة متعثرة، ولا تسير بخط مستقيم كشارع نيفسكي في روسيا كما يقول بعض الشيوعيين. ولكن يبدو أن الريح تمشي أحيانًا بمشيئة الملاح. ولهذا أتلعثم فرحاً.. ويمكنك القول أن بشائر الخير قد بدأت بالهطول علينا مدرارة..
أرجوك لا تعتبي عليّ في لقائنا القادم, لأنني أطلت عليك حتى أخبرتك بهذا الحدث الباهر بروعته..
وها أنذا أقبّل يديكِ المعروقتين الطاهرتين, وأنقل إليك هذا النبأ المبهج , بكل فخر واعتزاز وإباء لقد: ... ! يا إلهي! مازلتُ متردداً..

أرجوك يا جدتي اضبطي أعصابك أولاً، و حاولي أن تكوني عادية تماماً, واعتبري أن هذا الخبر يمكن أن يحصل مع أي شخص أو جماعة, كل أربع سنوات. لأن حصول هذه النتيجة ليس بمستحيل أو معجزة! صحيح أنه رائع وعظيم ومدهش ومفرح لدرجة الطرب؛ ولكن يمكن أن يتكرر حدوث هذا الأمر المثير الذي سوف أطلعك عليه فوراً. إذ من غير الجائز أو اللائق أن تشرف الرسالة على النهاية و لم أذكر لك بعد، مضمون الخبر. وسوف أتفجّر إذا ما أضمرته أكثر من ذلك. لهذا سأبقّ البحصة أخيراً وأقول: أن القائمة المقدسة – أعني – قائمة الجبهة قد فازت بانتخابات مجلس الشعب وحازت على أعلى نسبة من الأصوات..!!؟ نعم أعلى نسبة! تصوري يا جدتي ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!
‍‍‍‍
حفيدك :
ضيا اسكندر